22.5 مليون مواطن من ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون الدعم الهش و الإهمال والإنكار

- ‎فيتقارير

زاد الانقلاب العسكري من معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الإعاقة، فنرى أكثرهم وهم يتسولون ويفترش بعضهم الشوارع والطرقات في ظل دعم هش يتلقونه من حكومة الانقلاب.

 

وتضاعف العديد من العوامل معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، فبالإضافة لتجاهل الدولة لمعاناتهم فهناك فئة كبيرة من العائلات تجهل كيفية التعامل معهم، بالإضافة لتنمّر المجتمع عليهم، وحرمانهم من أبسط حقوق التعلم والتنقل والعمل، وصولاً إلى القوانين المثالية التي تبقى حبراً على ورق ولا يطبّق من موادها إلا القليل.

 

البعض من ذوي الاحتياجات الخاصة، يستسلم لواقعه، في حين تعمد فئة بمساعدة ذويها إلى الانطلاق صوب الحياة والتعلم ومراكمة الخبرات، وبرهنة أن الإعاقة الجسدية لا تقف أمام تطوّر العقل وتنميته بالعلم والكفاح والإرادة الصلبة.

 

لكن الإرادة وحدها لا تكفي إذا لم تؤمّن الدولة أبسط الحقوق لهؤلاء، ومراعاة المواصفات اللازمة عند بناء المؤسسات والشركات، وتأمين فرص العمل لاحقاً لهم لنيل حياة شريفة وعدم الاعتماد على المساعدات الاجتماعية، إن وُجدت أصلاً لهم.

 

معاناة الأمهات

 

وفي مصر تستهلك طاقة أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة ما بين إجراءات لصرف معاش شهري، وما بين حجز موعد مع مختص تخاطب، وخطاب استحقاق لسيارة مدعمة، وصدمة نفسية تتجدد كلما تعثر طفلها، أو عرقلته أفكار نمطية في سبيله لتحقيق أحلامه، بالإضافة للأعباء اليومية الأخرى.

 

دعم هش

 

يشتكي المعاقون أو ما يطلق عليهم أصحاب الهمم، مثلما يحبذ الكثير تسميتهم من مشكلات عدة حالت دون اندماجهم في المجتمع، من ضمنها ضعف الدعم الشهري المخصص لهم، والذي لا يتجاوز الألفين جنيه للحالات المتعثرة، فإنها تظل في نظر كثيرين ضعيفة جداً ولا تسدّ حاجتهم، لا سيما في ظل تهاوي قيمة العملة المصرية والارتفاع الكبير في أسعار السلع، وهو ما يؤكده العديد منهم.

 

والدعم الذي تعطيه الحكومة لا يكفي بتاتاً لسد حاجاتهم الشهرية، خصوصاً في ظل الغلاء الفاحش للأسعار، في وقت يجدّدون مطالبتهم ومن يشاركونهم همومهم بضرورة التفات الحكومة إليهم لأنهم من المهمشين.

 

محاربة الحكومة وغياب الوعي

 

في مقابل ذلك، تكشف إحصاءات قدمها العديد من الخبراء عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تزايد حالات الإعاقة في مصر، بحيث أرجعتها إلى سوء التغذية وحوادث المرور وزواج الأقارب، في وقت أظهرت الإحصاءات ذاتها أن الإعاقة الذهنية هي الأكثر انتشاراً وسط المجتمع.

 

وعلى هذا الأساس، حاربت الحكومة العديد من الجمعيات التي كانت تقف وراء هؤلاء وتقدم لهم الدعم المادي والنفسي والتعليمي، وتجعلهم قادرين على الاندماج في المجتمع بعدم صادرت تلك الجمعيات واعتقلت أصحابها بعدما لفقت لهم تهم الإرهاب.

 

قوانين صورية

 

ورغم أن حقوق المعاقين مضمونة ومكفولة، بنص الدستور وتتراوح بين عدم التمييز وتخصيص نسبة لهم في مقاعد المجالس المحلية والتمثيل في مجلس النواب، حتى إتاحة أماكن مخصصة لهم في الحجز والحبس منصوص عليها بشكل واضح وصريح، إلا أنهم يعانون في نيل تلك الحقوق ولا ينالها إلا قلة ممن توفرت فيهم المحسوبية والواسطة والوفاء للنظام الحالي.

 

وتضمّن القانون رقم 10 لعام 2018 عشرين بنداً لشرح وتفصيل حقوق من تُقدّر نسبتهم بنحو 10.67 في المئة من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 102 مليون مصري ومصرية .

 

وكل تلك القوانين تظل حبرا على ورق، ، فلا تكفي لإصلاح تجاهل قضايا الإعاقة حيناً، والتعامل معها نظرياً حيناً آخر، واعتبار الحقوق المنتقصة لهم نوعاً من المساواة مع المواطن العادي.

 

معاناة يومية

 

وما نشأ عليه ملايين المصريين من اعتبار الشفقة واجباً وطنياً لا جرحاً نفسياً غائراً لأصحاب الإعاقات، وما فطروا عليه من طبيعة طيبة لنجدتهم تعثّر في رصيف مكسور أو عجز عن صعود سلم باص طائش، أو وقف بلا حول أو قوة محاولاً عبور شارع لا يعترف بإشارة مرور، أو متطلبات شخص لا يتمتع بلياقة بدنية تتيح له الركض والقفز ومناورة المركبات، فما بالك بفاقد للبصر أو فاقد طرف أو اثنين لا تكفي لتيسير التفاصيل الصغيرة والكبيرة لحياة نحو 22.5 مليون مواطن بمن في ذلك المصابون بإعاقات ذهنية.

 

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإنه في كثير من الأحيان يكون الأطفال ذوو الإعاقة هم الأكثر عرضة للبيئات غير الداعمة، وهو ما يزيد من ضعفهم ويقلص الفرص المتاحة لهم للتعلم والمشاركة بطرق مجدية، ولهذه العوامل تأثير معرقل من شأنه أن يفاقم مغبة هذه المعضلة، ولكسر هذه الحلقة المفرغة، يتحتم فهم هذه الحالة أولاً حتى يمكن رسم خريطة للتفاعلات بين الصفات المميزة للشخص والبيئة المحيطة به.