آثار قانون اللاجئين الجديد الذي أصدرته حكومة الانقلاب مؤخراً انتقادات من جانب المنظمات الحقوقية والخبراء، مؤكدين أن حكومة الانقلاب تهدف من خلال القانون إلى استنزاف اللاجئين عبر فرض الرسوم والضرائب التي يجب عليهم سدادها لضمان استمرار وجودهم في البلاد.
وقال الخبراء إن القانون لم يطرح للحوار المجتمعي ولم يدرس التحديات التي يواجهها اللاجئون في مصر، إضافة إلى المضايقات التي يتعرضون لها بسبب قرارات وسياسات حكومة الانقلاب ونظرتها إلى اللاجئين كمصدر للعملة الصعبة وليس لأي اعتبار آخر.
كما انتقدوا مزاعم حكومة الانقلاب بأنها تنفق على اللاجئين أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، مؤكدين أن القانون الذي صدر مؤخراً ويتضمن 39 مادة لتنظيم شؤون اللاجئين الأجانب لا يسد كل الثغرات المتعلقة بتدفق اللاجئين إلى مصر، ولا يوفر حماية للأمن القومي المصري.
كانت حكومة الانقلاب قد زعمت أن هناك نحو 9 ملايين لاجئ في مصر، فيما لم يتم تسجيل سوى 800 ألف لاجئ فقط لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتسعى حكومة الانقلاب للحصول على دعم من الاتحاد الأوروبي مقابل استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين الذين تتخوف دول أوروبا من هجرتهم إليها.
22 منظمة حقوقية
في المقابل، أصدرت 22 منظمة حقوقية بياناً أعربت فيه عن رفضها بنود التشريع الجديد، معتبرة أنه لا يقدم حلولاً حقيقية للتحديات الأساسية التي يواجهها اللاجئون، وتركز الرفض الحقوقي على إقصاء الشركاء الدوليين ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجال حماية اللاجئين من المشاركة في إعداد القانون، بجانب حرمان اللاجئين من المشاركة في الأعمال السياسية وعضوية النقابات.
وأكدت المنظمات أن القانون الدولي يقر بأحقية اللاجئ في هذه الأمور، مشيرة إلى صعوبة حصر أعداد اللاجئين غير الشرعيين أو تحديد مواعيد دخولهم إلى البلاد.
وقال عبدالجليل نورين، مدير مبادرة تنمية اللاجئين: إذا كان قانون اللجوء يتضمن مزايا كثيرة للاجئ، فإن الأصوات الشعبية داخل مصر الرافضة لتلك المزايا تدفع إلى الشعور بالقلق.
وأوضح أن من مزايا التشريع الجديد منح اللاجئ الكثير من الحقوق، على رأسها حقه في العمل بالسوق المصري، ففي السابق، لم يكن مسموحاً للاجئ بالعمل وكان يضطر إلى العمل كمتطوع أو ينتظر تلقي المساعدات من المؤسسات الدولية.
وعن مستقبل اللاجئين في مصر عقب تمرير القانون بشكل نهائي، توقع نورين في تصريحات صحفية أن يكون التشريع مظلة أمان لكل لاجئ، مما سيدفع عدداً كبيراً جداً من المخالفين إلى تقنين أوضاعهم عبر تسجيل بياناتهم لدى الجهات المختصة، فضلاً عن تحسين أوضاعهم المعيشية بعد السماح لهم بالدخول إلى سوق العمل، وهو ما يشكل في الوقت نفسه إضافة للاقتصاد المصري.
وأضاف أنه من المقرر أن تصدر لائحة تنفيذية خاصة بتطبيق القانون خلال 6 أشهر من بدء العمل به، وتصبح القوانين التي يقرها مجلس نواب السيسي سارية بعد الموافقة عليها من قائد الانقلاب ونشرها في الجريدة الرسمية.
مناقشة مجتمعية
وانتقد الدكتور حسام الغايش، خبير أسواق المال ودراسات الجدوى الاقتصادية، قانون اللاجئين الجديد وبعض بنوده والآلية التي يعتمدها لتسجيل اللاجئين وطالبي اللجوء، مشيراً إلى أن مشروع القانون لم يطرح للمناقشة المجتمعية.
وقال الغايش في تصريحات صحفية: وفقاً لبيانات حكومية، وصلت أعداد اللاجئين في مصر إلى أكثر من 9 ملايين من نحو 133 دولة، يمثلون نسبة 8.7% من حجم سكان البلاد، منتقداً مزاعم حكومة الانقلاب بأن دولة العسكر تتكلف 10 مليارات دولار سنوياً لاستقبال هؤلاء اللاجئين.
وأكد أن زيادة أعداد اللاجئين وارتفاع تكلفة الإنفاق عليهم من أهم أسباب إقرار قانون جديد لشؤون اللاجئين. موضحاً أن القانون الجديد تضمن العديد من المزايا للاجئين، إذ نصت المادة 18 على أن يكون للاجئ الحق في العمل والحصول على أجر مناسب لقاء عمله، كما يكون له الحق في ممارسة المهن الحرة في حال حمله لشهادة معترف بها، بعد الحصول على تصريح مؤقت من السلطات المختصة بالبلاد، وذلك كله على النحو الذي تنظمه القوانين ذات الصلة.
وأضاف الغايش: المادة 14 من القانون نصت على أن يكون للاجئ الحرية في الاعتقاد الديني، ويكون لأصحاب الأديان السماوية منهم الحق في ممارسة الشعائر الدينية بدور العبادة المخصصة لذلك. وأقر القانون عدداً من العقوبات والغرامات في حالة التأخر عن الإبلاغ بتواجده في البلاد خلال 45 يوماً أو مخالفة الدستور والقانون المصري، ولم يحدد إذا كان تواجده بشكل شرعي أم لا.
وتابع: وفقاً لقانون اللاجئين، فإن الأثر الاقتصادي لتواجد اللاجئين سيتم السيطرة عليه جزئياً، ولكن يجب أن يستكمل هذا القانون ببعض المقترحات الاستثمارية في مزاولة أنشطة تجارية أو استثمارية لضمان حقوق الدولة. كما يتطلب الأمر وضع اشتراطات اقتصادية، كعدد العاملين المصريين ورسوم إضافية لضمان حق الدولة في حالات التهرب الضريبي مستقبلاً، كما هو متبع في العديد من الدول في حالة الاستثمار الأجنبي المباشر.