سرقة السيارات والعصابات المتخصصة في هذا المجال انتشرت في جميع أنحاء المحروسة في زمن الانقلاب بصورة لم يسبق لها مثيل، عصابات سرقة السيارات عبارة عن مافيا من بلطجية ولصوص وقطاع طرق وتتعاون معهم شرطة الانقلاب والقائمون على الأماكن التي يتم وضع السيارات المسروقة فيها والمعروفة باسم “حضانات السيارات” بجانب ميكانيكية وفنيين يقومون بسرقة كل ما يمكن سرقته من هذه السيارات، بحيث إذا نجح أحد المواطنين في العثور على سيارته المسروقة فلن يجد فيها إلا هيكلا معدنيا لا قيمة له ولا فائدة منه أما “الزبد” فقد سرقها اللصوص وباعوها .
كانت شكاوى متزايدة على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة على فيسبوك، قد انتشرت في الآونة الأخيرة يتحدث أصحابها عن سرقات تعرضت لها سياراتهم أثناء احتجازها داخل “حضّانات السيارات” بطاريات تختفي، كاسيتات تُنهب، وأحيانًا يُترك الهيكل فارغًا بلا أي محتويات.
أزمة حضانات السيارات لا تقتصر على الأضرار المادية التي يتكبدها المواطنون، بل تعكس فشلاً لحكومة الانقلاب في تقديم خدمات آمنة وشفافة.
يشار إلى أنه وفق التعديلات الأخيرة على قانون المرور رقم 66 لسنة 1973، تم تحديد الإجراءات المتعلقة بالسيارات المسروقة، المتهالكة، أو المفقودة والمعثور عليها في الشوارع.
يتولى قسم المرور المختص، بالتنسيق مع الجهات المحلية، رفع هذه المركبات فورًا وإيداعها في الأماكن المخصصة لذلك.
يُحرر محضر بالواقعة يتضمن أوصاف المركبة ومكان وتاريخ الضبط، ويُعرض على نيابة المرور المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
يتم إعلان مالك المركبة، إذا كان معلومًا، خلال 48 ساعة من تاريخ الضبط.
في حال عدم تقدم المالك لاستلام المركبة خلال شهرين من تاريخ الإعلان، يجوز بيعها عن طريق لجنة محلية، وتودع حصيلة البيع في الخزانة العامة.
ساحة خردة
من بين الضحايا محمود رمضان مالك سيارة أجرة، والذي لم يكن يتوقع أن تتحول مشكلته مع شرطة المرور إلى كابوس حيث تم احتجاز سيارته في حضانة حلوان، بسبب انتهاء صلاحية الترخيص.
قال رمضان : “بعد إنهاء الإجراءات القانونية ودفع الغرامة، توجهت لاستلام السيارة لكني لم أجد السيارة التي تركتها، بل مركبة تعرضت للإهمال والنهب”.
وأضاف : حين دخلت الحضانة، شعرت أنني في ساحة للخردة، المقاعد كانت متسخة كما لو أنها تُركت وسط العراء لأشهر، لكن الكارثة الكبرى كانت في صندوق السيارة، حيث اختفت أدواتي الشخصية بالكامل؛ العدة اليدوية، الإطار الاحتياطي، وحتى بعض المستلزمات الصغيرة التي كنت أحتفظ بها دائماً، لكن الصدمة الحقيقية كانت عندما اكتشفت أن نظام الصوت ‘الكاسيت’ الذي أضفته مؤخرًا قد اختفى تمامًا.
وكشف رمضان أنه عندما سأل المسؤولين عن اختفاء هذه الأغراض، جاءه الرد صادمًا: “نحن غير مسؤولين عن أي سرقة قد تحدث داخل الحضانة، وربما تكون تمت أثناء نقل السيارة أو قبل وصولها إلينا، يمكنك تقديم بلاغ، لكن لا تتوقع شيئًا.” .
وأكد أنه عوقب ثلاث مرات؛ مرة بالغرامة، ومرة أخرى بالإهمال الذي طال سيارته، وثالثة بسرقتها أمام أعين الأمن، مشيرا إلى أنه لم يجد جهة يشكو لها، ولم يعد أمامه سوى الرحيل وهو يحمل خسائره على عاتقه.
هيكل فارغ
وكشف أحمد حسن، سائق آخر، عن معاناته في استعادة سيارته بعد سحبها بسبب انتهاء فترة الترخيص .
وقال حسن : “أمضيت أسبوعين في التنقل بين المرور ومخازن السيارات، من منطقة الرحاب إلى البساتين، ثم إلى المرور التابع لي، حتى وصلت أخيرًا إلى الحضانة، مؤكدا أنه عندما وصل إلى السيارة، لم يتعرف عليها، لأنها كانت أشبه بهيكل فارغ، كل شيء سُرق؛ البطارية، المقاعد، حتى بعض الأجزاء من المحرك نفسه”.
وأكد أن هذه السرقات لا يمكن أن تتم دون وجود تواطؤ داخلي متسائلا : كيف يمكن أن تُنهب كل هذه الأجزاء داخل مكان يُفترض أنه محمي؟ .
وأشار إلى أن هناك من يسمح بهذه السرقات، أو على الأقل يغض الطرف عنها.
توثيق الكتروني
وطالبت ابتسام رؤوف، إحدى المتضررات، بإدخال نظام توثيق إلكتروني للسيارات، بحيث يسهل تتبع المركبات المسروقة والمحتجزة، مما قد يقلل من الفوضى التي يعانيها أصحاب السيارات في استعادتها.
وشددت ابتسام على ضرورة تبسيط الإجراءات القانونية، التي أصبحت عقبة إضافية تزيد من معاناة المالكين، بدلًا من أن تساعدهم في استرداد سياراتهم.
مشاريع خدمية
وقال ثروت منصور، “واحد من الذين فقدوا سياراتهم داخل إحدى الحضانات، يجب أن تكون هناك مزادات علنية كحل عملي لاستغلال المركبات غير المستلمة”.
وطالب منصور بأن تُخصص عائدات هذه المزادات لدعم الخدمات العامة في المناطق التي تضم هذه الحضانات، بدلًا من أن تذهب إلى جهات غير معلنة.
واقترح أن يتم تحويل هذه المساحات الشاسعة للحضانات إلى مشاريع خدمية كمراكز تجارية أو حدائق عامة، بدلًا من أن تظل بؤرًا مهملة.
4 حضانات
حول هذه الأزمة كشف مسئول مروري، أن هناك أربع حضانات رئيسية موزعة بين حلوان وأكتوبر والإسكندرية والقليوبية، وتحتوي كل منها على ما يزيد عن خمسة آلاف سيارة، بينما تنتشر الحضانات الأخرى في مختلف المحافظات.
وقال المسئول المروري: إن “التكاليف الناجمة عن إبقاء هذه السيارات دون تصرف تقدَّر بنحو 20 مليار جنيه، وهو رقم يكشف حجم الهدر بسبب عدم وجود آلية واضحة للتعامل مع هذه المركبات”.
وزعم أن ما يُثار عن سرقة محتويات السيارات داخل الحضانات غير صحيح، مشيرًا إلى أن جميع المركبات يتم تسجيل محتوياتها فور دخولها، وأن أي عبث بمحتوياتها يجعل المسؤولية تقع مباشرة على أمناء الشرطة وأمناء الحجز.
وأضاف المسئول المروري: “القانون واضح، وأي تجاوزات تُواجه بالإجراءات القانونية المناسبة، والمواطن له الحق في تقديم شكوى رسمية إذا تعرضت سيارته لأي عبث داخل الحضانة” وفق تعبيره.