القطن المصري في دائرة الخطر.. الحكومة تحارب الفلاح وترفض دعمه

- ‎فيتقارير

لا تقتصر آثار الانقلاب العسكري سياسيا بل أمتد لكل النواحي وخاصة الناحية الزراعية ف الإنتاج الزراعي تضرر بشكل ملحوظ وخاصة زراعة القطن التي انهارت بشكل مبالغ فيه.

 

وفي السنوات الأخيرة، بدأ المزارعون في العزوف عن زراعة بذرة القطن لتدني قيمته الشرائية ولم يكن له أي مردود، إضافة إلى الظروف التي يمر بها أغلب المزارعين نتيجة عدم تقديم الدعم اللازم لهم من قبل وزارة الزراعة والري والسلطات المحلية. وأصبح هذا المحصول يتلاشى رغم جودته العالمية واشتهار مناطق دلتا أبين بزراعته، لكن الكثير من المزارعين اتجهوا إلى زراعة محاصيل أخرى.

 

فالفلاحين يعيشون أزمات لا نستطيع أن نصفها سوى بالفساد الإداري الممنهج من حكومة الانقلاب، حيث تعددت تلك الأزمات وتنوعت بين ضعف إنتاجية محصول القطن، بسبب عوامل متعددة أبرزها البذور، وصعوبة تسويقه من قبل العديد من الشركات، وانخفاض ثمنه عالميا، وقلة الدعم الذي توفره الحكومة للفلاحين

 

ويصف الخبراء هذا الإهمال والخسارة من زراعة القطن جعل المزارعين يتجهون إلى الزراعة التي ترد عليهم بالفائدة، وهي زراعة الموز، حتى زراعة المحاصيل الصغيرة من الخضروات أصبحت كذلك متوقفة، لأنها لم تفِ بالغرض من زراعتها. وهذا ما نلاحظه من خلال أسعار الخضروات التي تضاعفت في الفترة الماضية.

 

القطن في دائرة الخطر

 

إن محصول القطن طويل التيلة يُعدّ من أهم المحاصيل الاستراتيجية والمحاصيل النقديةالتي كانت قبل الانقلاب تضر ملايين الدولارات، حيث أن محصول القطن كان يحتل أهمية كبيرة في حياة المزارعين أنفسهم، وكان هذا المحصول الجماعي يُشغل جزءًا كبيرًا من القوى العاملة، بل والعاطلة عن العمل، حيث كان يُشغِّل الكثير من النساء.

 

كما كان محصول القطن طويل التيلة من أهم المحاصيل التي يعتمد عليها الناس في معيشتهم، أفراحهم، وأحزانهم. إذا كان لديهم زواج، كانوا ينتظرون جني محصول القطن. كذلك الحال عند البناء أو شراء أي شيء، كانوا ينتظرون حصاد محصول القطن، بالإضافة لأنه يُعتبر من أهم المحاصيل التي تُزرع على مستوى العالم، وكنا نحن من الدول المنتجة لهذا الصنف بالذات، لكن للأسف الشديد، في بلادنا، قضى عليه فساد العسكر والأزمات الاقتصادية، التي تسببوا بها.

 

ليبدأ الفلاحون بالعهزوف عن زراعة القطن، كون زراعته أصبحت مكلفة، بدءًا من المبيدات والوقاية والعمل.

 

غياب الدعم الحكومي

 

قال مصدران بقطاع القطن المصري، إن التجار يستغلون أزمة تسويق القطن خلال الموسم الجاري، ويقومون بشراء القنطار بسعر أقل من سعر الضمان (الذي حددته الحكومة قبل الزراعة) بنسبة 33%، وهو ما يهدد مواسم زراعة القطن مستقبلاً.

 

وبدأت أزمة تسويق القطن خلال الموسم الجاري عندما طالبت شركات التسويق الحكومة بتقديم دعم مالي للفلاحين لتعويض الفارق بين سعري الضمان والسعر العالمي الحالي.

 

وتحدد الحكومة سعر الضمان لقنطار القطن قبل زراعته، حتى تشجع الفلاحين، حيث حدد مجلس الوزراء أسعار ضمان القطن لهذا الموسم عند 10 آلاف جنيه للقنطار من أقطان الوجه القبلي، و12 ألف جنيه من أقطان الوجه البحري.

