بعد نجاح الفصائل المعارضة في إحكام قبضتها على سوريا، وطرد رموز نظام المجرم بشار الأسد، وإن كان الجميع يظن أن ما وصل إليه الثوار من المعجزات، لكن تظل المعجزة الأكبر هي قدرة هؤلاء الثوار في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية، فبخلاف الثورة المضادة توجد تحديات أولها توزيع المكتسبات بين الفصائل فلا يوجد منتصر بدون غنائم.
توزيع الأدوار
ولعل أهم ما في ذلك الانتصار هو توزيع الأدوار على الثوار أنفسهم فثورات الربيع العربي، كان أحد أسباب عدم مواصلة نجاحها، هو المكتسبات فليست الحرية وحدها هي ما كانا يسعون إليها فالأساس كان العيش والعدالة الاجتماعية، فتونس ومصر لم يجد الشباب الذين شاركوا بالثورة مكانا لهم في الحياة السياسية،ليجد الثوار أنفسهم خارج المعادلة، دون أي مكتسبات ولعل الثورة المضادة نجحت في التنفيث في ذلك.
لذلك ومع انقضاض الثورة المضادة عليهم لم يتشجعوا ولم يكن لهم دور بارز، في إسقاط ومحاربة الثورة المضادة، فلماذا سيحاربون؟ وها قد حاربوا وضحوا ولم يجدوا المقابل، ليعودوا مرة ثانية بعد أن جارت عليهم الثورة المضادة، ويعودوا إلى صفوف الثورة.
الدول التي تخشى الثورات
ويرى الداعية والمفكر الإسلامي والأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الدكتور علي الصلابي أن الدول التي شاركت في وأد الربيع العربي، تعلم علم اليقين أن خطر نجاح الثورة السورية بعد هذه السنوات أعظم خطراً عليها من نجاحها في السنة الأولى قبل 11 عاماً.
لا فتا أن نجاحها يعني عند الشعوب أن الثورة ستنتصر ولو اجتمع عليها أهل الأرض والروس وإيران ومليشياتها وغيرهم، فهل ستقف هذه الدول مكتوفة المكر؟؟.
السلاح والإعلام
وفي هذا الصدد يقول الصلابي: “لا بد من الرجوع والاستفادة من الأحداث الأولى، فحينما استطاع الثوار أن يتفوقوا في البداية انقسموا بعد الوصول إلى أطراف العاصمة إلى فريقين، فريق الإسلاميين تسابقوا لاحتلال المعسكرات والسلاح، وفريق العلمانيين تسابقوا لاحتلال الاستوديوهات والقنوات”.
ويرى الصلابي أنه بعد فترة ظهر أن الإعلام أقوى تأثيرا من السلاح، فقد استطاع الإعلاميون تحريض الشارع على الثورة ورفع شعار: “نريد جيش وشرطة، لا نريد ميليشيات، وكانت النتيجة هجوم الجماهير على المعسكرات ونجاح الثورة المضادة”.
التوافق قبل الشريعة
ونوه الصلابي أنه في السابق نجح العلمانيون في استغلال سذاجة المظاهرات المسلحة التي خرجت للمطالبة بتطبيق الشريعة. فتحولت الشريعة في صورة العوام إلى تطبيق للجلد وقطع الأيادي، وازداد تأكيد هذه الصورة المشوهة بعد تسمية أحد التشكيلات باسم «أنصار الشريعة»، وكان عناصرها متشددين سطحيين في فهم الإسلام وتطبيقه، فكانوا خير منفر عن الإسلام وأعظم دعاة للعلمانية والردة والإلحاد من حيث لا يشعرون”.
ووجه أحمد الشرع المكنى بـ”الجولاني”، كافة القوات العسكرية في مدينة دمشق، بأنه يُمنع منعًا باتًا الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسميا، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء.
عودة اللاجئين السوريين
إن تشجيع السوريين على العودة إلى ديارهم للدفاع عن أرضهم في وجه العمليات الديموغرافية التي تم تنفيذها في المدينة على مدار الـ11 عاماً الماضية، تعتبر من أحد التحديات التي يجب على الثوار أن يعملوا عليها.
ومن جهته قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأحد: إنّه “بات بوسع ملايين السوريين الذين فرّوا من بلادهم جراء النزاع، العودة إلى ديارهم بعدما أعلنت فصائل المعارضة إسقاط الرئيس بشار الأسد”.
وقال فيدان في منتدى الدوحة للحوار الدولي في قطر: “بوسع ملايين السوريين الذين أجبروا على ترك منازلهم العودة إلى أرضهم”، مضيفا أن “الوقت قد حان لتوحيد وإعادة بناء البلاد”.
الطائفية
من أهم التحديات بل هي من أخطرها هي القضية الطائفية والعرقية فعلى الثوار أن يعملوا على أن تعود سوريا لأبناء الشعب السوري، حيث إنه إذا استمر البعض بتغذية النعرات الطائفية ستدمر سوريا.
شاهدنا أنه من أمس وبعض الأبواق تتحدث عن فصائل الجيش الوطني ودخول العديد فيه من أصحاب اللهجات الأجنبية، وضرورة إبعادهم عن المشهد، وأبواق أخرى تدعو للانتقام من المليشيات الشيعية، في حين أن هناك تخوف كامل لدى المسحيين المتواجدين بكثرة في دمشق رغم رسائل الطمأنة التي بعث بها أحمد الشرع.
العدو الصهيوني
ومن التحديات المباشرة وجود سوريا في الحدود مع إسرائيل، التي لن تقبل بأي شكل من الأشكال بوجود حكومة إسلامية على حدودها، وإن كان الموقف الآن هو التهليل الصهيوني بسقوط الأسد.
أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، انتشار قواته في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، جنوب غربي سوريا، على أطراف الهضبة التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 وأعلنت ضمها لاحقا.
وقال الجيش في بيان: “في ضوء الأحداث في سوريا وبناء على تقييم الوضع وإمكانية دخول مسلحين إلى المنطقة الفاصلة العازلة قام جيش الدفاع بنشر قوات في المنطقة الفاصلة العازلة وفي عدة نقاط دفاعية ضرورية”.
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، أن اليوم تاريخي بالنسبة للشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
وقال نتانياهو، خلال وجوده قرب الحدود مع سوريا، رفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس: إن “هذا يوم تاريخي في الشرق الأوسط. نظام الأسد حلقة مركزية في محور الشر الإيراني، لقد سقط هذا النظام”.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن “هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران وحزب الله، الداعمين الرئيسيين، أدى هذا إلى خلق سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء الشرق الأوسط لجميع أولئك الذين يريدون التحرر من نظام القمع والطغيان”.
وأكد الجيش الصهيوني في بيانه أنه لا يتدخل في الأحداث الواقعة في سوريا، مضيفا أنه تقرر فرض منطقة عسكرية مغلقة ابتداء من اليوم الأحد في المناطق الزراعية في منطقة ماروم جولان، هين زيفان وبقعاتا وخربة عين حور.