آثار نظام الثانوية العامة الجديد «البكالوريا» الذى طرحه محمد عبد اللطيف وزير تعليم الانقلاب انتقادات أولياء الأمور وخبراء التربية معربين عن اسفهم لأن السنوات الأخيرة شهدت تغييرات كثيرة فى نظام الثانوية العام بدون جدوى.
وقالوا أن كل وزير تعليم لا يكاد يجلس على مقعده إلا ويكون تعديل نظام «الثانوية العامة» ضمن أول تصريحاته زاعمًا أنها ستكون أهم انجازاته، وبعد مغادرته يأتى من يليه، ليغير هذا النظام ويأتى بنظام جديد.
وطالب أولياء الأمور بانقاذ التعليم من وزراء تعليم الانقلاب.
يُشار إلى أن نظام البكالوريا المقرر تطبيقه فى العام الدراسى المقبل، يدرس الطالب فى الصف الأول الثانوى 7 مواد أساسية، هى:
التربية الدينية واللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى والرياضيات والعلوم المتكاملة والفلسفة والمنطق والتاريخ المصرى، بجانب اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب كمادتين خارج المجموع، بينما يدرس الطالب فى الصف الثانى الثانوى 4 مواد هى اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى والتاريخ، ثم يختار فى مسار الطب وعلوم الحياة بين مادة الرياضيات أو الفيزياء، وفى مسار الهندسة وعلوم الحاسب يختار ما بين الكيمياء والبرمجة، وفى مسار الأعمال يختار أما المحاسبة أو إدارة الأعمال وفى مسار الآداب والفنون يختار ما بين علم النفس أو اللغة الأجنبية الثانية.
وفى الصف الثالث الثانوى يدرس الطالب 3 مواد وتعتبر مادة التربية الدينية مادة أساسية فى جميع التخصصات والمسارات التعليمية فى النظام الجدبد، بالإضافة إلى المواد التخصصية وهى الطب وعلوم الحياة وتشمل (الأحياء مستوى رفيع) و(الكيمياء مستوى رفيع)، والهندسة وعلوم الحساب تشمل (الرياضيات مستوى رفيع) و(الفيزياء مستوى رفيع)، والأعمال تشمل (الاقتصاد مستوى رفيع) (الرياضيات)، والآداب والفنون تشمل (جغرافيا مستوى رفيع) و(إحصاء)، كما أن الطالب سوف يخوض 4 محاولات ولا يوجد تدريس لمادة اللغة العربية فى الصف الثالث الثانوى ولا يوجد علمى وأدبى.
كما أنه يعطى الطالب فرصتين فى الامتحانات فى كل عام دراسى مايو ويوليو لمواد الصف الثانى الثانوى، ويونيو وأغسطس لمواد الصف الثالث الثانوى، ودخول الامتحان للمرة الأولى مجانًا، وبعد ذلك تكون بمقابل 500 جنيه، أما الحد الأقصى لعدد سنوات الدراسة للمرحلة الرئيسية 4 سنوات بخلاف الصف الأول الثانوى.
ترند الطرابيش
نظام البكالوريا واجه معارضة شديدة من أولياء الأمور وقال ثروت الجمل ولى أمر، أن البكالوريا تعكس كارثة حقيقية فى الرؤية والتخطيط، مؤكدًا أن التعليم هو العنصر الأساسى فى الحياة بعد الطعام والشراب، فهو أساس بناء الأوطان ومستقبل الشعوب.
وتساءل الجمل: كيف يكون أبناؤنا فئران تجارب لأى وزير يتقلد حقيبة التربية والتعليم، مشيرا إلى أن «الطرابيش» باتت ترند يتصدر مواقع التواصل الاجتماعى، بعد عودة مسمى البكالوريا من جديد.
وأضاف أن الثانوية العامة صارت «لعبة» كل وزير، مطالبا حكومة الانقلاب بانقاذ الطلبة وأولياء الأمور من وزراء التعليم.
حلول سطحية
وقالت منة صالح ولية أمر: إن وزراء التربية والتعليم أضاعوا مكانة التعليم، وبدلاً من التركيز على تطوير المناهج، وتأهيل المعلمين، وزرع القيم والمهارات التى يحتاجها أبناؤنا فى عالم سريع التغير، يأتون بحلول سطحية تعبر عن غياب الرؤية الاستراتيجية للعملية التعليمية.
