يعاقب الطبيب ويهمل المريض .. السيسي يصّر على فرض قانون المسئولية الطبية لمصلحة من؟

- ‎فيتقارير

صعدت نقابة الأطباء رفضها لمشروع قانون المسؤولية الطبية الذى وافقت عليه حكومة الانقلاب وأقره مجلس شيوخ السيسي بالدعوة إلى عقد جمعية عمومية يوم 3 يناير المقبل لإعلان رفض الأطباء لهذا القانون الذى يجيز توقيع الحبس الاحتياطى ضد الأطباء فى حالة حدوث أية أخطاء طبية وهو ما يراه الأطباء بمثابة سيف مسلط على رقابهم كما أنه يعرقل تقديم الخدمة الطبية لمن يحتاجونها خاصة بالنسبة للحالات الطارئة.

وحذر الأطباء من أن يؤدي تطبيق القانون إلى عزوفهم عن التعامل مع الحالات الحرجة خوفًا من المساءلة القانونية في حالات قد لا تكون تحت سيطرتهم.

ورغم أن القانون كان من المفترض أن يأتي في إطار حماية حقوق المرضى وضمان تقديم خدمات صحية آمنة وفعّالة، إلا أنه أثار موجة من الانتقادات من قبل الأطباء والمختصين الذين اعتبروا أن بعض بنوده تضع ضغطًا مفرطًا على الممارسين الطبيين، وتدفعهم للتخوف من مواجهة تبعات قانونية

 

الحبس الاحتياطي

 

من جانبه قال الدكتور جمال عميرة وكيل النقابة العامة للأطباء، أن حبس الأطباء خطوة غير مطلوبة وغير مرغوبة، طالما أن الطبيب يقوم بواجبه على أكمل وجه ووفقًا للبروتوكولات الطبية المتعارف عليها.

وأضاف “عميرة” في تصريحات صحفية: نطالب بمنع الحبس الاحتياطي للأطباء، والعمل على إنشاء صندوق تعويضات وتأمين لحصر الأخطاء البسيطة أو المضاعفات التي قد تحدث أثناء العلاج.

وأشار إلى أن القانون، بصيغته الحالية، سيؤدي إلى عزوف الأطباء عن التعامل مع الحالات الحرجة، حيث سيخشى الكثيرون من التعرض للمساءلة القانونية أو الحبس، ما قد ينعكس بالسلب على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

وكشف “عميرة” أن النقابات الفرعية في المحافظات نظمت اجتماعات عديدة لبحث تداعيات القانون، بمشاركة أعضاء مجلس النقابة العامة، كما تم الإعلان عن عقد جمعية عمومية طارئة يوم 3 يناير المقبل لعرض موقف الأطباء الرافض للقانون ولتوحيد الجهود في مواجهة تبعاته، وحذر من أن الأطباء قد يركزون فقط على الحالات البسيطة لتجنب أي مشكلات قانونية، ما قد يؤثر على علاج الحالات الحرجة والخطيرة.

 

أزمة حقيقية

 

وأكد الدكتور إبراهيم الزيات عضو مجلس النقابة العامة للأطباء أن مشروع قانون المسئولية الطبية  بصيغته الحالية “غير مناسب لطبيعة العمل في المجال الطبي”، محذرًا من تداعيات خطيرة قد تؤدي إلى هجرة المزيد من شباب الأطباء، ولجوء الأطباء إلى ممارسة ما يُعرف بـ”الطب الدفاعي”، مما يضر بجودة الرعاية الصحية المقدمة للمريض.

وقال “الزيات” في تصريحات صحفية السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه هو: لصالح من هذا القانون؟ مؤكدا أن العقاب الأساسي فيه يقع على المريض وليس الطبيب.

وأوضح أنه على الرغم من تواصل النقابة مع كافة الجهات والمؤسسات وتفهم البعض لوجهة نظرنا، إلا أن القانون تم إقراره دون الأخذ بتلك الملاحظات.

وحذر”الزيات” من أن الأمر يمس الحياة المهنية لكل فرد في الفريق الطبي، بما في ذلك التمريض، أطباء الأسنان، والصيادلة، مؤكدا أن القانون في صيغته الحالية يمثل أزمة حقيقية قد تفتح أبوابًا لا تُحمد عقباها في هذا التوقيت الحرج.

