في مواجهة بطش المنقلب السفاح السيسي ونظامه المكشوف، الذي يصر على بيع كل شيء سواء بموافقة الشعب أو إجبارهم بقوة السلاح، كما يحدث يوميًا في الوراق، حيث يواجه سكانها قمعًا عسكريًا غير مسبوق، أطلقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أمس عريضة لدعم وتأييد مطالب عائلات جزيرة الوراق، تدعو العريضة إلى رفع الحصار الأمني المفروض على الجزيرة، وتوفير منازل بديلة لأهاليها بعد عملية التطوير، إلى جانب مطالب أخرى تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر مجلس عائلات الجزيرة الذي عُقد يوم الجمعة الماضي.
المطالب الخمسة
عقد مجلس عائلات الجزيرة يوم الجمعة الماضي مؤتمرًا انتهى إلى خمس مطالب تم تقديمها للجهات المعنية بالدولة، وهي:
تَملك الأهالي لمنازلهم في الجزيرة بعد تطويرها، وعودة الخدمات المتوقفة، وإنهاء التضييق على المعديات، وإدراج اسم سيد حسن الجيزاوي، الذي قُتل في اشتباكات بين الأمن والسكان خلال محاولة إخلاء الجزيرة عام 2017، ضمن أسماء الشهداء وتعويض أسرته، واستكمال علاج المصابين في تلك الاشتباكات، واختيار مجلس إدارة يمثل عائلات الجزيرة.
وقالت المفوضية في بيان على فيسبوك إن “الموقعين على العريضة يطالبون الحكومة برفع الحصار الأمني المفروض على أهالي جزيرة الوراق منذ عام 2017 وحتى اليوم، والذي نتج عنه استحواذ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على ما يقرب من 71% من أراضي الجزيرة بالإكراه.”
وحسب المفوضية، يواجه سكان جزيرة الوراق منذ 16 يوليو 2017 اقتحامات متكررة من قوات الشرطة لإخلاء منازلهم بالقوة، مما أسفر عن مقتل أحد السكان وإصابة العشرات، ولا يزال عدد من الأهالي رهن الاحتجاز بتهم “الانضمام إلى جماعة إرهابية”، وفق البيان.
وتكررت الاشتباكات بين سكان الجزيرة والأمن خلال السنوات الماضية، وكان آخرها ما حدث أواخر سبتمبر الماضي عندما وقعت اشتباكات بسبب تعدي أحد الضباط بالضرب على ثلاثة من أبناء الجزيرة، دفع هذا الأهالي إلى التجمع بالقرب من الكمين الشرطي للاحتجاج على تصرف الضابط والمطالبة باعتذاره للمعتدى عليهم، حسب تصريحات مكرم محروس، أحد أبرز أهالي الجزيرة الذين يتمسكون بممتلكاتهم.
واعتبرت المفوضية “أن ممارسات الحكومة من تجريف الأراضي الزراعية في الجزيرة تمثل تهديدًا لاستدامة البيئة الطبيعية، مما يقضي على المصادر الحيوية والموارد الطبيعية التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية”.
وأشار بيان المفوضية إلى أن الحكومة تبرر موقفها بضرورة إخلاء الجزيرة لتنفيذ مشروع “مدينة حورس”، الذي يسعى إلى تحويل الجزيرة إلى مركز تجاري عالمي يضم أبراجًا سكنية وتجارية وفنادق. وترى الحكومة أن تحقيق الأرباح من هذا المشروع المالي والتجاري أفضل من الحفاظ على الطبيعة الزراعية المستدامة للجزيرة.
وأضافت المفوضية: “تنتهك السياسات الحكومية الدستور المصري، الذي يجرم عمليات التهجير القسري في المادة 63، كما تخالف الحكومة المعاهدات والمواثيق الدولية التي تؤكد ضرورة التفاوض مع الأهالي قبل الشروع في أي مشروع تنموي.”
وأردفت: “الحصار الأمني المفروض على الجزيرة ينتهك حقوق السكان الأساسية في الحياة والسلامة الشخصية، يعيش سكان الوراق تحت حصار مستمر، مما دفعهم إلى تنظيم احتجاجات متواصلة.”
وأكدت المفوضية ضرورة ألا تؤدي عمليات الإخلاء إلى تشريد الأفراد أو انتهاك حقوق الإنسان الأخرى، مع التزام الدولة بتوفير سكن بديل للمتضررين الذين لا يستطيعون إعالة أنفسهم، وتنفيذ عمليات الإخلاء وفق القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وضمان التشاور الحقيقي مع المتضررين ومنحهم مهلة كافية.
اعتداءات حديثة
قبل يومين، اشتكى أهالي الوراق من ممارسات أفراد الأمن والجيش المنتشرين بالجزيرة، فقد اعتدى بعض رجال الأمن والجيش على أبناء المواطنين من طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي، الذين قاموا بحجز أحد ملاعب كرة القدم التي تؤجر بالساعة للعب، ومنعوهم من اللعب بحجة أنهم “بلطجية من جزيرة الوراق”، وذلك في إحدى المناطق المجاورة للجزيرة.
وسبق أن قامت قوات الأمن والجهات الحكومية بهدم العديد من المساجد والمدارس، بالإضافة إلى الجمعية الزراعية ومكتب البريد الوحيد بالجزيرة، في محاولة لإجبار الأهالي على مغادرة الجزيرة، بعد منع دخول مواد البناء والتهديد بوقف الخبز وإغلاق الوحدات الصحية.