يحاول الرئيس الأمريكى الإرهابي دونالد ترامب إقناع الفلسطينيين والعرب بأن إعادة إعمار قطاع غزة هو في حكم المستحيل، وأن عملية إعادة الإعمار تستغرق عشرات السنين وتتطلب خروج أهالي القطاع حتى تتمكن الشركات المتخصصة في القيام بإعادة البناء، وعلى هذا الزعم يدعو ترامب الإرهابي إلى تهجير سكان القطاع إلى مصر والأردن .
على نفس طريقة ترامب الإرهابي زعمت تقديرات الأمم المتحدة أن إعادة إعمار القطاع المدمر جراء 15 شهرا من حرب الإبادة الصهيونية، واستعادة الناتج الاقتصادي مستويات ما قبل الحرب، قد تستغرق 350 عاما.
في مقابل هذه المزاعم يؤكد أهالي القطاع تمسكهم بالبقاء في غزة ويرفضون التهجير، ويرون أن إعادة الإعمار مسألة ممكنة ولن تستغرق وقتا طويلا، وإن كانت تكلفتها عالية تصل إلى عشرات مليارات الدولارات، وربما تريليون دولار.
في نفس السياق أكد الخبراء أن الزعم بأن قطاع غزة غير قابل للحياة غير صحيح، موضحين أنه يمكن إعادة الإعمار خلال فترة وجيزة حال توافرت الإمكانيات.
الرئيس الأمريكي
من جانبه أكد الدكتور زاهر كحيل أستاذ هندسة البنية التحتية ورئيس المجلس الفلسطيني لإعمار غزة أن ما يقال عن إن قطاع غزة غير قابل للحياة غير صحيح، مشيرا إلى أن عمليات إعادة الإعمار يمكن أن تتم خلال فترة وجيزة حال توافرت الإمكانيات.
وقال كحيل في تصريحات صحفية : قطاع غزة قابل للحياة بأهله ومهنيا لدينا 70 مليون طن من الردم، وبإمكاننا أن نستفيد بالردم في ردم أجزاء من البحر لنضيف 100 كم من البحر .
وأضاف: يمكن طحن الردم لإعادة استخدامه في مواد البناء ولا توجد مشكلة في الردم لو فتح الباب للإعمار، موضحا أن أهالي قطاع غزة لم يتعودوا على السكن في عمارات مرتفعة ولا أماكن صغيرة وبزيادة المساحات نستطيع أن نعمل على ذلك .
وأشار كحيل إلى أن التجربة التركية بعد الزلزال تعد مثلا يحتذى به، حيث بنى الأتراك منطقة مجاورة لإسكان الناس ونحن لدينا المستوطنات الصهيونية السابقة، ونستطيع أن نضع فيها الـ 60 ألف كرفان .
وأوضح أن المستوطنات الصهيونية التي أخلاها الاحتلال في عام 2005 ومازالت أماكن فارغة يمكن أن تستوعب الخيام والكرافانات والبنية التحتية السطحية وشبكة كهرباء لتصبير الناس بكرامة وعزة إلى أن نقوم بإعادة الأعمال بشكل ممنهج في أماكن سكناهم ونستطيع بناء قطاع غزة على أصول حضارية .
وشدد كحيل على ضرورة الحفاظ أيضا على ملكية الأراضي وراحة الناس، مشيرا إلى أن الملكية في قطاع غزة 3 أنواع الأول هي المسجلة في الشهر العقاري، وتمثل 50% من الأراضي، ثم الأراضي الحكومية والأراضي الأميرية.
وأعرب عن استغرابه من الجرأة والتعسف في تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لافتا إلى أنه يمتلك فيلا من أربعة طوابق وقصفت فكيف يأتي ترامب ليقول سوف أحصل على الأرض؟ .
وأكد كحيل أنه لو دخلت الكرافانات سوف نحتاج إلى 3 أشهر ونزودها بالبنية التحتية الفوقية وسيكون السكن لمدة عام أو عامين ولكن عين المواطن ستكون على أن يعمر بيته وأنه سوف ينتقل إلى منزل .
وأوضح أنه بدخول 200 معدة ثقيلة نستطيع خلال عام أو عامين أن نقوم بإزالة الركام وأن نحصل على أرض جديدة في البحر.
خارطة طريق
واقترح خبير التطوير الاستراتيجي والعمل الإغاثي، محمد تهامي ، خطة لإعادة بناء غزة تمثل أملًا لملايين الناس، مؤكدا أن هذه الخطة ليست مجرد جهود إنسانية طارئة، بل هي خارطة طريق نحو بناء مستقبل أفضل لأبناء غزة .
وأضاف تهامي في تصريحات صحفية أن الهدف لا يقتصر على تقديم المساعدات العاجلة فقط، بل يتعدى ذلك للعمل على تحويل غزة إلى نموذج تنموي يستفيد من جميع الفرص المتاحة في مختلف المجالات .
وأوضح أن الخطة تتضمن خمس ركائز أساسية: الإغاثة، إعادة الإعمار، التمكين الاقتصادي، التعليم والتدريب، وتحسين الخدمات الأساسية .
وعن الخطوات الأولى لتحقيق الأهداف الرئيسية للخطة، أشار تهامى إلى أنه ستُتَّخَذ خطوات سريعة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، مثل توفير المساعدات الغذائية، توزيع المياه الصالحة للشرب، وتقديم الرعاية الصحية .