ودعا لإعادة النظر في مشروع القانون، قائلًا: هذا ليس الوقت المناسب لمثل هذه الأزمة التي قد تعصف بمستقبل الطب في مصر.

 

جمعية عمومية

 

وقال الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق النقابة العامة للأطباء، إن النقابة كانت تطالب بإقرار قانون المسؤولية الطبية منذ 8 سنوات، موضحًا أن النقابة هى المعنية الرئيسية بمقدمي الخدمة الطبية، أي الأطباء، وتحرص على وضع فلسفة وأهداف واضحة لهذا القانون، كما هو الحال في العديد من الدول العربية والأجنبية.

وأضاف القاضي في تصريحات صحفية: عندما فوجئنا بالنسخة المقدمة من حكومة الانقلاب، كان لدينا ملاحظات عليها وأرسلناها إلى جميع الجهات المعنية، وللأسف الشديد لم يؤخذ بأي ملاحظات من القانون، مؤكدًا أن القانون أصبح عاريًا تمامًا من فلسفته وأهدافه.

وأشار إلى أنه بعد تجاهل الملاحظات، لجأت النقابة إلى الخيار الأقوى، وهو الدعوة لعقد جمعية عمومية يوم 3 يناير، المقبل لافتًا إلى أن أعضاء الجمعية العمومية يملكون الحق الأصيل في مناقشة القانون واتخاذ ما يرونه مناسبًا، حيث ستُصدر الجمعية توصياتها، وسيعمل مجلس النقابة على مراجعتها وتنفيذها.

 

وأكد القاضي أن النقابة تسعى لتحقيق مصلحة الطبيب وحماية المهنة، إلى جانب ضمان مصلحة المريض، كونها شريكًا أساسيًا في المنظومة الصحية ونجاحها، لذلك هناك حاجة ماسة لقانون عادل يخلق بيئة عمل جاذبة ومستقرة.

وأشار إلى أن الطبيب يبذل قصارى جهده في تقديم الرعاية اللازمة، مشددًا على ضرورة أن يعمل الطبيب دون خوف، خاصة عندما يلتزم بتخصصه، وبالبروتوكولات العلمية المتعارف عليها، وبالإرشادات المهنية المعتمدة، وفي أماكن مرخصة، قائلًا: “لا نريد للطبيب أن يعمل ويده مرتعشة”.

 

أجواء محتقنة

 

وقال الدكتور أيمن سالم، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، إن الأجواء محتقنة بين الأطباء، مشيرًا إلى أن النقابة كانت تأمل عدم تصاعد الأمور إلى حد الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة، ومع ذلك، كان لابد من اتخاذ هذه الخطوة، خاصة في ظل انتشار شائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تزعم موافقة النقابة على مشروع قانون المسؤولية الطبية، وهو أمر غير صحيح.

 

وأضاف سالم في تصريحات صحفية: مجلس النقابة العامة للأطباء دعا جميع أطباء مصر للمشاركة في الجمعية العمومية الطارئة بهدف إعلان رفض مشروع قانون المسؤولية الطبية، ومناقشة الإجراءات اللازمة للتصدي له، نظرًا لتضمينه مواد تتيح تقنين حبس الأطباء في القضايا المهنية.

وأكد أن مشروع القانون المطروح أمام مجلس شيوخ السيسي يستلزم التمييز بين الأخطاء الطبية البسيطة التي يرتكبها الطبيب أثناء ممارسته لمهنته ضمن الضوابط المهنية والإرشادات الإكلينيكية المحلية والعالمية، وبين الأخطاء الطبية الجسيمة.

وأشار سالم إلى أن الأخطاء الجسيمة تشمل الأخطاء الناتجة عن الإهمال أو التعمد، مثل ممارسة الطبيب المهنة دون ترخيص، أو العمل خارج نطاق تخصصه، أو تقديم مستوى أدنى من المهارات المطلوبة ضمن تخصصه، وهي الحالات التي تستوجب المساءلة الجنائية في حال تضرر المريض.