دراسة: اعتقال طبيبة كفر الدوار غرضه ستر فشل “الحكومة” الاجتماعيّ

- ‎فيتقارير

قالت دراسة لموقع الشارع السياسي إن “أبرز ما تكشف عنه واقعة اعتقال طبية كفر الشيخ وسام شعيب (بسبب فيديو عن أوضاع اجتماعية خاطئة عرفتها بحكم مهنتها) وتعاطي الحكومة معها، على أن الحكومة تريد ستر عوراتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية بأي ثمن، بأي ذريعة من الذرائع، وأن حلول فاعلة للمخاطر الاجتماعية والأمراض التي يحياها الشعب المصري، فتترك أصل القضية وتمسك بمن يكشفها أو يحذر منها”.

 

وقالت الدراسة التي جاءت بعنوان (طبيبة “كفر الدوار” والمنهج السلطوي في ردم المشكلات الاجتماعية) إن العديد من التقارير المستقلة، كشفت الكثير من الأمراض والفواحش المتزايدة بمصر، ما أدى لمزيد من حالات الطلاق والانتحار والسرقات والقتل والجرائم.

 

وأشارت الدراسة إلى تحويل وسام شعيب للنيابة العامة “التفافا على المشكلات الحقيقية التي تناولتها الطبيبة وخانها فيها أسلوب العرض وطريق الشرح على عامة الناس رغم أنها لم تقم بإفشاء سر المرضى ولم تنتهك الخصوصية لهم، ومن واجب نقابة الأطباء القيام بدورها نحو الطبيبة مهنيًا ونقابيًا، والتركيز على الجانب الإيجابي من التوعية المجتمعية، ووضع خطأ الطريقة في الاطار المهني وليس الجنائي، ولكن يبدو أن الواقع الحالي في مصر أصبح مغرمًا بخلط الأوراق وتغييب الحقيقة وراء شعارات إعلامية مزيفة تزيد من انتشار الفساد الأخلاقي والقيمي والديني في المجتمع.”

 

 

ردم أزمات

 

وخلُصت الدراسة إلى أن “التعاطي مع طبيبة كفر الدوار، مجرد محاولة لردم أزمات المجتمع الصري، بأي ثمن، وكأن مصر تعيش أجواء حرب أو أجواء نكسة ، على حد تعبير عبد الفتاح السيسي ، نفسه، والذي لم ولن يسمح بأي حرية تعبير، لأي أحد، يناقش بجدية مشكلات اجتماعية، قد تكن الحكومة أو النظام سببا فيها”، معتبرة أنه “يعد كبتا وقمعا للاراء على حساب سلامة المجتمع المصري”.

 

 

أبعاد أخرى

 

وأضافت أن الخطر الأكثر تأثيرًا على المجتمع المصري، فيما تناولته طبيبة كفر الدوار، هو: زيادة عدد الأطفال المعثور عليهم أو الأطفال مجهولي النسب؛ وهي بلا شك تعتبر ظاهرة خطیرة داخل المجتمع المصري وأخذت تزداد في الفترة الاخیرة نظرًا لأسباب کثیرة منها التفلُت الدينى والأخلاقي في المجتمع وتعنى انتشار جريمة العلاقات الجنسية المحرمة خارج إطار الزواج”.

 

دراسة اجتماعية

 

ونقلت عن دراسة ميدانية نشرها مركز “هرمس” للدراسات التابع لجامعة القاهرة عام 2019؛ تمت الإشارة إلى أن الأطفال مجهولي النسب في مصر قنبلة اجتماعية قابلة للانفجار في أي لحظة، خصوصاً وأن تعدادهم يقترب من مليونَي طفل، وفقاً لإحصاءات المجلس القومي للطفولة والأمومة عام 2016.

 

وقد أشارت طبيبة كفر الدوار إلى مدى المعاناة التي يلقاها هؤلاء الأطفال الأبرياء لضمان توفير احتياجاتهم من خلال تبرعات أهل الخير يوجود فصور في التمويل الحكومي سواء في في مقار رعاية الأمومة والطفولة بوزارة الصحة حيث يتم وضع الطقل فيها حتى عمر العامين، أو في دور الإيواء التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي والتي يظل فيها الطقل حتى يبلغ عمر ثمانية عشر عامًا.

 

قيود حكومية على دراسة المجتمع

 

وأشارت الدراسة إلى جانب لا يقل أهمية عما سلف وهو القيود المفروضة على أجهزة وهيئات من شأنها دراسة المجتمع، لافتةً إلى أن أهم ما يمكن أن نرتكز عليه هو الأرقام والإحصائيات والتي تعطينا مؤشرًا قويًا لحالة المجتمع، وهنا تواجهنا مشكلة أخرى ألا وهي أن المسح الشامل لمجتمعنا يواجه قيودًا عدة، أولها موقف السلطة الحاكمة، والتي قد لا تفضل – لأسباب تقول إنها أمنية – دراسة كليةً للمجتمع في صورته الراهنة، وإتاحة المادة العلمية لـ “العلم العام”.

