دراسة: السيسي سمح بعبور ورسو السفن الصهيونية لرغبته في استمرار الحرب على غزة

- ‎فيتقارير

قالت دراسة بحثية نشرها مركز الشارع السياسي إن “عدم إقدام نظام السيسي على منع السفينة الإسرائيلية من المرور عبر قناة السويس لا يعود إلى القوانين والمعاهدات، وإنما إلى عدم وجود إرادة ورغبة سياسية في وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة”.

وفي دراسة بعنوان “استخدام السفن الإسرائيلية للموانئ المصرية”، أوضحت أن “هذا الأمر لم يظهر فقط من خلال رسو ومرور السفن الإسرائيلية عبر الموانئ المصرية – وإن أكده وأبرزه – ولكنه كان واضحًا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة عقب طوفان الأقصى، حيث ظهرت تناقضات نظام السيسي بين مواقف معلنة برفض العدوان الإسرائيلي على غزة والمطالبة بوقفه ورفض تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء”.

 

خلاصات واستنتاجات

توصلت الدراسة إلى مجموعة من الخلاصات والاستنتاجات، أولها أن النظام يتعامل مع القوانين والمواثيق الدولية وفق أجندة خاصة، تسمح له باحترام تلك القوانين تارة حين تخدم هدفًا ما، وتتجاهلها تارة أخرى حين لا يكون الأمر في صالحه.

وأوضحت الدراسة أنه حين تسعى القاهرة للحفاظ على علاقتها مع واشنطن وتل أبيب وتجنب استثارة غضبهما، وتحاول البقاء على موقعها كحليف ووسيط معتبر، فإنها تتشبث بالقانون الدولي (اتفاقية القسطنطينية الموقعة قبل 136 عامًا) الذي يجبرها على تمرير سفن حربية وأسلحة للكيان الإسرائيلي. وفي الوقت ذاته، فإن الاحتلال نفسه لم يحترم هذه الاتفاقيات، كما حدث عند سيطرته على محور فيلادلفيا واستهدافه للجنود المصريين على الحدود.

 

بالمقابل، عندما كان الهدف تهديد أديس أبابا إثر أزمة سد النهضة، دعمت مصر الصومال التزامًا بمعاهدة الدفاع العربي المشترك بوصفه بلدًا عربيًا يتعرض لتهديد مباشر. لكنها تغض الطرف عن هذه المعاهدة عندما يتعلق الأمر بفلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، خشية من تبعات لا يقدر النظام المصري على تحملها في الوقت الراهن.

وأشارت الدراسة إلى تجاهل النظام المصري للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في الداخل. وأوضحت أن هذه السياسة الانتقائية في التعامل مع الاتفاقيات الدولية تعكس طبيعة نظام يستمد شرعيته من الدعم الدولي (بما يشمل المنح والقروض) وليس من الشعب المصري.

 

تمرير رسائل تضليل عبر إعلام الأذرع

وعن التعامل مع الشعب المصري، يصدر النظام مخاوفه العسكرية من “إسرائيل”، ويمررها عبر الإعلام وخبرائه الاستراتيجيين ولجان السوشيال ميديا، ما يجعل المصريين يعتقدون أن أي رفض لمطلب إسرائيلي أو تعنت في الاستجابة لمطالبها سيؤدي إلى إعلان حرب.

 

وقالت الدراسة: “مع انشغال جزء من المجتمع بهذه المخاوف العسكرية، يصبح أكثر تعاطفًا مع الرواية الرسمية المصرية، رغم رفض العديد من دول العالم لمرور السفن الإسرائيلية دون أن يؤدي ذلك إلى أي تصعيد أو حرب مع إسرائيل”.

 

 

لا نية لوقف العدوان

 

وأكدت الدراسة أنه “إذا كانت هناك نية مصرية لعرقلة أو إبطاء الإبادة الدائرة في غزة، لكان من الممكن الإيعاز لعمال القناة بتعطيلها مع تنظيم مظاهرة رمزية ضد مرورها”.

واقترحت أنه “يمكن أن تربط مصر بين مرور السفن “الإسرائيلية” من قناة السويس بانسحاب “إسرائيل” من محور فيلادلفيا. كما كان يمكن لمصر أن تتحجج بحكم محكمة العدل الدولية لمنع مرور السفينة، ولاستقبال سفينة “كاثرين” ومصادرة شحنتها، خاصة أنه كان من السهل إثبات أنها كانت متجهة لإسرائيل لاستخدامها في عمليات الإبادة الجماعية.

