شنت قوات الاحتلال عمليات قصف مدفعي وحشية على مناطق شمال غرب النصيرات في المحافظة الوسطى من قطاع غزة، بالتزامن مع تواصل حصار مخيم جباليا بهدف تهجير سكانه وتدميره.
واستشهد خمسة فلسطينيين وأصيب آخرون، في قصف الاحتلال منزلا في مخيم النصيرات وسط القطاع، على وقع قصف مدفعي عنيف، وعمليات نسف متواصلة للمنازل في المخيم.
وفي مدينة غزة، أفادت مصادر طبية، باستشهاد 3 مواطنين في قصف الاحتلال حي الصفطاوي شمال غرب مدينة غزة، بينما يواصل الاحتلال حصاره على مخيم جباليا ومناطق واسعة من بيت لاهيا، في إطار تطبيق “خطة الجنرالات” التي تهدف إلى تهجير سكان مناطق شمال قطاع غزة بالقوة العسكرية المفرطة، وعبر ارتكاب مجازر لترويع المدنيين ودفعهم إلى الرحيل.
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 43 ألف مواطن، وإصابة نحو 102 ألف آخرين، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وسط تدهور الوضع الإنساني.
انتقد الكاتب والبروفيسور التونسي إسكندر ونيس، التقاعس الأوروبي في ردع العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان وقطاع غزة، مشيرا إلى أن الأوروبيين لم يتمكنوا من الضغط على “حليفتهم” لقبول وقف إطلاق النار.
وقال ونيس في مقال نشرته مجلة “جون أفريك” الناطقة بالفرنسية وترجمته “عربي21″، إنه عُقد مؤتمر للمانحين حول لبنان في باريس في 24 تشرين الأول/ أكتوبر. وكان الهدف منه محاولة جمع 400 مليون دولار – وهو الحد الأدنى المطلق وفقًا للأمم المتحدة – لصالح لأشخاص الذين نزحوا بسبب “الصراع” في الشرق الأوسط.
وكانت هذه مبادرة جديرة بالثناء من جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث انتهى المؤتمر بتجاوز هذا الحد الأدنى بحوالي مليار دولار من التبرعات للبنان، وفقا للمقال.
لكن بحسب الكاتب، فإنها لن تمحو هذه الأموال تقاعس الأوروبيين المروّع في ردع القصف المستمر على لبنان والسكان المدنيين في غزة، بما في ذلك خلال شهر رمضان. كما أن الأموال التي تم جمعها لن تنسي اللبنانيين والفلسطينيين أن المجتمع الدولي، ولا سيما الأوروبيين، لم يتمكنوا من الضغط على “حليفهم” لقبول وقف إطلاق النار، ولم يمتنعوا عن الاستمرار في تزويده بالسلاح.
وذكر الكاتب أن هذا ينطبق بشكل خاص على ألمانيا، التي دفعها “دعمها الثابت” للحكومة الإسرائيلية الحالية واحتقارها لمقتل 40 ألف مدني فلسطيني، بشكل علني ودون رادع، إلى رفض فكرة وقف إطلاق النار التي اعتبرها المستشار أولاف شولتز “مجحفة بحق إسرائيل” في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
وأضاف المقال أنه من المؤسف أن الأوروبيين لم يرغبوا أبدا في استخدام وسائل الضغط العديدة المتاحة لهم لتشجيع إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار، مع إطلاق سراح الرهائن، وهي عملية دعت إليها أغلبية كبيرة في إسرائيل نفسها. وهذا الوضع غير مفهوم في العالم العربي. فطوال فترة “الصراع”، كان كل ما سمعه العالم العربي في معظم وسائل الإعلام وخلال الخطابات السياسية في فرنسا وفي جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي هو “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها” بينما يتم التغاضي عن الإرهاب ويستمر العنف.
وتساءل الكاتب: لماذا تتعرض إسرائيل للهجوم؟ لا أحد يجرؤ على طرح هذا السؤال الحساس لأنه لا أحد يعرف الإجابة، ولا أحد يعرف أن هذا السؤال ممنوع في المقام الأول.
وأشار إلى أن إسرائيل هي آخر دولة استعمارية على هذا الكوكب. الجميع يعرف ذلك. والجميع صامتون. هناك شعب، وهو الشعب الفلسطيني، محروم من حقه في الوجود والدفاع عن أرضه التي تُسلب منه يوماً بعد يوم. ويوصف هذا الشعب بـ”الإرهابيين” لأنهم يدافعون عن مستقبل أبنائهم. بالنسبة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، عليهم أن يقبلوا بحقيقة الاستعمار، مع كل الفظائع اليومية التي يرتكبها المستوطنون على مرّ السنين (لا تكاد تذكر في وسائل الإعلام)، وأن يشاهدوا أرضهم تتقلص إلى لا شيء.
ومن المثير للدهشة أيضًا، وفقا للكاتب، أن أصوات المجتمع المدني العربي لا تُسمع كثيرًا في فرنسا وأوروبا بشأن هذا “الصراع”. في الواقع، كانت وسائل الإعلام فعالة جدا: أي انتقاد لإسرائيل يصبح معاداة للسامية، على الرغم من أن العرب هم أيضًا ساميون.