 

ولفتت إلى أن جهات مثل: “المعهد القومي للتخطيط”، و”جهاز التعبئة العامة والإحصاء”، و”الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة”، و”الجهاز القومي للسكان”، و”مركز دعم واتخاذ القرار”، التابع لمجلس الوزراء عن القيام بدراسات جزئية، كل فيما يقع في نطاق اختصاصه، وحسب ما يُطلب منه. لكنها دراسات داخلية.

 

وأردفت أن “المجالس القومية المتخصصة” تقدم دراسات متنوعة بلا توقف، لكن كل هذا لا يكون متاحا للإطلاع من قبل الرأي العام، ولا يكون متاحًا للباحثين من خارج هذه الجهات إلا بشق الأنفس، وكان بعضه يتسرّب إلى الصحافة، فتعرضه في اختزال أو اجتزاء، لكن هذا لم يعد قائمًا في هذه الأيام مع القيود الشديدة المفروضة على الصحف.

 

وأكدت أن القائمين على هذه الأجهزة لا يجدون الباب مفتوحًا أمامهم لإطْلاع الرأي العام على الحقائق، فكثير من الإحصائيات يتم إخفاؤها عن آذان الناس وعيونهم، اللهم إلا إذا كان الإعلان تراه السلطة الحاكمة في مصلحتها، أو تنزل على ضغوط عليها أثناء الأزمات للإفراج عن هذه المعرفة الحبيسة. وينطبق الأمر نفسه على بعض الباحثين الذين تستعين بهم السلطة لإعداد تقارير في غرف مظلمة، لا يطلع عليها إلا عدد قليل.

 

وكل هذا بالطبع يبعدنا عن الوصول إلى حصر حقيقي لحجم المشكلات والظواهر الاجتماعية الموجودة ليعرف كثيرون ممن يفضلون أن يظل الوضع على ما هو عليه حجم الكارثة الحقيقية التي تحتاج منا إلى تشخيص وحصر ومن ثم اتخاذ خطوات حقيقية للإصلاح.

 

فلقد أصبحنا في حاجة إلى نظرة شاملة لمجتمعنا، تُشارك فيها جهات عدة، وتُصاغ بلغة قابلة للتداول على نطاق واسع ، ليعرف أهل مصر ما آل إليه مجتمعهم الذي هبّت عليه عواصف كثيرة لم يتم رصدها ودراستها إلى الآن، على نحو سليم.

 

فشل حكومي

 

واستعرضت الدراسة تقديرات لخبراء المجتمع المصري، تشير إلى أنه كان من المتوقع أن تبدأ المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين وبرامج الفضائيات في دراسة تلك المشكلات والظواهر المجتمعية الخطيرة التي وردت في كلام طبيبة كفر الدوار، وبحث الأسباب، وتحديد نقاط الخطورة، والبدء فورًا في وضع الحلول الدينية والأخلاقية والمجتمعية، خاصةً وأنه يوجد قصور واضح خلال السنوات القليلة الماضية في نشر القيم الدينية، واختفاء دور القيادات المجتمعية تمامًا من العمل والانتشار بين الناس، وتوفير سبل الاعاشة والايواء بطريقة آدمية لتلك الفئة من الأطفال مجهولي النسب بأسلوب يكفل لهم الكرامة طوال حياتهم، خاصة وأن الواقع الموجود فى الوقت الحالي داخل دور الرعایة الاجتماعية واقع مؤلم جدًا من حیث دعم الدولة لهذه الفئة فهو قلیل جدًا لا یوفى جمیع الاحتياجات لهم، ولكن تقوم التبرعات الیومیة من أهل الخير بالوفاء باحتیاجات هؤلاء الأطفال.

 

ولكن الذي حدث هو أن السهام توجهت جميعها نحو طبيبة كفر الدوار، وتم فورا تطبيق “قانون ابن الهِرمة” بأسلوب جديد حيث تم غض الطرف عن المسلسلات والأفلام الهابطة التي تنشر الرذيلة، وعن الحوارات البذيئة على الفضائيات رغم انتشارها، ولم يهتم أحد بدراسة الخلل التربوي والأخلاقي ووضع سبل الإصلاح، تمامًا كما حدث مع المستشار هشام جنينه المدير السابق للجهاز المركزي للمحاسبات والذي تم حبسه بنفس التهم بعد حديثه حول الفساد الحكومي، وكما تم حبس الأطباء الذين حذروا من وجود مصابين بفيروس كورونا في حين كانت الدولة تنفي ذلك رسميًا.

 

وبالفعل فقد تم إلقاء القبض على الطبيبة وتحويلها للنيابة العامة؛ وتوجيه عدة اتهامات جنائية لها مثل تكدير الأمن والسلم العام، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإثارة البلبلة بين أطياف الشعب المصري، واستخدام ألفاظ سيئة.

https://politicalstreet.org/6970/