مع دخول فصل الشتاء، واصلت أسعار الدواجن ارتفاعها في الأسواق المحلية ووصل سعر الكيلو من الفراخ البيضاء إلى أكثر من 120 جنيها في بعض المناطق، وهو ما تسبب في تراجع إقبال المواطنين على الشراء بسبب ضعف قدرتهم الشرائية .
الخبراء أرجعوا زيادة الأسعار إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج من أعلاف وكهرباء وتدفئة وغاز، خاصة بعد زيادة أسعار الوقود والكهرباء مما زاد من التكلفة، بجانب خروج كثير من المربين الصغار من العملية الإنتاجية بعد أزمة الأعلاف .
كانت وزارة زراعة الانقلاب قد طرحت بالتعاون مع اتحاد منتجي الدواجن مبادرة لتقديم قروض ميسرة للمربين الصغار بفائدة 5% ؛ لدعم صغار المربين والمزارع الصغيرة لبدء دورات إنتاجية وتغطية احتياجات السوق المحلي من الدواجن والبيض إلا أن هذه المبادرة لم يستفيد منها أي المنتجين بسبب الارتفاع المستمر في تكلفة الإنتاج
مدخلات الإنتاج
من جهته، قال الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية: إن “الأزمة تتمثل في أسعار الكتاكيت ومدخلات الإنتاج ومنها الأعلاف وتوفيرها، مما أثر على أسعار الدواجن البيضاء والبيض وأدى إلى الاستيراد، مشددا على ضرورة تعديل الوضع القائم حاليًا، ومواجهة الارتفاعات الكبيرة في الأسعار خاصة الكتاكيت”.
وأضاف السيد في تصريحات صحفية أن الاستيراد قد يساهم في بعض الحلول وتوفير الكتاكيت لبدء دورات إنتاج جديدة، لافتًا إلى أن أكبر أزمة تحدث عند الاستيراد من الخارج هي تثبيت سعر المنتج لأن الكتكوت يمكن أن يصل إلى 43 جنيها، وبذلك تم تثبيت السعر بالنسبة للمنتجين في مصر.
ونوه إلى أن زيادة سعر الكتاكيت ومدخلات الإنتاج سيؤدي بالتالي إلى رفع أسعار الدواجن، خاصة مع زيادة الاستهلاك وقرب قدوم شهر رمضان، لأنه يتم تثبيت السعر بالنسبة للمنتجين في مصر ويحدد سعر عالى أيضا وهذا هو الخلل الوحيد، مؤكدا أنه لا حل إلا الاستيراد لتوفير كتاكيت قبل دورات الإنتاج الجديدة ومبادرة عودة المربين الصغار إلى الإنتاج.
وأكد السيد أنه في حالة ضبط المنظومة سوف يزيد الإنتاج والمشكلة هي انخفاض سعر الجنيه، ولكن سيكون السعر أقل من المستورد بقيمة 13 جنيها، مشددا على ضرورة الضغط على الشركات لزيادة الإنتاج، والاستيراد من الخارج، على أن يتم تحديد سعر الكتكوت فعليًا مع وضع هامش ربح لعدم رفع سعر الدواجن.
الأجنحة والهياكل
وقال «نادي نايل»، أحد أصحاب محلات بيع الدواجن بالجيزة: إن “القوة الشرائية للمستهلكين ضعيفة بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار أغلب السلع والخدمات، موضحاً أن البائع مجبر على وضع 5 جنيهات كهامش ربح على الكيلو لمواجهة الارتفاع الكبير في الإيجارات والعمالة وتكاليف التشغيل والكهرباء وأن الأسعار قد تزيد في بعض المناطق الراقية بسبب زيادة القيمة الإيجارية ومصاريف التشغيل”.