وشدد على ضرورة البدء في بناء شبكة إغاثة متنقلة لتغطية المناطق الأكثر تضررًا، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للسكان الذين مروا بتجارب قاسية .
وفيما يتعلق بالتحديات التي قد تواجه تنفيذ خطة الإغاثة المستدامة، أكد تهامي أن التحدي الأكبر يكمن في قدرة القطاع الصحي على التعامل مع حجم الطلب المتزايد على الرعاية الطبية .
وكشف أن المستشفيات والمراكز الصحية تضررت بشدة، وهناك نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، لذا يجب أن تشمل الخطة توفير مستشفيات ميدانية متنقلة ومراكز طبية مؤقتة، مؤكدا أن الحصار يحد من إمكانية الوصول إلى المواد الأساسية مثل الغذاء والمياه، مما يزيد تعقيد الوضع .
دعم مالي
وبالنسبة لمراحل إعادة الإعمار المستدام، أكد تهامي أن هذه الجهود تتطلب تخطيطًا دقيقًا لضمان استدامتها، مشددًا على أهمية استخدام مواد بناء صديقة للبيئة في جميع المشاريع الجديدة، وإنشاء بنية تحتية مقاومة للكوارث المستقبلية .
ولفت إلى ضرورة التُرَكّيَز على إنشاء مصادر طاقة بديلة، مثل الألواح الشمسية، لتقليل الاعتماد على الشبكات الكهربائية الضعيفة واستخدام تقنيات تحلية المياه لضمان توفير مياه شرب نظيفة في المناطق التي تعاني نقصاً حاداً .
فيما يخص التمكين الاقتصادي، أوضح تهامي أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو أحد أبعاد الخطة الأساسية، لافتا إلى أنه سيتم العمل على تقديم منح صغيرة للمشاريع الناشئة وإطلاق برامج تدريبية لتعليم الحرف والمهن للشباب .
وشدد على ضرورة التركيز على الزراعة والصيد البحري كمصادر دخل رئيسية، مشيرًا إلى الإمكانيات الكبيرة لهذه القطاعات إذا طُوِّرَت بشكل صحيح .
وعن التعليم، قال تهامي: إن “الخطة تضع التعليم في صدارة الأولويات، حيث سيُعَاد بناء وتأهيل المدارس والجامعات المتضررة، وإطلاق منصات تعليمية رقمية لتعويض الفاقد التعليمي موضحا أن هذه المنصات ستتيح للطلاب استئناف دراستهم في بيئة تعليمية حديثة ومرنة، بالإضافة إلى توفير منح دراسية في التخصصات العلمية والتقنية”.
وفيما يخص ضمان استدامة هذه المشاريع على المدى الطويل، طالب بضرورة تنفيذ المشاريع وفقًا لمعايير عالية من الشفافية والمساءلة، مع قياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي بشكل دوري، مشددا على أهمية تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لتوفير الدعم المستمر لهذه الجهود .
وعن دور المجتمع الدولي في تنفيذ هذه المبادرة، أشار تهامي إلى أنه من الضروري الحصول على دعم مالي وتقني من المنظمات الدولية والدول المانحة، مع ضرورة توفير الخبرات الفنية والتقنية لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة عالية، موضحا أن المجتمع الدولي يمكنه أن يؤدي دورًا كبيرًا في توفير الدعم اللازم لتأهيل البنية التحتية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية .
وأكد أن مشاركة سكان غزة في هذه الخطة تُعد أمرًا أساسيًا لنجاحها، لأن المجتمع المحلي يجب أن يكون جزءًا من عملية التخطيط والإشراف على المشاريع، مشددًا على أن السكان المحليين هم الأقدر على تحديد احتياجاتهم ومشاكلهم، ومن ثم فإن إشراكهم في اتخاذ القرارات سيسهم في ضمان تنفيذ المشاريع بشكل يتناسب مع احتياجاتهم الفعلية .
3 مراحل
وقال خبير التنمية العمرانية والعقارية مجدي منصور: إن “عمليات إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد التدمير الكامل الذي تعرض له القطاع سوف تكون عالية التكلفة بشكل كبير، مشيرا إلى أن هذه العملية تتطلب البدء بعملية كبرى لإزالة الركام والتخلص منه وهي عملية شديدة التعقيد في ظل أن هذا الركام يحتوي على بقايا سامة لا يمكن أن تصلح لإعادة البناء”.
وعرض منصور، في تصريحات صحفية مجموعة من المقترحات التي يمكن التعامل بها في عمليات إعادة البناء بدءا من عمليات تنظيف الركام وإعادة تهيئته من خلال مجمع ورش في مدينة رفح الفلسطينية، بالإضافة إلى الاعتماد على المنازل الجاهزة.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة أعلنت أن عملية إعادة الإعمار سوف تستغرق ثلاث مراحل، الأولى : تشمل إعادة تأسيس وبناء البنية التحتية وهي عملية قدرت بشكل مبدئي أنها سوف تكلف 18 مليار دولار، والمرحلة الثانية : تتمثل في تعويض المتضررين سواء من الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو الدول المانحة، والثالثة والتي قد تستغرق 5 سنوات هي عملية إعادة البناء.
وشدد منصور على أن هذه المراحل تتطلب بناء مناطق إقامة بديلة اعتمادا على المنازل المتحركة المؤقتة، مع استخدام المباني سابقة التجهيز في عمليات البناء سواء البنية التحتية أو بناء المنازل والمباني الدائمة.