وقال محمد على أحد أولياء الأمور أن تطبيق هذا النظام يعنى خروج أكثر من 100 ألف مواطن لسوق العمل سنويًا، فهل هناك أعمال تستوعب كل هذه الأعداد؟ فى الوقت الذى ارتفعت فيه نسبة البطالة إلى مستويات الخطر فى المجتمع، بالإضافة إلى عدم تأهيل طلاب الثانوى لما يتطلبه سوق العمل.
وأضاف على: لا ننسى أنه بعد هذا القرار من الممكن أن يتم إلغاء مكتب التنسيق عند الالتحاق بالجامعات، والذى كان يتيح تكافؤ الفرص والمساواة بين الطلاب فى كافة المستويات التعليمية والاجتماعية.
وتابع أن الأسر كانت تنتظر انتهاء بعبع الثانوية العامة وليس مد ضغوطها وزيادة أعبائها، متسائلاً كيف سيتم التطوير بدون تطوير المحتوى وتجهيز معلمين قادرين على ذلك وهل من المنطقى حدوث ذلك فى العام المقبل..!!
ولفت إلى أن حكومة تقدمت عام ٢٠٢١ بمشروع قانون مماثل فى عهد الدكتور طارق شوقى وتم رفضه من قبل مجلس الشيوخ، فكيف يمكن تطبيق هذا المقترح فى العام القادم دون حوار مجتمعى والاستماع للخبراء والمعلمين والطلاب، مضيفا لابد أيضًا من مراجعة بند دفع الرسوم ٥٠٠ جنيه لدخول الامتحان، بالإضافة إلى أنه ليس من المنطقى تغيير منظومة الثانوية قبل استكمال تطوير منظومة إعدادى، حتى لا نكرر تجارب مريرة سابقة.
ادفع وهتنجح
وقالت منال رجب -ولي أمر- ان نظام البكالوريا معناه أن تعليم الانقلاب تقول للطالب أسقط براحتك وادفع وهتنجح ومعاك أربع أو خمس سنوات وفى النهاية حاصل على البكالوريا.
وأضافت: لا استبعد مع عودة نظام «البكالوريا» أن يتم إلزام الطلاب بارتداء الطرابيش، والناس طلعت القمر واحنا عايزين نرجع لورا، وتساءلت منال رجب: هل تم تدريب المعلمين على هذا النظام وهل تم طرحه على المتخصصين؟
أزمة الأماكن
وقال الدكتور عاصم حجازى، أستاذ علم النفس التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة: البكالوريا ليست نظامًا جديدًا بل هى مزيج من أنظمة قديمة وأفكار تم طرحها من قبل، وهى خطوة جيدة فى إطارها العام لكن التفاصيل تحتاج إلى مناقشة مستفيضة وبعض الجوانب تحتاج إلى تعديل، مؤكدًا أن هذا النظام كان مطبقا قبل ذلك.
وأضاف حجازى فى تصريحات صحفية: نظام البكالوريا يتميز بوجود أربعة مسارات مختلفة ويتمتع بقدر كبير من المرونة والارتباط بسوق العمل، لكن هناك سؤال هام:
هل لدى وزارة تعليم الانقلاب أماكن لاستيعاب الطلاب بعد تشعيبهم إلى أربعة مسارات؟ مع العلم أن المادة التى سيختارها الطلاب ستحتاج لفصل لدراستها، وهو ما سيتسبب فى وجود أزمة جديدة فى الأماكن المتاحة وأعداد المعلمين.
وأشار إلى أن المقترح يركز على فكرة دخول الدين فى مجموع الثانوية العامة وهى فكرة مرفوضة لأسباب متعددة دينيًا واجتماعيًا وتربويًا، إلا إذا تحققت شروط معينة تتمثل فى: إعداد بنوك أسئلة على أساس علمى وحينئذ لن يؤثر اختلاف المحتوى فى تكافؤ الفرص كثيرًا ولكنه أيضا لن يكون دقيقًا بشكلٍ كاف، وأن يكون منهج الدين موحدًا وهو أمر مرفوض أيضًا لأسباب دينية واجتماعية وغيرها .