وأشار نايل في تصريحات صحفية إلى أن متوسط الأسعار في أغلب المحلات بالمناطق الشعبية والريفية في القاهرة الكبرى يتراوح بين 95 و115 جنيها للكيلو، ولكنه يزيد في المناطق الراقية، مثل التجمع وأكتوبر، بخلاف الزيادة الطبيعية في الأسعار خلال فترة الشتاء التي تستوجب مصاريف تشغيل أكبر من الصيف.
وأكد أن الكثير من المواطنين البسطاء يلجأون إلى شراء الأجنحة والهياكل بسبب غلاء المعيشة، بل وصل الأمر إلى قيام البعض منهم بشراء أرجل الفراخ التي كنا نبيعها لإطعام للكلاب.
استيراد الكتاكيت
وقال خبير الثروة الحيوانية الدكتور مصطفى خليل: إن “استيراد الكتاكيت سيسهم في خفض الأسعار بشكل ملحوظ، ولكن الأمر يحتاج لشهرين على الأقل من بدء تنفيذ إجراءات الاستيراد حتى وصول الشحنات وتوزيعها على الشركات والمربين، ودخولها في دورة الإنتاج التي تستغرق 40 يومًا، حتى طرحها بالأسواق للمستهلك”.
وأضاف خليل في تصريحات صحفية أن الفترة الحالية ستشهد ارتفاعاً في الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الكتكوت إلى 50 جنيهاً، مطالبا بضرورة تشديد الرقابة للسيطرة على الأسواق وجشع التجار، حتى طرح الدفعات الأولى المُنتجة من الكتاكيت المستوردة.
وشدد على ضرورة أن تعمل حكومة الانقلاب على تشجيع صغار المربين على العودة إلى منظومة الإنتاج من خلال إزالة العقبات التي تواجههم وعلى رأسها شروط إصدار التصاريح، مما يقلص من توغل الشركات الكبرى والمستثمرين الأجانب في صناعة الدواجن وسيطرتهم على الأسواق، مؤكدا أن صغار المربين كانوا عصب الصناعة منذ عقود.
حلقات وسيطة
وكشف أبو أحمد سيد – بائع فراخ- : في الآونة الأخيرة تزايدت الأسعار بشكل جنوني ودائماً مبررات المتحكمين في المنظومة أن أسعار الأعلاف زادت 10 آلاف جنيه في الطن، والغريب أن زيادة الدواجن تخطت خلال أسبوع 26 جنيها في الكيلو الواحد، مشددا على ضرورة توفير رقابة قوية على بورصة الدواجن وعدم تركها لأشخاص يتحكمون في الأسعار على مستوى الجمهورية.
وقال سيد في تصريحات صحفية: إن “التاجر مغلوب على أمره فأحياناً نتفق على شراء الدواجن من المزرعة بسعر 93 جنيها للكيلو، وبعد تحميل الدواجن في السيارة يمنع صاحب المزرعة خروج السيارات من مزرعته ويطلب دفع 5 جنيهات زيادة لكل كيلو بحجة زيادة أسعار الأعلاف، وإلا نعيد الدواجن إليه مرة أخرى، وبالطبع نسدد له ما أراد مرغمين، وبالتالي تضطر لرفع السعر”.
وأشار إلى أن هناك حلقات وسيطة ما بين المزارع ووصول الدواجن للمستهلك، وفي كل حلقة من تلك الحلقات يتم رفع السعر حتى تصل الدواجن ليد المستهلك بأسعار تزيد في كل كيلو بأكثر من 40 جنيها عن سعره في المزرعة.
وحذر سيد من أنه بدون السيطرة على المتلاعبين في سعر الدواجن ستزداد الأمور سوءاً، موضحا أن أقل فرخة تزن 2 كيلو، يتخطى سعرها الـ 230 جنيها، وهي لا تكفي أسرة مكونة من ثلاث أفراد، ولو أضفنا إليها المكونات الأخرى مثل الأرز أو المكرونة والخضروات، سنجد أنها تكلف الأسرة أكثر من 500 جنيه في وجبة واحدة .