أحالت المحكمة العسكرية بالإسماعيلية المتهمين في القضية رقم 80 لسنة 2023 حصر عسكري، والمعروفة بـ «قضية حق العودة» إلى المحاكمة، بحسب مؤسسة «سيناء لحقوق الإنسان».
وتعود أحداث القضية إلى أكتوبر عام 2023 عندما وجهت النيابة العسكرية اتهامات لـ 54 من أهالي محافظة شمال سيناء، بتخريب سيارات عسكرية، واستعراض القوة، والتجمهر، على خلفية تظاهرات “حق العودة” والتي طالب فيها آلاف السكان المحليين بالعودة لرفح والشيخ زويد عقب سنوات من التهجير القسري.
وفي 23 أكتوبر من العام الماضي تجمع المئات من سكان محافظة شمال سيناء من أبناء قبيلتي الرميلات والسواركة، بالقرب من قرى الحسينات والمهدية قرب مدينة رفح، وقرية الزوارعة جنوب مدينة الشيخ زويد، للمطالبة مرة أخرى بحقهم في العودة لأراضيهم، بعد انتهاء المهلة التي حددتها السلطات المصرية، وحنثها بوعودها بعودتهم في موعد أقصاه 20 أكتوبر 2023، وذلك خلال اجتماع جمع بين شيوخ القبائل وقائد الجيش الثاني الميداني اللواء محمد ربيع في مدينة العريش، أغسطس الماضي، على خلفية اعتصام للمهجرين والنازحين وقتها.
وتأتي احتجاجات السكان في شمال سيناء مؤخرًا، خوفًا من التقارير الصحفية المتواترة حول خطط إسرائيلية لتهجير سكان قطاع غزة بفلسطين لمنطقة شمال سيناء، والإشارة إلى ضغوط مكثفة على الحكومة المصرية لقبول استقبال لاجئين فلسطينيين من غزة بشكل دائم في سيناء.
وما يزيد من هذه المخاوف خلو مناطق شرق سيناء من سكانها، والدمار الكامل لبنيتها التحتية، خاصة في مدينة رفح وعدد من قرى الشيخ زويد، نتيجة عقد كامل من العمليات العسكرية ضد تنظيم ولاية سيناء، وقرارات السيسي التي فرغت المنطقة من سكانها.
يذكر أنه في 29 أكتوبر 2014، أصدر رئيس الوزراء إبراھيم محلب مرسومًا يقضي بـ”إخلاء وعزل” منطقة تمتد قرابة 5 كيلومترات داخل شمال سيناء على طول الحدود مع غزة، تشمل معظم مدينة رفح. وبحسب الخريطة المرفقة بالمرسوم، تم تحديد المنطقة العازلة على أن تمتد بطول الحدود (13 كيلومتر) مع غزة، وتضم نحو 79 كيلومتر مربع من الأراضي المصرية.
كما ورد بالمرسوم أن يحصل المواطنون المضطرون للإخلاء على “التعويض العادل” وعلى مساكن بديلة. إلا أن قيمة التعويضات ظلت محل اعتراض من الأهالي والمنظمات الحقوقية لعدم تناسبها مع قيمة الضرر، فضلاً عن عدم حصول آلاف الأسر المهجرة عليها رغم مرور سنوات على تطبيق المرسوم.
وفي 23 نوفمبر أصدر السيسي القرار رقم 420 لسنة 2021، والذي نص على تحديد قرابة ثلاثة ألف كيلو متر مربع من الأراضي في شمال شرق شبه جزيرة سيناء، كـ مناطق حدودية تخضع لقيود صارمة.
وقد شمل القرار الكثير من القرى والتجمعات السكنية ومدناً رئيسية لا زالت تضم آلاف السكان، ضمن المناطق المحظورة.
ووفقاً لتقديرات سابقة نشرتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان فإن نحو 40 ألف مواطن في شمال سيناء يسكنون حاليًا في المناطق التي تم اعتبارها “محظورة”، مما يضعهم في دائرة التهديد المستمر بشبح التهجير القسري، ناهيك عن عشرات آلاف من المدنيين النازحين من هذه المناطق، الذين كانوا يتطلعون لإنتهاء العمليات العسكرية للعودة لأراضيهم. وفي العام نفسه، أصدر السيسي القرار الرئاسي رقم 442 لسنة 2021 ليحول “الاستثناء” إلى “حالة دائمة” في شبه جزيرة سيناء.
يشار إلى أن نظام السيسي قام بتهجير آلاف السكان المصريين الأصليين قسريا من شمال سيناء بداية من عام 2014، بحجة الحرب على “الإرهاب”، وتعرضت منازلهم للهدم وأراضيهم للتجريف، وسط وعود من النظام تكررت كثيرا بعودتهم، إلا أن أيا منها لم ينفذ ما دفعهم لإقامة تظاهرات واحتجاجات كثيرة طيلة الفترة الماضية.
يأتي ذلك وسط التقارير المتداولة عن مخطط “تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء“، الذي تسعى له إسرائيل بدعم أمريكي حيث ضغطت واشنطن على النظام المصري في ذلك، واتضح هذا جليا من تصريحات السيسي الأخيرة عن الأمر.
وربط البعض بين مخطط التهجير الذي يتم الحديث عنه وفجر الجدل، وبين رفض النظام إعادة مهجري سيناء المصريين إلى أراضيهم.
ويخشى نشطاء رغم تأكيد السيسي أن مقترح تهجير الفلسطينيين لسيناء مرفوض تماما ـ كما صرح علانية ـ ، أن يخضع للضغوط التي تمارس عليه خاصة وأن الإغراءات المقدمة له كبيرة وقد تخرجه من أكبر أزماته التي تهدد حكمه، بإسقاط الديون عن مصر.