حرمان60% من طلاب الثانوية العامة من الامتحانات بالسودان..مأساة إنسانية تهدد مستقبل الدولة

- ‎فيتقارير

 

في إتجار مقيت بمستقبل أكثر من 300 ألف طالب، تواصل قوات الدعم السريع تجردها من إنسانيتها والتزاماتها القانونية، بمنع عقد امتحانات الشهادة الثانوية، بالمناطق التي تسيطر عليها، ما يهدد مستقبل البلاد بمزيد من الجهل.

ويخوض أكثر من 300 ألف طالب سوداني داخل وخارج البلاد امتحانات الشهادة الثانوية، وسط توترات سياسية وعسكرية، ورفض قوات الدعم السريع التي تسيطر على الجزء الأكبر من البلاد عقدها في مناطق سيطرتها، إذ أصبح التعليم جزءًا من الصراع على النفوذ، وسلاحًا جديدًا في الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

 

وانطلقت الامتحانات السبت الماضي، ومن المقرر أن تستمر حتى 8 يناير الحالي، وتتعثر إجراؤها في 8 ولايات بالكامل لأول مرة في تاريخ السودان، بينما تمكنت بعض المناطق بصورة جزئية من إكمال الإجراءات، فيما تستضيف المدارس المصرية العدد الأكبر من الطلاب الفارين من الحرب.

 

وقال وزير التربية السوداني المكلف أحمد خليفة: إن “عدد الطلاب الذين توجهوا إلى مراكز الامتحانات يتجاوز 70% من عدد المسجلين قبل الحرب، نحو 570 ألفًا، وإن من لم يتمكنوا من اجتياز الامتحانات في دفعة 2024 سيقومون بذلك في مارسر المقبل، نافيًا حرمان 60% منها، وعد ذلك “شائعات مغرضة”، حسب الجزيرة.

 

وذكرت لجنة المعلمين السودانيين، وهي نقابة مستقلة، أن 60% على الأقل من الطلاب سيحرمون من هذه الامتحانات، ووصفت عقدها بهذه الطريقة بأنه تخبط وعشوائية، وقالت إن الامتحانات تشكل خطرًا على المعلمين والطلاب في ظروف الحرب.

 

وحسب المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر، فإن اللجنة تقف مع مبدأ استمرار العملية التعليمية بكل جوانبها بما فيها امتحانات الشهادة الثانوية بعد أن تعطلت تقريبًا منذ اندلاع الحرب، وقال: “يجب أن يكون ذلك مصحوبًا بالشمول والعدالة اللازمين بما لا يجعل التعليم مدخلًا لإقرار أي نتيجة في الحرب”، مشيرًا إلى أنه “بالطريقة التي تجري بها الامتحانات في بعض الولايات دون غيرها، فإن التعليم أصبح أحد الأسلحة المستخدمة في الصراع”.

 

وأضاف في تصريحات صحفية، “تبقى الخطورة على التعليم السوداني والدولة بوجه عام حال جرى استغلال امتحانات الشهادة الثانوية مدخلًا للتقسيم، بمعنى أن الحكومة السودانية تستهدف إثبات مقدرتها على إدارة الدولة في ظل استمرار الحرب، وقوات الدعم السريع لديها هدف يتمثل في إثبات فشل الحكومة”.

وكانت قوات الدعم السريع أعلنت رفضها تنظيم امتحانات الشهادة الثانوية، وقالت، في بيان: إن “إجراءها في مناطق بعينها دون سائر ولايات البلاد يأتي ضمن سياسات تهدف لتقسيم السودان، ويعكس عدم الاكتراث لمستقبل مئات الآلاف من الطلاب”.

 

وجرت الامتحانات بشكل كامل في 4 ولايات؛ كسلا والقضارف والبحر الأحمر والشمالية، وشهدت 5 ولايات انعقاد الامتحان بشكل جزئي؛ الجزيرة والخرطوم والنيل الأزرق والنيل الأبيض، وهناك مناطق كان من المفترض أن تجرى فيها الامتحانات لكن تم إلغاؤها قبل ساعات من انطلاق الاختبار، مثل مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، ومنطقة النهود في غرب كردفان.

 

وأوضح الباقر أن “هذه الولايات تحاصرها قوات الدعم السريع ويسيطر عليها الجيش وفشل الطلاب في الوصول إلى اللجان، بعد أن منعت قوات الدعم دخولهم”، مشككًا في الأرقام التي أعلنتها وزارة التربية والتعليم بشأن أعداد الحضور، وقال: إنها “لم تتخطَ بأي حال من الأحوال حاجز الـ200 ألف طالب” ما يعني عدم قدرة 370 ألف طالب على الوصول للجان الامتحانات، وفقًا لمعلومات استند عليها من خلال المعلمين المشاركين في لجان الامتحان بالداخل والخارج.

 

وهناك 4 فئات من الطلاب خاضوا الامتحانات في المناطق التي يسيطر عليها الجيش، أولهم الطلاب المقيمون أساسًا داخل هذه الولايات، والنازحون ممن هربوا مع أهاليهم من الولايات التي تشتعل فيها المعارك، والطلاب الوافدون بغرض الامتحانات، والطلاب الفارون إلى دول الجوار.

 

 

ووفقًا لإحصاءات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، فإن الحرب المستمرة في السودان حرمت نحو 17 مليون طفل من الالتحاق بالمدارس.

 

وكانت قوات الدعم السريع قد منعت أيضًا عددًا من أولياء الأمور وأبنائهم تحركوا من منطقة أبو قوتة شمال ولاية الجزيرة إلى ولاية نهر النيل، وتكرر الوضع مع الأهالي الذين كانوا يتجهون نحو ولاية نهر النيل قادمين من المسعودية.

فيما يخوض الطلاب الامتحانات في 2300 مركز داخل السودان، ويبلغ عدد المسجلين للامتحانات 343 ألفًا و644 طالبًا وطالبة، من بينهم 120 ألفًا و724 وفدوا من ولايات متأثرة بالحرب، ويجتاز الامتحانات أكثر من 42 ألف طالب في 46 مركزًا في 15 دولة، منهم 28 ألفًا في 25 مركزًا بمصر، وهو أكبر عدد للطلاب السودانيين الممتحنين بالدول التي لجأ إليها السودانيون هربًا من الصراع، حسب وزارة التربية والتعليم السودانية.

 

وتجرى امتحانات الشهادة الثانوية في الثانية والنصف ظهرًا وتستمر حتى السادسة مساء، انتظارًا لانتهاء اليوم الدراسي في مصر..

وتستمر الحرب بين الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، نائب البرهان سابقًا، منذ أبريل 2023، بعد تفجر صراع على السلطة بين قادة الجانبين، أسفر عن مقتل أكثر من 24 ألف شخص وتشريد أكثر من 14 مليونًا، أي حوالي 30% من السكان، وفق بيانات الأمم المتحدة.

 

ويُقدر أن حوالي 3.2 مليون سوداني فروا إلى الدول المجاورة، بما في ذلك تشاد ومصر وجنوب السودان.