“أنسولين” مصر إلى كوبا و12 مليون مريض لا يجدونه في طوابير أمام صيدليات الإسعاف!!

- ‎فيتقارير

من أجل الدولار، ودون اكتراث بصحة المصريين، وفي ظل توجه حكومي لزيادة صادرات الدواء المصري إلى ما قيمته 3 مليارات دولار، كما أعلن رئيس وزراء السيسي مصطفى مدبولي مؤخرًا، تستعد الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية “أكديما” لتصدير شحنة جديدة من الأنسولين إلى دولة كوبا خلال الربع الأول من العام المقبل، حسبما أكد مصدر مسؤول في هيئة الدواء المصرية في تصريحات صحفية. وأوضح المصدر أن الشحنة ليست جديدةً، وإنما تأتي ضمن تعاقد سابق.

 

في أغسطس الماضي، كشف نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار عن تصدير مصر شحنة من الأنسولين المحلي إلى أمريكا الجنوبية.

وجاء القرار حينها في وقت شهدت فيه الأسواق نقصًا في الأدوية، وعلّق عبد الغفار بأن الشحنة “صغيرة”، وأن مصر لا تعاني من نقص في الأنسولين المحلي، خلافًا لما أكده اصطفاف المرضى أمام صيدليات الإسعاف طلبًا للأنسولين الناقص.

 

كما تلقت هيئة الدواء طلبات من عدة دول في أمريكا اللاتينية والوسطى لتصدير أدوية، وعلى رأسها الأنسولين، وتشمل هذه الدول الإكوادور، وبنما، وبوليفيا، ودومينيكا، نظرًا لرخص الدواء المصري مقارنة بالأدوية الأوروبية.

من جانبه، قال مسؤول التصدير في شركة المهن الطبية إن التعاقد مع دولة كوبا يتضمن تصدير طلبية قدرها 350 ألف وحدة من الأنسولين البشري “Insulinagypt”.

وأشار إلى أن الشركة صدّرت 260 ألف وحدة حتى الآن، وجارٍ العمل على تصنيع وتجهيز باقي الطلبية، دون تحديد موعد شحنها أو كميتها، حيث يعتمد ذلك على توفر المواد الخام وموافقة هيئة الدواء المصرية.

 

وأوضح حماد أن الأنسولين ينقسم إلى ثلاثة أنواع، أحدها بتركيز 70/30 وهو الأكثر استخدامًا في مصر ولا يمكن المساس به، إذ تُخصص خاماته للإنتاج المحلي فور وصولها. أما النوعان الآخران، فقليلًا ما يُستخدمان محليًا، ما يتيح تصديرهما، مع الإشارة إلى أن الأنسولين المخصص للتصدير ينتمي إلى أحد هذين النوعين.

 

في المقابل، وصف مدير جمعية الحق في الدواء للرعاية الصحية، محمود فؤاد، شراء قلم أنسولين من صيدلية الإسعاف بأنه “رحلة معقدة”، وأكد تلقي الجمعية شكاوى حول نقص أقلام الأنسولين في التأمين الصحي بالمحافظات، المستشفيات الجامعية، والصيدليات، بينما امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالمناشدات لحل الأزمة.

وفي مارس الماضي، أعلنت وزارة الصحة بدء تصدير الأنسولين إلى كوبا، موضحة أن الأنسولين المصري يستحوذ على حصة سوقية تتراوح بين 12 إلى 18 مليون فيال سنويًا، ويُصدّر إلى 11 دولة إفريقية.

 

أزمة نقص الأنسولين

 

وفقًا لتقرير الاتحاد الدولي للسكري لعام 2021، تحتل مصر مرتبة متقدمة بين الدول العربية في نسبة المصابين بالسكري (20.9%)، مع تقدير عدد المرضى بـ11 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 20 و79 عامًا.

تؤكد شهادات المرضى أن الأزمة باتت خطيرة، فقد بحثت “م.ع.”، من القاهرة، عن الدواء في أكثر من 30 صيدلية دون جدوى، ما اضطرها للجوء إلى أصدقائها وأقاربها في محافظات أخرى لتوفير الجرعات، معربةً عن قلقها من الدخول في غيبوبة سكر.

 

أبعاد الأزمة

 

تحتل مصر المرتبة الثامنة عالميًا في انتشار مرض السكري، بمعدل إصابة يبلغ 20.9% من عدد السكان البالغ 106 ملايين نسمة، بحسب منظمة “وايس فوتر”. بينما تشير الأرقام الرسمية إلى ما يزيد عن 12 مليون مريض بالسكري.

على الرغم من إعلان الحكومة انتهاء الأزمة المالية التي عطّلت الإفراج عن شحنات الأدوية بسبب نقص الدولار، يستمر نقص الأنسولين، ويرجع المراقبون ذلك إلى تأخير الإفراج عن شحنات الأدوية الموجودة في الجمارك ولجوء الحكومة إلى تصدير الأنسولين المحلي لتوفير الدولار.

تنتج مصر 30% فقط من احتياجاتها من الأنسولين، بينما تعتمد على استيراد النسبة المتبقية.

وأكد محمود فؤاد أن تصدير الأنسولين في ظل هذه الأزمة يمثل إهانة للمرضى الذين ينتظرون في طوابير طويلة أمام الصيدليات.

 

التصدير أم الاكتفاء المحلي؟

 

كتب فؤاد: “أهلاً بالتصدير وأهلاً بالدولار، ولكن بعد تحقيق اكتفاء السوق المحلي وتأمينه بكميات كبيرة”، وحذر من أن تصدير الأنسولين في ظل هذه الظروف يُعد جريمة بحق الشعب المصري، الذي يعاني من نقص الدواء، بينما تسعى الحكومة لجمع الدولار على حساب صحته.