باحثون: حظر التعاقد مع جهات سيادية مراوغة غير ناجحة

- ‎فيتقارير

وصف باحث منصة “الموقف المصري” أن حظر التعاقد مع جهات سيادية قبل موافقة السيسي بمثابة “لعبة القط والفأر بين الحكومة والصندوق” في إشارة لصندوق النقد الدولي.

واعتبر الباحث إن حظر تعاقدات الانتاج الحربي والمخابرات مراوغة غير ناجحة لأنه “جاء بالتزامن مع تواجد وفد من صندوق النقد الدولي للتفاوض مع حكومة السيسي، حيث تزعم  أنها متعلقة بمد أجل الإصلاحات الاقتصادية الخاصة بزيادة الأعباء على المواطنين”.

 

 

وعبر عن أسفه من أن ذلك كات آخر ما تفكر فيها حكومة السيسي خاصةً وأننا خلال 10 شهور شهدنا عشرات المرات رفع أسعار السلع والطاقة والخدمات الحكومية أو حتى الشركات المرتبطة بها، دون أن أي محاولة لتخفيف ذلك.

وأكد باحث المنصة أن حكومة السيسي لديها مشكلة تحديدًا مع الاشتراطات المفروضة على شركات الجيش أو الإجراءات التي يفترض أن تلتزم بها، والمحصورة في نقطتين: الأول هو شرط تخارج الجيش من الاقتصاد وعدم مزاحمة للقطاع الخاص، والثاني هو تخارج الحكومة من القطاعات غير الاستراتيجية، ما يعني بجانب شرط (الشفافية) التي وصلت لحد التدهور.

 

 

وصدر القرار قبل يومين تقريبًا من مغادرة وفد صندوق النقد الدولي، حيث غادر مصر دون التوصل لاتفاق أو أي جديد بما يخص الشرائح من القرض بينما اكتفى الصندوق بتصريحات عامة.

وأكد أن المراوغة الجديدة التي نفذتها الحكومة لم تنجح، وأن مراوغة سابقة تنجح كل مرة فيما يخص مرونة سعر الصرف فمع كل مراجعة تترك حكومة السيسي سعر الدولار ليرتفع ما بين جنيه لاتنين جنيه لكن بدون مرونة حقيقية، “لكن غالبًا مش كل مراوغة تنجح!”.

 

ورأى الباحث أن اقتصاد الدول التي تحترم مواطنيها يكن محدد لآليات واضحة في إدارة الاقتصاد بمبدأ الشفافية، متساءلاً كيف تكون هناك اتجاهات اقتصادية سليمة مبنية على أبواب فساد بيحميها عشرات المخارج وعلى رأسها تجريم المعلومة أصلًا!”

 

 

وأشار إلى أن أساس الآليات العلمية هو الطريقة المؤسسية، خاصة في اتخاذ القرارات المحددة لجهات مختصة تم تهميشها، بجانب المؤسسات الرقابية والمحاسبية التي غيّبها السيسي عن المشهد تمامًا وتصدره وحيدًا.

وأكد أن واجب الحكومة وقف أسلوبها المخرب لطرق التعاقدات السليمة، وأولها هو طريقة الإسناد المباشر، وأن البدائل الطبيعية لذلك هي طرح المناقصات بعد دراسات جودة معمقة، مع كراسات شروط معلنة، والأهم توقيع عقود ببنود واضحة، بما فيها المصروفات ومبالغ التعاقد.

وأشار إلى أنه قبل حوالي شهر صدرت فتوى مجلس الدولة بمخالفة إسناد تطوير متحف الحضارة والجزيرة بدار الأوبرا لجهاز الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع، مما يؤكد مخالفة الحكومة للقانون.

 وسبق للسيسي أن قال إن الصناديق الخاصة تخضع لإشرافه الشخصي وليست كأي مؤسسة أخرى.

 

تجميد القرض

 

ومن جانب ثاني اتجه الباحث محمد رزق عبر فيسبوك إلى تأكيد أن قرار حظر تعاقدات السيادية حبر على ورق وصندوق النقد يقترب من تجميد القرض!

