في انعكاسات ميدانية وإقليمية، سيطرت قوات «تحرير الشام» وفصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» على أكثر من 40 بلدة وقرية في محافظة حلب شمال غربي البلاد، كانت خاضعة لسيطرة الجيش السوري.
التطورات العسكرية الأخيرة
سيطرت فصائل المعارضة السورية على 40 قرية ونقطة في ريف حلب الغربي شمال سوريا، بمساحة تعادل حوالي 245 كيلومترًا مربعًا. جاء ذلك بعد اشتباكات مع قوات النظام السوري إثر إعلان إطلاق عملية “ردع العدوان”، التي بدأت يوم الأربعاء، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى. يُعد هذا أول اختراق لخطوط التماس منذ اتفاق وقف إطلاق النار قبل أربع سنوات.
أكد المحلل السياسي التركي مهند حافظ أوغلو أن “التطورات العسكرية الأخيرة في ريف حلب الغربي تعكس تحولات ميدانية وإقليمية ذات أبعاد استراتيجية واسعة”، مشيرًا إلى أن الخطوات التصعيدية على الأرض جاءت بعد تعثر المحاولات الدبلوماسية مع النظام السوري.
وقال حافظ أوغلو: “الأحداث ليست مقتصرة على الملف السوري، بل تحمل حساسية على مستوى الشرق الأوسط. وبناءً على ذلك، كان لا بد من تحركات ميدانية لفرض نوع من الأمان بالقوة الخشنة.
وأضاف: حاولت تركيا اتباع طرق دبلوماسية تعتمد على القوة الناعمة، من خلال الانفتاحات نحو تطبيع العلاقات مع النظام السوري، لكن دون جدوى. الردود كانت مختلفة على أرض الواقع، حيث قام النظام السوري وروسيا بقصف مناطق خفض التصعيد، ما يشير إلى محاولة فرض واقع جديد على المعارضة السورية وتركيا. لذلك، كان لا بد من تحرك ميداني يؤسس لمرحلة جديدة، ربما تمثل نقطة انطلاق لقوات المعارضة لتوسيع مناطق خفض التصعيد بدعم تركي.
وتابع: “المعارك المقبلة ستكون كثيفة، سواء في تل رفعت أو منبج وصولًا إلى عين عرب، وذلك لحماية الجغرافيا السورية من التقسيم وحماية الأمن القومي التركي بشكل أساسي. ومن هنا، أرادت تركيا تفاهمات مع دمشق مشابهة لتفاهماتها مع بغداد، لكن عدم استقلالية القرار في دمشق حال دون تحقيق ذلك، مما جعل التحركات الميدانية ضرورة”.
وقف النفوذ الإيراني
وأشار حافظ أوغلو إلى أن “من مصلحة موسكو وواشنطن أن يكون لتركيا ثقل في الملف السوري على حساب النفوذ الإيراني. وكلما ازدادت قوة تركيا في هذا الملف، زادت التنسيقات بينها وبين روسيا والولايات المتحدة، مما يضعف النفوذ الإيراني، والعكس صحيح”.
وتابع: “اليوم تميل الكفة إلى روسيا، في ظل تركيز الولايات المتحدة الأمريكية على تقليص النفوذ الإيراني في سوريا. لذلك، من المتوقع حدوث تصعيد في سوريا بمناطق متفرقة، سواء كانت خاضعة للمعارضة، النظام السوري، أو القوات الإرهابية PKK/PYD ومن خلفها PKK”.
وأضاف: “الخلافات بين الفاعلين الدوليين موجودة، لكن تركيا وروسيا والولايات المتحدة تتفق على ضرورة تقليص النفوذ الإيراني. هذا سيزعج طهران ويدفعها إلى تحريك أذرعها، مما يُنذر بتصعيدات كثيرة في المرحلة المقبلة”.
أسباب تحرك الثوار
وحول أسباب تحرك فصائل المعارضة “الثوار” في حلب وإدلب، قال الخبير العسكري العراقي مهند العزاوي إن وجود حزب الله، ولو بشكل غير رسمي، في هذه المناطق، وما تعرض له من ضربات إسرائيلية في لبنان، أضعفه مقارنةً بالسابق. كما أن إيران أصبحت حركتها محدودة داخل سوريا، مما شجع قوات المعارضة على التحرك ميدانيًا.
وأشار الخبير العسكري العراقي إلى تقارير تحدثت عن دعم عسكري غربي للمعارضة السورية لأول مرة، بهدف فتح جبهة جديدة ضد روسيا التي لم تعد تضع سوريا ضمن أولوياتها بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا.
والأربعاء، أطلق الجيش الوطني السوري وفصائل المعارضة العسكرية السورية معركة “ردع العدوان” في ريف حلب الغربي شمالي سوريا، محققةً تقدمًا كبيرًا على حساب قوات النظام السوري وداعميه.
وتمكنت الفصائل من السيطرة على أكثر من 40 بلدة وقرية، واقتربت لمسافة تُقدر بحوالي 5 كيلومترات من مدينة حلب التي تخضع لسيطرة النظام السوري وحلفائه.