حققوا أرباحًا كبيرة للشركة.. لماذا ترفض حكومة الانقلاب منح عمال ألومنيوم نجع حمادي حقوقهم؟

- ‎فيتقارير

مع تدهور مستوى المعيشة وتراجع الدخول وارتفاع الأسعار في عهد الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، لجأ العمال والموظفون إلى تنظيم احتجاجات واعتصامات، وأحيانًا يصل الأمر إلى الإضراب عن العمل وتوقف الإنتاج أو تقديم الخدمات، وذلك بسبب إصرار حكومة الانقلاب على عدم منح العمال حقوقهم القانونية والمشروعة وحرمانهم من الكثير من الامتيازات التي كانت تمنح لهم سابقًا، بل وفرض أعباء عليهم، سواء كانت مالية أو زيادة في ساعات العمل بدون مقابل.

هذه الأوضاع المأساوية دفعت عمال مصنع نجع حمادي بمحافظة قنا للألومنيوم إلى تنظيم إضراب عن العمل، احتجاجًا على تقليص أرباحهم السنوية إلى النصف، رغم نجاحهم في زيادة معدل الأرباح لتصل إلى ثلاثة أضعاف قيمتها خلال العام الماضي.

ومع عدم الاستجابة لمطالبهم، دخل عمال شركة مصر للألومنيوم في إضراب كلي داخل أماكن العمل، بعد إضراب جزئي واحتجاجات بدأت باعتصام، وذلك بعد قرار الشركة بتقليص نسبة العمال من الأرباح إلى النصف.

 

عوائد تصديرية

 

يُذكر أن العضو المنتدب لشركة مصر للألومنيوم، محمود عجور، قد كشف في تصريحات سابقة أن الشركة حققت عوائد تصديرية بقيمة 540 مليون دولار خلال العام الجاري.

وبحسب بيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، صدرت مصر منتجات من الألومنيوم ومشتقاته بقيمة 415 مليون دولار في النصف الأول من العام الحالي 2024، مقابل 378 مليون دولار في العام الماضي، بنسبة نمو 10%.

تأسست شركة مصر للألومنيوم (EGAL) في يوليو عام 1976، وهي إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، ومدرجة في البورصة منذ يوليو 1997، وحققت مصر للألومنيوم نموًا في نسبة صافي أرباحها عن أعمالها غير المدققة خلال الفترة من 1 يوليو 2023 إلى 30 يونيو 2024، بحسب بيان البورصة المصرية.

 

استفزاز متعمد

 

من جهتهم، اعتبر العمال ما يجري استفزازًا متعمدًا لمشاعرهم، مؤكدين أنه خلال العام الماضي لم تتجاوز الأرباح ثلاثة مليارات جنيه، ومع ذلك حصل العمال على أجر 58 شهرًا كنسبة أرباح، في حين أن العمل على مضاعفة هذا الإنتاج بجهودهم لم يقابل إلا بالتجاهل.

من جانبها، صمتت النقابة العامة عن مطالبات العمال، وكعادتها لم تتدخل اللجنة النقابية لمحاولة التفاوض مع الإدارة، مما اضطر العمال إلى الإضراب جزئيًا عن العمل حفاظًا على خطوط الإنتاج ومعدات المصنع، خصوصًا الخلايا التي تعد العمود الفقري لعملية إنتاج الألومنيوم.

يعمل في مصنع نجع حمادي للألومنيوم حوالي 4500 عامل، جميعهم أفنوا أكثر من عشرين عامًا من حياتهم في العمل، حيث توقفت الشركة عن تعيين عمال جدد منذ سنوات واكتفت بعمال المقاول الذين يعملون دون أي ضمانات اجتماعية حقيقية، كما أن أغلب إنتاج المصنع يصدر إلى الخارج بالعملة الصعبة، ومع ذلك تحاول الإدارة كل عام التهرب من دفع أرباح العمال كاملة، مما يفقد العمال انتماءهم إلى الشركة ويجعلهم يشعرون بالسوء تجاه مكان العمل الذي أمضوا فيه معظم حياتهم.

