رغم مرور نحو أسبوعين على الهجوم الوحشي الذي يشنه جيش الاحتلال الصهيوني على لبنان، بزعم تدمير حزب الله وإعادة سكان شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة وإنشاء منطقة عازلة داخل الجنوب اللبناني، وإجبار قوات حزب الله على التراجع إلى ما وراء نهر الليطاني، إلا أن واقع المعارك البرية يكشف عن الفشل الذريع لجيش الاحتلال أمام ضربات قوات حزب الله، مع تصاعد أعداد القتلى والمصابين بين قواته .
الخبراء أكدوا أن العملية العسكرية التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني جاءت كمحاولة للهروب من مستنقع غزة والتي لم يستطع جيش الاحتلال على مدار سنة كاملة منذ بداية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 تحقيق أي من أهدافه فيها سواء القضاء على حركة حماس أو إعادة الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية .
وتوقع الخبراء أن يلجأ نتنياهو إزاء هذا الفشل في هاتين الجبهتين إلى اشعال الجبهة الإيرانية، من خلال توجيه ضربات قوية لإيران، محذرين من أن هذه الخطوة تهدد بإشعال حرب إقليمية فى المنطقة .
احتلال الجنوب
من جانبه، قال الباحث في العلاقات الدولية عمرو حسين: إن “إسرائيل تتخذ من ذريعة إعادة توطين سكان الشمال فرصة لإعادة احتلال جنوب لبنان، وهو ما يتماشى مع تطلعات اليمين المتطرف في إسرائيل لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”.
وأكد حسين في تصريحات صحفية أن إسرائيل تسعى أيضًا إلى التخلص من القوى المدعومة من إيران في المنطقة، من خلال توجيه ضربات قوية لحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، مشيرًا إلى تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل قادرة على الوصول إلى أي مكان في إيران تنذر بإشعال حرب إقليمية.
منطقة عازلة
وقال المحلل السياسي أحمد كامل بحير: إن “وحدات حزب الله القتالية قادرة على اتخاذ القرارات الإدارية، والدليل على ذلك، أن قوات الحزب تخوض المعركة رغم ما يتردد حول انقطاع عمليات الاتصال بين قادة الحزب والوحدات العسكرية، بعد عمليات الاغتيال التي طالت الكثير من قيادات حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، مشيراً إلى أن من يتخذ القرارات العسكرية هم القادة الميدانيون بما في ذلك إطلاق الصواريخ على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمواجهات مع قوات الاحتلال”.
وأضاف «بحيري»، في تصريحات صحفية أن عمليات المواجهة بين حزب الله وقوات الاحتلال الصهيوني تتم في الجليل الأوسط في بلدات عيتا الشعب ومارون الرأس، ومن أصبع الجليل، أو ما يطلق عليه الجنوب الشرقي للبنان، عبر بلدات كفر كلا والعديسة.
وأوضح أن الملفت في الاجتياح البري الصهيوني الحالي لجنوب لبنان، أن كل تصريحات المتحدث لجيش الاحتلال، يطالب فيها بإخلاء القرى الموجودة في نهر الأولى، وليس على عكس المتوقع لشمال نهر الليطاني.
وأشار «بحيري»، إلى أنه على الرغم من أن الحديث يدور حول أن العملية البرية الصهيونية في جنوب لبنان هدفها إبعاد قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وإنشاء منطقة خالية من قواته، وأن يتولى عمليات التأمين قوات حفظ السلام، والجيش اللبناني، إلا أن ما جاء من طلبات جيش الاحتلال للسكان المدنيين بإخلاء القرى الممتدة على نهر الأولي، يدلل على أن الاحتلال يسعى إلى تفريغ جنوب لبنان لمسافة 61 كيلومتراً.
خطة بديلة
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد حسن جوني: إن “جيش الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تدمير حزب الله اللبناني من الرأس، منتقدا مواصلة الحزب عقد اجتماعات لكبار قادته، في منطقة الضاحية الجنوبية، قبل معرفة الثغرة الأمنية التي تمكن الاحتلال من استهداف كبار قادة الحزب منها في الأسابيع الأخيرة”.
وأكد جوني في تصريحات صحفية أن القيادة الصهيونية اتخذت قرارا صارما باستهداف جميع أركان وقيادات حزب الله، مشددا على أن هدف العمليات التي يقوم بها جيش الاحتلال ليس إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم، بل تدمير منظومة حزب الله كلها.
واستبعد أن تنجح إسرائيل في تحقيق هدفها، لأن تدمير حزب الله شيء وقتل قياداته شيء آخر، مشيرا إلى أنه بعد غياب حسن نصر الله لم يعد التأثير قويا ومؤثرا مهما كانت الشخصية الأخرى التي تتولى قيادة الحزب .
وأشار جوني إلى أن القيادة البديلة لحزب الله تقوم حاليا بتنفيذ الخطة البديلة، كما أعلن عن ذلك نعيم قاسم نائب الأمين العام.
حسم المعارك
وأكد الخبير العسكري عصام ملكاوي، أن ضربات الاحتلال الإسرائيلي الجوية لا يمكن أن تحسم المعركة، مشيرًا إلى أن القوات البرية، هي من تحسم الحرب.
وقال ملكاوي في تصريحات صحفية: “من الناحية العسكرية لا يمكن أن تؤدي الطائرات إلى حسم المعركة، أو الحصول على نصر وما يحسم المعركة هي القوات البرية”.
وأضاف: لابد أن يسبق الهجوم البري ضربات من الطيران والمدفعية لتنظيف الأرض أمام القوات البرية وإسرائيل تتعامل مع جنوب لبنان بطريق الجيوش النظامية، ولكن الواقع على الأرض هو غير ذلك، وما يحدث عمليات عسكرية قتالية لا متناظرة، ولابد أن يكون هناك تلاحم وجها لوجه والمشكلة تكمن في ضعف الجندي الصهيوني، الذي لا يستطيع أن يقاتل وجها لوجه”.
وتابع ملكاوي: الواقع على الأرض هو غير ذلك إطلاقا هو عمليات عسكرية قتالية لا متناظرة، مشيرا إلى أنه خلال الأيام الماضية تابعنا كيف أخفقت إسرائيل في الدخول بريا إلى جنوب لبنان، والسبب ليس عجزا في القدرات العسكرية من السلاح والتكنولوجيا بقدر ما هو ضعف القدرة البشرية لدى الاحتلال الصهيونى وتفوق القدرة لدى المقاتل في جنوب لبنان وقطاع غزة والنصر البشري في المعركة الآن، هو الفيصل في القتال ما بين الاحتلال والمقاومة في جنوب لبنان وفلسطين المحتلة .
وأوضح ملكاوي أن الضربات الجوية تحدث الأضرار والتدمير والقتل، لكن إذا نظرنا للعقيدة العسكرية الصهيونية فهي تعمل بناء على ما يسمى القتل والتدمير الساحق للبنى التحتية والبشرية .