في تلاعب مع الصناديق الدولية والممولين وصندوق النقد الدولي، الذي يطالب المنقلب السيسي بخفض تغول الديش في الاقتصاد وتشجيع القطاع الخاص، يلجأ السيسي لسياسة “التلاكيك” في رفض العروض المطروحة لشراء شركتي الجيش المطروحين للبيع منذ اكثر من عامين.
ووفق مصادر مطلعة على برنامج الطروحات الحكومية، فقد تقدم مستثمرون وشركات محلية، ومن الإمارات والسعودية وقطر، خلال الأيام الماضية، بـ 11 عرضًا للحكومة، للاستحواذ على الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية “وطنية”، والشركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية “صافي”، التابعتين للقوات المسلحة،
وادعت الحكومة أن كل العروض التي وصلت إلى الآن غير مناسبة لقيمة الشركتين.
والأسبوع الماضي، عقد رئيس الوزراء اجتماعًا مغلقًا مع وزيري المالية أحمد كجوك، والاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب، ومدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة مجدي أنور، ومسؤولي صندوق مصر السيادي، لمتابعة إجراءات طرح شركتي وطنية وصافي.
وكان 8 مستثمرين من الإمارات وقطر والسعودية و3 مستثمرين محليين، تقدموا بعروض رسمية بداية الشهر الحالي لشراء الشركتين، لكن حتى الآن لم تبدِ الحكومة موافقتها على أي عرض، وترى أن كل العروض المقدمة غير مناسبة ماديًا لشراء الشركتين.
ولعدم إغضاب المؤسسات الغربية والمانحين المالييين للسيسي، قالت المصادر الحكومية ان الحكومة تواصل دراسة العروض المقدمة، وفي حال عدم التوصل لعروض مناسبة للشركتين ستقوم بطرحهما في البورصة المصرية، على أن تبدأ بطرح حصة لا تتجاوز 30% من قيمتيهما.
وعلى إثر الأزمة المالية التي تعايشها مصر مع السيسي، تتطلع الدولة لجمع إيرادات بقيمة 3.6 مليار دولار خلال العام المالي الحالي من الخصخصة، ضمن اتفاقها مع صندوق النقد الدولي الخاص بتدبير إيرادات دولارية وإفساح المجال للقطاع الخاص.
وكانت الحكومة نفذت صفقةً وحيدةً من هذا النوع، نهاية العام المنصرم، تنفيذًا لاتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وهي صفقة طرح حصة من المصرف المتحد لمستثمرين استراتيجيين ولمستثمري البورصة، وتمت تغطية الطرح العام بنحو 59 مرة.
فيما انتهت الحكومة من هيكلة شركة شيل أوت وأصبحت جاهزة للطرح أمام القطاع الخاص، لكن سيتم طرحها بعد شركتي وطنية وصافي، مرجحًا أن يكون ذلك خلال أبريل المقبل.
وخلال العام الماضي، تراجعت شركة بترول أبوظبي “أدنوك” الإماراتية عن صفقة الاستحواذ على شركة وطنية بسبب عدم كفاية أوراق الملكية الخاصة بالشركة، إضافة إلى عدم توافر وثائق تثبت انتظامها في سداد الضرائب، وعدم إعادة هيكلتها بالشكل الملائم الذي يجعلها جاهزة للبيع.
فيتو عسكري
ووفق تقارير عدة، يفرض المستثمر العسكري شروط عدة للموافقة على التفريط في الشركتين التي يصفهما بـ”عرق الجيش”، فيما يتواصل الحصول يوميًا على أراضي واصول الاقتصاد المصري، بقرارات الأمر المباشر، من أراضي وبحيرات طبيعية، ومناطق صحراوية وشركات ومصانع، ورغم ذلك، يضع الجيش العديد من العراقيل أمام التفريط في شركاته، كتغييب وإخفاء الاوراق الرسمية وعدم هيكلة الشركات، وهو ما يعارضه أي مستثمر يريد تحقيق المكاسب.
ويبق الخاسر الاكبر هو الشعب المصري، سواء بقيت الشركتين بيد العسكر، الذي يستحوذ على أرباحها بلا أي رقابة من الدولة، أو بيعت لمستثمر أجنبي ينقل أرباحه الدولارية إلى الخارج، دون أن يستفيد منها الاقتصاد المصري بأي شكل من الأشكال.