في المقابل، يُعاني أغلب العمال من أمراض العظام، وأشهرها هشاشة العظام، حيث تتسبب الغازات المنبعثة من صناعة الألومنيوم، خصوصًا غاز فلوريد الهيدروجين، في إصابتهم بهذه الأمراض منذ سن مبكر، ومع ذلك، لا يمنحهم المصنع أي بدل مالي مقابل المخاطر التي يتعرضون لها يوميًا.

 

وعود هاتفية

 

من جانبه، قال أحد العمال المشاركين في الإضراب، مفضلًا عدم ذكر اسمه، إن عددًا من قيادات الشركة حضروا إلى الشركة وأعلنوا رفضهم التام لمطالب العمال، من بينهم محمد السعداوي رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية (العضو المتفرغ) والعضو المنتدب للشركة، محمود عجور، فيما حضر إلى اعتصام العمال عضوا مجلس النواب أسامة الهواري والنائب سيد المنوفي للتوسط بين الشركة والعمال، لكن قيادات الشركة تركت النواب وغادرت، مصرّين على رفض مطالب العمال.

وأضاف أن العمال تلقوا وعودًا “هاتفية” بعد تلقيهم اتصالات من عدد من نواب البرلمان، من بينهم رحاب الغول، الذين أفادوا بأنهم سيبحثون مطالب العمال مع وزير الصناعة.

 

الأرباح

 

قال عامل آخر إن نصيب العمال من الأرباح يقدر بنسبة 12% منذ 4 سنوات، وفقًا لما تقرر الشركة أنه بناءً على اللوائح ولتعرض الشركة للخسارة.

وأضاف العامل: “فهمنا الوضع وتماشينا معه، لكن إنتاج الشركة زاد هذا العام، وصافي الأرباح مرتفع”، حيث يبلغ صافي أرباح الشركة 9 مليارات و530 مليون جنيه، وهو ما يستحق عليه العمال نسبة من الأرباح عن 136 شهرًا، لكن الجمعية العمومية للشركة قررت صرف 66 شهرًا فقط، مما يعني انتقاص نسبة الأرباح المستحقة للعمال إلى النصف تقريبًا.

 

توقف العمل

 

أكد أحد العمال أن الإضراب الشامل امتد ليشمل وقف سحب المعدن من الخلايا وتوقف العمل بشكل كامل حتى تحقيق مطالب العمال بالحصول على النسبة المستحقة لهم من الأرباح، بالإضافة إلى تعيين العمال المؤقتين، وزيادة بدل الوجبة وبدل غلاء المعيشة وزيادة بدل حافز التميز (حافز الإنتاج) والحافز الشهري.

وأوضح أن الأجر الأساسي للعمال يتراوح بين 1000 و1200 جنيه، بينما يتراوح متوسط الأجر الشامل بين 3000 و5000 جنيه شهريًا بعد إضافة البدلات والزيادات التي يعتمد عليها العمال بشكل رئيسي في ظل أجورهم الهزيلة وارتفاع الأسعار، في حين تحقق الشركة معدلات مرتفعة من صافي الأرباح دون أن يحصل العمال على مستحقاتهم من تلك الأرباح.

 

إرهاب العمال

 

في هذا السياق، أكدت دار الخدمات أن علاقات العمل في مصر تعيش أسوأ مراحلها، مشيرة إلى أن المطالب العمالية لا تجد صدى سوى الردود الأمنية المعتادة التي تهدف إلى إرهاب العمال وحثهم على العمل حتى من دون مقابل، كما أن القوانين واللوائح لم تعد تضمن للعمال حقوقهم.

وجددت دار الخدمات تحذيرها من المشهد العمالي الراهن، مؤكدة أن العامل أصبح مطالبًا بالعمل تحت أسوأ الظروف وبدون ضمانات تحفظ له حقوقه، وإلا فالسجن أو الفصل التعسفي في انتظاره، وقالت إن الأمر يستوجب دق ناقوس الخطر، محذرة من أن الانفجار المجتمعي وشيك في ظل مبرراته الواضحة، وأن الجميع سيكونون خاسرين، فلا رأس مال ولا قبضة أمنية تضمن السلام المجتمعي إلى الأبد.