 

وتقوم منظومة تسويق القطن الحكومية على فتح مزادات يشارك فيها الفلاحون بالقطن، ويقوم التجار بشرائه بسعر يبدأ من سعر الضمان المحدد مسبقًا، ولكن الموسم الجاري، رفض التجار شراء القنطار بسعر يتجاوز الـ8000 جنيه، بسبب تدني الأسعار العالمية.

 

وهبط السعر العالمي للقطن بنسبة 40% خلال العام الجاري، مسجلاً 65 سنتًا للرطل (450 جرام) خلال تعاملات الشهر الجاري، مقابل 107 سنتات في بداية العام، وهو ما يعادل حوالي 8 آلاف جنيه للقنطار، وفق عدد من المصادر.

 

ويمثل إعلان الحكومة لأسعار ضمان تخص سلعة ما، أمرًا يلزمها بالتدخل لشراء المحصول حال انخفاض أسعار البيع الفعلية خلال الموسم عن سعر الضمان المعلن، وفي هذه الحالة من المفترض أن تتولى الشركة القابضة للقطن الشراء إذا لم يشتر القطاع الخاص المحصول.

 

ولم تلتزم الحكومة خلال العام الجاري بشراء القطن من الفلاحين بسعر الضمان، وهو ما أحبط المزارعين ودفع بعضهم لبيع القنطار بـ8 آلاف جنيه للتجار، وفق مفرح البلتاجي، رئيس اتحاد مصدري الأقطان سابقًا، ورئيس إحدى شركات تصدير وتجارة القطن حاليًا.

 

وأضاف البلتاجي أن المزادات وحلقات البيع التي تقيمها الحكومة حاليًا شبه متوقفة، بسبب انخفاض السعر المقدم من التجار، وعدم محاولة الحكومة لحل تلك المسألة بشراء المحصول من الفلاحين بسعر الضمان.

 

وبحسب البلتاجي، فإن محصول القطن خلال العام الجاري يتراوح بين 1.5 و2 مليون قنطار، بينما تحتاج الحكومة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج حوالي 350 ألف قنطار فقط أو أقل، ولكنها تستطيع استقبال 5 ملايين قنطار في محالجها.

 

ولفت إلى أن الحكومة سيكون عليها صرف دعم مالي للفلاحين بنحو 3 مليارات جنيه لحل أزمة تسويق القطن هذا الموسم.

 

 

من جانبه، يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن الفلاحين لدي

عزوف الفلاحين

 

من جانبه، يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن الفلاحين لديهم التزامات مالية تجعلهم عاجزين عن انتظار قرار الحكومة، سواء بشراء المحصول بسعر الضمان أو لا، لافتًا إلى أن هناك تجارًا استغلوا هذا الموقف واشتروا المحصول بالسعر المنخفض.

 

وأضاف أبو صدام ، أن التاجر يراهن على أن الحكومة ستلتزم بسعر الضمان في النهاية، ولكن ربما تكون الشركة القابضة عاجزة عن تمويل شراء المحصول في الوقت الحالي، موضحًا أن التاجر بعدما اشترى المحصول من الفلاح بـ8 آلاف جنيه للقنطار، سيذهب للمزادات الحكومية بعد انتهاء الأزمة، ويربح 4 آلاف جنيه لكل قنطار.

 

وتابع: “بعد هذه الأزمة إذا حددت الحكومة سعر الضمان بـ30 ألف جنيه للقنطار، قد لا يزرع الفلاح المحصول أيضًا لعدم ثقته في المنظومة”، مشددًا على ضرورة حل تلك الأزمة بأقصى سرعة، وتعويض الفلاحين عن هذا التأخير.

 

القطن خارج الاستخدام المحلي

 

أشار نقيب الفلاحين إلى أن القطن المصري طويل التيل لا يوجد له استخدام حاليا في السوق المحلية، بعد أن توقفت كافة المصانع العامة والخاصة عن استخدامه في التصنيع، وتبدلت ثقافة المواطنين في استخدامه لعمل الأثاث والمفروشات المنزلية، بما لا يبقي خياراً أمام الفلاحين إلا تركه في العراء إلى حين تراجع الحكومة عن وقف تسلمه من قبل شركات التسويق أو الإلقاء به في النفايات، ما يلحق خسائر هائلة بالدولة والمزارعين.

 

وأشار نقيب الفلاحين إلى أن ارتفاع تكلفة انتاج القطن المصري مع زيادة أسعار المحروقات والمبيدات والأسمدة والعمالة والنقل جعل هامش الربح عند مستوى السعر المعلن من الحكومة في أدنى مستوياته.