وأوضح Muhammad Rizk أنه “بات جلياً لغالبية الاقتصاديين المهتمين بالشأن المصرى أن صندوق النقد الدولى يقترب رويداً من إعلان تجميد القرض المصرى الأخير وتبعات ذلك السلبية التى صورها البعض بدخول الاقتصاد المصري فى نفق مظلم قد يتسبب فى الإسراع فى انزلاق مصر إلى هاوية مجاعة شديدة الوطيس”.

 

ولفت إلى أن “موقف الصندوق ثابت، ومصر وافقت على ذلك متمثل فى التوقيع على خطاب التفاهمات قبل موافقة مجلس أمناء الصندوق على القرض الأخير”. لافتًا إلى أنه برغم إصدار السيسى مؤخراً لتوجيهات إلى رئيس الوزراء قام الأخير بتعميهما فى شكل كتاب دوري على كل مؤسسات وقطاعات الدولة، لوضع عقبات إجرائية امام الجهات التى يطلق عليها (سيادية) والتى تحتكر نسبة كبيرة من الاقتصاد المصرى وتتمتع بمزايا غير متاحة للقطاع الخاص بدون الرجوع إليه”.

 

وأكد “رزق” أن “طلب الصندوق واضح فى هذا الشأن ومفاده حتمية تخارج تلك المؤسسات كليةً من الاقتصاد أو على أقل تقدير معاملتها معاملة القطاع الخاص وذلك لإزالة عقبة كبيرة امام حركة دوران عجلة الاقتصاد لإفراز التنمية الضرورية وهذا مطلب قد يبدو سهل المنال لكن تحقيقه على أرض الواقع أشبه بالمستحيل لاسباب يطول شرحها فى هذه المساحة الضيقة”.

 

سعر الصرف

 

وأشار الباحث إلى إصرار صندوق النقد على مرونة سعر الصرف بغية تغطية الفجوة الدولارية في السوق. وبيّن أن “رفع الدولة يدها عن سعر صرف الدولار المدار يعني ببساطة عودة نشاط السوق السوداء والمضاربة على العملة الخضراء، مما قد يتسبب في تخطي الدولار حاجز المائة جنيه، وبالتالي انفجار بركان ارتفاع الأسعار”.

 

وقال محمد رزق: “ليس أمام مصر للأسف خيار سوى أن تذعن لمطالب الصندوق إذا كانت ترغب في الاستمرار في وتيرة الاقتراض من الخارج لسداد القروض الخارجية وخدماتها، والحصول على قروض جديدة”.

وأوضح أن “القطاع الخاص هو اللاعب الرئيسي الذي تحركه أهداف الربح وتستفزه المنافسة العادلة، من أجل تحسين المنتج أو الخدمة وإتاحتهما بأسعار مقبولة للمستهلك. وهذا الأخير تتساقط عليه ثمار المنظومة المنضبطة كلها في صورة منتجات عالية الجودة منخفضة السعر. وعليه أن يستخدم مصادر دخله المحدود للتصويت لصالح المنتجات والخدمات المختلفة بما يفترض أن يتم بشكل رشيد، حتى تقوم الأسواق بطرد المنتجات الرديئة وتشجيع المنتجات الجيدة”.

 

وحذر الباحث الاقتصادي محمد رزق من أن مشكلة مزاحمة القطاع العام والحكومي للقطاع الخاص متعددة الجوانب والسلبيات:

 

أولًا: تتسبب فى إفساد آليات السوق التنافسية القائمة على العرض والطلب وتعدد البائعين والمشترين، والمنافسة هى حافز الإنتاجية والتميز الأهم، الذى عادة لا يحكم عمل وأداء المشروع العام الذى تحرّكه أهداف أخرى مجتمعية فى الأساس.

 

ثانيًا: إفساد التخصيص الأمثل لموارد وإمكانات الدولة، لأن الأقل كفاءة هو الذى يحل محل الأكثر كفاءة والأكثر قدرة على الإنتاج والتصدير.