فرصة ثانية
وشدد حجازى على أن فكرة وجود فرصة ثانية لدخول الامتحان بمقابل مادى غير مقبولة لأنها تضيف أعباء على الأسرة وتجعل التعليم متاحا فقط لمن يمتلكون القدرة المالية وسوف يربك هذا الإجراء مكتب التنسيق، بالإضافة لغياب المعايير التى يتم فى ضوئها إضافة بعض المواد للمجموع وعدم إضافة البعض الآخر، لافتًا لى ان مادة الدين التى يوجد فيها اختلاف تضاف للمجموع ومادة البرمجة لا تضاف مع أنها مادة ذات محتوى واحد وتتركز عليها معظم أنشطة الطالب والحياة والدولة. ومن المنطقى أن يتم العكس.
ولفت إلى أن قرار تغيير نظام الثانوية العامة بشكل مفاجئ فى هذا الوقت على الرغم من إجراء تعديلات سابقة منذ فترة قريبة غير مبرر ويؤدى إلى إشاعة الشعور بالقلق وعدم الاستقرار لدى الأسر والطلاب، فضلاً عن أنه يعتبر تعديًا على اختصاصات المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمى والابتكار الذى صدر قرار رسمى بإنشائه وهو المنوط بدراسة وإقرار مثل هذه التغييرات، مؤكدًا أن فكرة قصر دراسة اللغة أيا كانت سواء لغة أولى أو ثانية على بعض السنوات دون بعضها يعكس عدم المعرفة بطبيعة اللغة واحتياجها للممارسة بشكل دائم.
واعتبر أن فكرة الوصول بالثانوية العامة إلى العالمية جيدة وسبق طرحها من قبل، لكن عند التفكير فيها يتبادر سؤال هل لدى وزارة تعليم الانقلاب القدرة على إعداد اختبارات دولية؟ أم أننا سنقوم بالتدريس وفقا للمعايير الدولية ثم نقيم الطلاب وفقا للمعايير المحلية؟، وبالتالى فإن هذا المقترح محمل بكثير من القصور والسلبيات ويجب مناقشة تفاصيله بشكل موسع قبل اتخاذ أى إجراءات لتنفيذه.
٤ مسارات
فى المقابل قال الدكتور تامر شوقى، أستاذ علم النفس والتقويم التربوى بكلية التربية جامعة عين شمس، أن تعدد المسارات فى الثانوية العامة ليشمل ٤ مسارات وليس تخصصين فقط، هى الطب وعلوم الحياة، والهندسة وعلوم الحاسب والاعمال، والآداب والفنون، يتيح فرصة أكبر للطالب للاختيار بما يتوافق مع ميوله وقدراته، والتركيز بدرجة أكبر على علوم المستقبل والمرتبطة بسوق العمل، وتعدد فرص التقييم (التقييم المستمر) واتاحة أكثر من فرصة للطالب لدخول الامتحانات مما يقلل من الضغوط الواقعة عليه، وقصر عدد المواد فى سنتين يتيح للطالب التعمق فيها ويخفف من ضغوط الدروس الخصوصية، كما أن إتاحة فرص تدريس مواد متكاملة من كافة التخصصات، تسمح بالاعتراف الدولى بشهادة الثانوية العامة، بالإضافة إلى دراسة مستويات متقدمة من بعض المواد مثل الرياضيات والفيزياء والجغرافيا والاقتصاد.
وقال شوقى فى تصريحات صحفية: رغم تلك المميزات إلا أن هناك إشكاليات تحول دون تطبيق النظام متسائلا: كيف يتم التطبيق على طلاب الصف الأول الثانوى من العام القادم (وهذا يعنى تطوير وإعداد مناهج جديدة) على الرغم من أنه من المخطط إحداث تطوير فى مناهج هذا الصف بعد سنتين من الآن؟ حيث أن العام القادم يشمل تطوير مناهج الصف الثانى الاعدادى، والذى يليه تطوير مناهج الصف الثالث، ويلى ذلك تطوير مناهج الصف الأول الثانوى، بالإضافة إلى عدم وضوح التصور بكافة تفاصيله.
وأضاف: الامتحانات أصبحت فى المدارس لمدة ٤ شهور فى السنة مايو ويونيو ويوليو وأغسطس، ولكن قصر اللغة الأجنبية الثانية على الصف الأول الثانوي(خارج المجموع) واستبعاد علم النفس تماما، وجعل البرمجة والحاسب الآلى مادة غير مضافة للمجموع رغم أهميتها، وإدراج التربية الدينية كمادة أساسية كل هذه أوجه قصور يجب علاجها.