بعد فشل مدينة “أثاث دمياط” ..السيسي يعلن عن منطقة حرة بالعلمين لصناعة الأثاث

- ‎فيتقارير

 

قبل أيام، صدّق مجلس الوزراء الانقلابي، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قرار بإنشاء منطقة حرة خاصة تحت اسم شركة «يادا إيجيبت YADA EGYPT»، للعمل بنظام المناطق الحرة الخاصة، في المنطقة الصناعية بمدينة العلمين الجديدة على مساحة 208003 م2، لمزاولة نشاط صناعة الأثاث، بتكاليف استثمارية تقدر بـ70 مليون يورو.

ووفق البيان الحكومي، يوفر المشروع فرص عمل تصل لأكثر من 1320 فرصة، وبيستهدف تصدير 100% من حجم الإنتاج مع الاعتماد في التصنيع على نسبة مكون محلي لن تقل عن 40% وتصل إلى 80%، ومن المتوقع أن يصل حجم الإنتاج السنوي إلى 40 مليون قطعة، مع تسكين العاملين بالمشروع في العلمين الجديدة.

 

مدينة دمياط للأثاث

 

وجاء الإعلان عن المشروع، ليثير سخرية ومخاوف المصريين، من إهدار المليارات على مشروع فنكوش جديد،  بعد اعتراف السيسي نفسه بفشل نفس المشروع ، في مدينة دمياط الجديدة، والتي أهدرت نحو 7 مليار جنيه ، دون أن تحقق أهدافها.

وفي إحدى احتفاليات السيسي، تحدث هو بنفسه، عن مدينة الأثاث في دمياط باعتبارها نموذجا فاشلا، لأنه لم تراع الأبعاد الاجتماعية، وقال نصًا: “العنوان ممكن يبقى جميل، قولنا نعمل مدينة الأثاث في دمياط عشان ننقل صناعة الأثاث في مصر لمنطقة تانية، ويبقى فيه عمل مؤسسي، وفيه دعم من الدولة يقدر ينجح، ونخش في مستوى تاني غير اللي إحنا ماشيين فيه بقالنا سنين، فعملنا مدينة الأثاث وعملنا الهناجر وعلمنا كل حاجة طبقًا للي إحنا متصورين أنه ممكن ينجح، لكن أهل دمياط مجوش، ليه يا دكتور مصطفى؟ لأنه دراسة الموضوع بتقول إنه الراجل اللي بيشتغل في ورشة تحت بيته، ويطلب شاي يبعتهوله ويطلب غداء يبعتهوله، ودا شيء إحنا تجاهلناه لما عملنا مدينة الأثاث”.

والغريب أن السيسي بدلا من أن يتعلم، الدرس، يكرر نفس الخطأ وبلا أي تذكر للخسائر السابقة، ودون أن يحرك أحد من نواب المجالس المفترض أنها رقابية، ساكنا ليحاسب الحكومة على المشاريع الفاشلة التي أهدرت المليارات.

يشار إلى أن مدينة الأثاث بدمياط ، التي بدأ العمل فيها في مايو 2017 على مساحة 331 فدانًا، بعد ردم وتجفيف أجزاء من بحيرة المنزلة لإقامة المشروع عليها، تضمنت 54 هنجارًا تشتمل على 1348 ورشة.

 وفي ديسمبر 2019، افتتحها السيسي على اعتبار أنها “مشروع قومي” ينقل صناعة الأثاث المصرية نقلة عالمية، ولكن بعد إنفاق 3.625 مليار جنيه مصري (بسعر صرف 15 جنيهًا مقابل الدولار آنذاك)، لم تحقق المدينة الهدف منها.

وكانت  منال عوض محافظ دمياط -آنذاك- كشفت عن خسائر مالية فادحة، لأنه لم يتم بيع إلا  440 ورشة من أصل 1348، ومن الـ 440 ورشة ، لم تعمل بشكل فعلي سوى 240 ورشة فقط.

وهو ما دفع السيسي ليعترف علنا بفشل مشاريعه الفنكوشية، ورغم ذلك يكرر نفس المشاريع اليوم.

 

مشروعات بدون دراسات جدوى

 

واعتمد السيسي منذ انقلابه العسكري على مشاريع فنكوشية كبيرة، تترافق مع حملات دعائسة ضخمة، ووعود بإخراج المصريين من ضائقتهم المالية، كمشروع تفريعة قناة السويس الجديدة، ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة والقصور الرئاسية والإعلان عن استصلاح مليون ونصف مليون فدان في وقت يجف فيه النيل وتتراجع حصص مصر المائية ببسبب سد النهضة، وغيرها من المشاريع عديمة الفائدة.

ورغم الخسائر الاقتصادية المترتبة على أسلوب إدارة الاقتصاد بالعنجهية العسكرية، لم يستطع السيسي أن يضبط نفسه أو حكومته، بل سارع بالطلب من رجال الأعمال بسرعة إنجاز المشاريع، دون انتظار نتائج الدراسات، وهو ما كرره بعد أيام قليلة من اعترافه بالفشل في مدينة الأثاث بدمياط

 

وعلى الرغم من اعتراف وزير مالية السيسي السابق، محمد معيط، بأن سبب أزمة مصر الدولارية هو اعتماد الحكومة على الأموال الساخنة التي خرجت من مصر، وتسببت في أزمة دولارية كبيرة، تعود اليوم الحكومة وتكرر نفس الأخطاء، بالاعتماد على الأموال الساخنة التي تجاوزت 24 مليار دولار حاليا، باعتراف الحكومة.

 

 

 

 

ووفق مراقبين، فإن إعادة تكرار نماذج الفشل، في ظل حكم السيسي، يعد ارتباكا وضيق أفق، إذ إن العقل العسكري محدود التفكير، وهو يرى الأزمة الاقتصادية وتصاعد الجوع والفقر في أوساط المصريين، متزايدا ويصر على ضخ المليارات في بناء الكباري والطرق وفقط، دون التفكير في إطلاق مشاريع تستوعب العمالة المتعطلة عن العمل، أو صناعات ثقيلة يصدر إنتاجها للخارج، لضبط ميزان التجارة، المتدهور، وهو ما يحتم على مصر الانهيار الاقتصادي كهدف  للنظام العسكري الخائن، والمتربح من الخراب الاقتصادي.

 

 

 

ووفق تحليلات نفسية، فإن “عدم الفهم  تبقى سياسة معتمدة، في أوساط النظم الاستبدادية، تنشر الاستغراب وعدم المنطقية وسط الشعب، لكي تضيع بوصلته، بين أقوال النظام وأفعاله المتناقضة مع الواقع.

 

وتبقى النتيجة الحتمية لصمت الشعب على متاهات السيسي، إهدار عقد من الزمن بلا جدوى وبمشاريع مليارية بلا عائد، وبجوع يهدد بفوضى شعبية أو احتراب أهلي، من أجل لقمة العيش.

 

 

وتعاني مصر انهيارا اقتصاديا حادا، وتراجعا في قيمة العملة أمام الدولار، وتراجع السياحة والتصدير، وتزايد الفقر والبطالة والفجوة المالية، مع توسع في القروض والاستدانة، تهدد بإفلاس مصر.