مع تزايد الزلازل بالقرب من سد النهضة، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن زلزالين جديدين بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر ضربا إثيوبيا مؤخرًا، محذراً من أن
السد الإثيوبي قد يكون دخل في مرحلة الخطر.
وقال شراقي: “ضرب زلزالان جديدان إثيوبيا في الأول من نوفمبر؛ الأول كان بقوة 4.6 درجة ووقع على عمق 12.2 كم في الساعة 8:55 مساءً، والثاني بنفس القوة ووقع على عمق 10 كم في
الساعة 11:13 مساءً بتوقيت القاهرة. وهما الزلزالان العاشر والحادي عشر خلال 5 أسابيع فقط.”
وأضاف الخبير المصري أن الزلزال الأول وقع بتاريخ 27 سبتمبر الماضي بقوة 4.5 درجة، ثم تلته مجموعة زلازل تراوحت قوتها بين 4.5 و5 درجات، على عمق 10 كم، وجميعها في منطقة الأخدود الإثيوبي
التي تبعد حوالي 570 كم عن سد النهضة.
الزلازل تتزايد بصورة غير مسبوقة
وأكد شراقي أن النشاط الزلزالي في إثيوبيا تزايد في السنوات الثلاث الأخيرة بصورة غير مسبوقة، موضحاً أن المتوسط كان حوالي 6 زلازل سنويًا، لكن وصل عدد الزلازل في 2022 إلى 12 زلزالاً، وبلغ
38 زلزالاً في عام 2023، وخلال العام الحالي وصل العدد إلى 29 زلزالاً في إثيوبيا ومحيطها حتى الآن.
هل هذا الصداع يؤثر على سد النهضة؟
وأكد خبير الموارد المائية والجيولوجيا أن “حدوث زلازل بقوة 5 درجات بعيدًا عن سد النهضة حاليًا ليس له تأثير ذي شأن، ولكن قد يحدث ما هو أقوى من ذلك في محيط سد النهضة، كما حدث في 8 مايو 2023
حيث كان الزلزال الأقرب من السد، على بعد 100 كم وبقوة 4.4 درجة.”
وأضاف الخبير المائي أن سد النهضة يحتوي حالياً على 60 مليار م3 من المياه، وهي كمية ضخمة ذات وزن 60 مليار طن، مضيفاً: “بذلك تدخل المنطقة مرحلة الخطر من شبح الانهيار، ليس من الزلازل الحالية
ولكن إذا ازدادت واقتربت من السد، وهذا يذكرنا بالتصميم الأمريكي الأصلي لسد النهضة الذي كان بتخزين 11.1 مليار م3 فقط.”
موقع سد النهضة من مركز الزلازل
يقع سد النهضة الإثيوبي في إقليم بني شنغول المتاخم للحدود السودانية، وعلى مسافة 37 كيلومترًا منها تقريبًا، كما يبعد حوالي 470 كيلومترًا عن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
ووفقاً لخرائط الزلازل في إثيوبيا، فإن موقع سد النهضة يبتعد عن خطوط الصدع الرئيسية ومنطقة الانهيارات الأرضية في “جوفا” في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا حوالي 612 كيلومترًا، ولذلك فإن الخبراء لا يتوقعون
حدوث زلازل كبيرة في المنطقة، ولكن بطبيعة الحال تظل المخاوف قائمة لوقوع إثيوبيا عند تقاطع عدد من خطوط الصدع الزلزالية، كما أن هناك مخاطر حدوث الانزلاقات الأرضية التي تتكرر في
إثيوبيا (2017 و2023 و2024)، وكان آخرها في يوليو من العام الحالي في منطقة “جوفا” في الجنوب الإثيوبي.
وكان أقوى زلزال ضرب أقرب منطقة لسد النهضة في السنوات العشر الماضية بالقرب من بني شنغول غوموز، حيث يقع السد الكبير، في 8 مايو 2023 وبلغت قوته 4.4 درجة، وضرب منطقة على بعد
241 كيلومتراً (150 ميلاً) شمال شرق أصوصا عاصمة إقليم بني شنغول، وعلى عمق 10 كيلومترات، مما يثير مخاوف من تعرض السد لهزات مماثلة تلحق خسائر كبيرة بدولتي المصب مصر والسودان.
خطر اكتمال بناء سد النهضة واتفاقية عنتيبي
حذر أستاذ هندسة السدود محمد حافظ من انتهاء ملء سد النهضة ومن تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد، مشيراً إلى أن الأمور قد تسوء بسبب الاعتماد على وعود أبي أحمد بأنه لن يضر بمصر، وهو وعد
شفهي يجب أن يُترجم إلى اتفاقية ملزمة تحدد حصة مصر من المياه، خاصة في سنوات الجفاف والجفاف الممتد. فالاعتماد على وعود شفوية لا يجوز، لأن الدول تُلزم باتفاقيات ملزمة، وفي حال عدم وجود هذه
الاتفاقيات لا يمكن للدولة المصرية الاعتماد على التصريحات الشفوية لأبي أحمد.”
ولفت حافظ إلى أن “اكتمال سد النهضة في الوقت الحالي، مع اقتراب المؤتمر الخاص باتفاقية عنتيبي والذي سيعقد بداية العام المقبل، سيسمح لإثيوبيا بحجز أي كميات من المياه تحتاجها للتنمية، سواء اقتصادية
أو زراعية أو صناعية، ما سيؤثر بشكل سيء جداً على العلاقة بين إثيوبيا ومصر، والسودان أيضاً ولكن بدرجة أقل.
وعليه، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقية ملزمة بين الدول الثلاث بشأن تحديد حصص المياه التي تصل لمصر خلال سنوات الجفاف، فسيزداد الأمر تعقيدًا.”
وعن تنفيذ اتفاقية عنتيبي، أكد حافظ أن “الاتفاقية الأخيرة لن تضع أي قيود على إثيوبيا كي تخضع للإرادة المصرية ولن تلزمها بشيء.”
وأضاف حافظ أنه “بناءً على ذلك، فإن أمام مصر، وحتى الوصول إلى الجلسة التي ستجمع رؤساء دول حوض النيل الأطراف في اتفاقية عنتيبي، فرصة للقيام بعمل ما، لأنه إذا سُمح لهذا الاجتماع با
عتماد
اتفاقية عنتيبي كقانون دولي، فسيصعب على مصر الحصول على أي كميات مياه بشكل ملزم، وسيصبح الأمر مجرد إحسان من إثيوبيا على مصر.”