 

ثالثًا: تعميق أزمة الشح الدولارى، لأن بعض المشروعات العامة تكون كثيفة المكوّن الأجنبى وتستسهل الحصول على قروض بالعملة الصعبة من البنوك الحكومية بضمانات سيادية أو شبه سيادية ، كما أنها عادةً ما تخفق فى التصدير أو تحقيق صافى صادرات معتبر.

 

رابعًا: ضياع مصدر هام من إيرادات الحكومة فى صورة ضرائب يسددها القطاع الخاص المنتج والرابح، ولا تسددها مشروعات حكومية وشبه حكومية لا تحقق أرباحًا بالضرورة، وإن حققت فهى إما تكون أقل من نظيرتها الخاصة، أو تكون معفاة من الضرائب لأسباب متعددة.

 

خامسًا: ضياع فرصة جذب الاستثمارات الأجنبية، التى تعتمد على القطاع الخاص المحلى كعنصر جذب هام وفعّال لدخول رؤوس الأموال الأجنبية، ولا تفضّل عادة مشاركة الحكومة أو منافستها.

والاستثمار الأجنبى المباشر هو مصدر هام لنقل المعرفة، ولسد فجوة الادخار المحلى (المنخفض أساسًا بالدول النامية) لتحقيق معدلات نمو مرتفعة محفّزة بالاستثمار عوضًا عن الاستهلاك.

 

سادسًا: تعميق أزمة الدين العام الذى يلتهم الإيرادات العامة ، ويؤثر سلبًا على تكلفة التمويل وعلى الحيز المالى المتاح للحكومة، نظرًا لأن الدولة عادة ما تعتمد على تمويل المشروعات بالديون.

 

سابعًا: مضاعفة أزمة التضخم، لأن تمويل مشروعات الدولة يتم فى جانب كبير منه بالسحب على المكشوف وطباعة البنكنوت، مما يتسبب فى زيادة المعروض النقدى دون زيادة حقيقية فى الإنتاج، ومن ثم ارتفاع الأسعار.

وإذا كانت مزاحمة الدولة للقطاع الخاص تجد مبررًا لدى المدافعين عنها فى سياق أن الدولة تتدخل لمنع جشع المنتجين والتجار، أو أنها تتدخّل لأن الأسواق تفتقر إلى الرقابة المناسبة أو أيًا كانت المبررات.

 

غياب الرقابة والتنظيم

 

وطالب الباحث بالفهم “أن دخول الدولة فى الأسواق مشروط بعدم المزاحمة، لأنها لا تدخل إلا لدى عزوف القطاع الخاص عن العمل، لكن هنا يجب أن ننتبه إلى ضرورة ألا تكون الدولة ذاتها هى المتسبب فى العزوف، عن طريق تشريعات أو تنظيمات أو ممارسات سوقية، كما يجب أن ننتبه إلى أن غياب الرقابة والتنظيم هو عوار يجب إصلاحه عوضًا عن الركون إليه كمبرر للعب دور آخر ليس من اختصاص الجهات الحكومية”.

 

لا حاجة إلى إعادة اختراع العجلة، لأن استدعاء فكرة اليد الخفية للحكومة التى أطلقها مؤسس علم الاقتصاد الحديث «آدم سميث» كافية جدًا لتفنيد أى ادعاء يزعم أن المزاحمة جيدة ومرغوبة.

بل إن الكثير من مشروعات البنية الأساسية التى كانت النظرية الكلاسيكية تعزز من ضرورة قيام الدولة بها دون شريك، أصبحت جاذبة للقطاع الخاص من خلال القيام بها بشكل منفرد أو بالمشاركة مع القطاع العام.

أما الدور الاجتماعى للحكومة فعليها أن تمارسه من خلال ضبط الأسواق، واستهداف مستحقى الدعم بالمزايا المباشرة، وتحسين بيئة الأعمال لخلق المزيد من فرص العمل إلى جانب أمور أخرى يضيق بها المقام بسردها، بحسب محمد رزق.