 

 

وكوسيلة رابعة قالت الدراسة أنه كان يمكن لنظام الانقلاب أن يتحجج باتفاقية “الدفاع العربي المشترك” في ظل شن “إسرائيل” عدوان علي دول عربية مثل فلسطين ولبنان واليمن. أما الوسيلة الخامسة فلفت الموقع إلى أنه كان من الممكن أن يرفض النظام بدعوي أنه غير قادر على تمرير السفن؛ خوفًا من الغضب الشعبي، خاصة وأن السيسي استخدم سلاح المظاهرات والغضب الشعبي والخوف من انفجار الوضع في مصر بسبب فلسطين في بداية الحرب؛ لرفض التهجير من غزة إلي سيناء. واستعرضت الدراسة عدة مواقف عملية لدعم السيسي للعدوان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:

 

 

واستعرضت الدراسة عدة مواقف عملية لدعم السيسي للعدوان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:

 

أ- حقيقة موقف النظام الانقلابي تبرز في تعليقات إعلاميين وساسة مؤيدين له، ويتحدثون بلسانه ووفقًا لتوجيهاته، وهم يرون أن مصر ليست طرفًا في الحرب، بل هي في اتفاقية سلام مع “إسرائيل”، وأن عليها أن تتجنب أي استفزازات تجرها للانخراط في الحرب التي حسب رأيهم “لا ناقة لمصر ولا جمل فيها”.

 

ب- اختار النظام الانقلابي منذ بداية الحرب أن يلعب دور الوسيط، حتى لو كان صغيرًا، وحتى لو كان فقط مجرد ساعي بريد يحمل الرسائل بين الأطراف المختلفة، وحتى حين خرقت إسرائيل اتفاقية كامب ديفيد باحتلال معبر صلاح الدين لم يعلن إلغاء أو حتى تجميد هذه الاتفاقية. بل إن الإعلام المصري وبعض المحسوبين على نخبته السياسية والعسكرية، حاولوا ابتلاع الانتهاكات “الإسرائيلية” بترديد بعض المزاعم للتقليل من عدم رد النظام المصري، على رأسها أن ما حدث لا يمس اتفاقية السلام وأنه أمر فلسطيني في المقام الأول.

 

ج- رغم أن السلطات المصرية تشارك في عمليات الوساطة سواء بين المقاومة والكيان، أو بين الفصائل الفلسطينية نفسها، إلا أنها تصر على التعامل معها من خلال المخابرات فقط باعتبارها محض ملف أمني، وليس سياسي، كما هو الحال في بلدان عربية وإسلامية أخرى يستقبل رؤساؤها قادة حماس والمقاومة.

 

د- إغلاق معبر رفح في وجه قوافل الإغاثة المتجهة إلى غزة ما يعتبر مشاركة في حصار وتجويع أهل القطاع، بل والأدهي من ذلك أن النظام يغلق المعبر بدعوي أنه لا يريد أن يمرر مشروع تهجير الفلسطينيين.

 

هـ- تقديم الاستشارات وحتى المعلومات الأمنية لقوات الاحتلال للتعامل مع المقاومة، وهو ما كشفه الصحفي الأمريكي “بوب وودوارد” في كتابه “الحرب” الذي صدر في 15 أكتوبر 2024.

حيث قدم رئيس المخابرات المصرية عباس كامل لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في إحدى زياراته لمصر عقب السابع من أكتوبر 2023، معلومات وخرائط جمعتها المخابرات المصرية عن أنفاق غزة، وفي رسالة موجزة من كامل لوزير الخارجية الأمريكي، والتي أخبره أن ينقلها إلى نتنياهو، نصح قائلًا: “يجب على إسرائيل أن لا تدخل غزة بريًا دفعة واحدة، بل على مراحل، وأن تنتظر حتى يخرج قادة حماس من جحورهم، وعندها يقطعوا رقابهم”.

 

و- كشفت خارجية الاحتلال، في مايو 2024، عن مقتل رجل أعمال “إسرائيلي” يحمل جواز سفر كندي في مدينة الإسكندرية. وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية هوية الرجل الذي يتعمد الأمن المصري إخفاءها ويدعي أن سبب القتل جنائي. وقالت إنه يمتلك في الإسكندرية شركة لتصدير الخضراوات والفاكهة من مصر، وإن سبب القتل يتعلق بالعدوان على غزة.

وكشفت بيانات ملاحية تضاعف رحلات سفينة حاويات من الإسكندرية التي يعمل فيها رجل الأعمال الإسرائيلي إلى ميناء أسدود الإسرائيلي بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة.

https://politicalstreet.org/6958/