“أمن دولة”.. الداخلية تدير عصابات تسرق بقوة الطوارئ

- ‎فيتقارير

كتب سيد توكل:

على أكتاف 30 يونيو دخلت الشرطة ميدان التحرير، رقص المغفلون وعلى أكتافهم الضباط الذين ساموهم سوء العذاب طوال سنوات حكم المخلوع مبارك، لم تنتهِ القصة عند هذا الحد، بل إن "الحية" التي أهمل ثوار 25 يناير في قطع رأسها عادت ودخلت تحت ملابسهم تنهش لحومهم وتنفث سمومها في دمائهم، وأخيرا تتاجر بقانون الطوارئ سئ السمعة، وتقوم بعمل أكمنة أمنية وهمية وزائفة بالاشتراك مع مسجلين خطر وبلطجية، للسطو وسرقة المصريين، ويا ليتها اكتفت بهذا العار فحسب، بل استغلت خوف الناس ورعبهم من الأمن الوطني –امن الدولة سابقا- والذي بات مصرح له بالقتل، وتشكلت عصابات من الشرطة ومسجلين خطر وبلطجية، تصعد المنازل في نص الليل وتقتحم الشقق السكنية، وتسرق ما تجده من أموال وذهب.. وإما أن تسكت وتحمد الله أنهم غادروا دون قتلك أو يقتادوك لمكان مجهول خلف الشمس.

روايات مريرة يحكيها أصحابها وهم يتلفتون حولهم بخوف ورعب، الهمس يتزايد والقصص تتطابق بنفس الحبكة والسيناريو وطريقة السرقة، الضحايا بعضهم ذهب لعمل محاضر في أقسام الشرطة، فوجد سخرية وتراخي من شركاء العصابة، وبعضهم ألجمته الصدمة عندما رأي في عناصر من عصابة السطو يرتدون ملابس أمناء شرطة وضباط ويعملون في القسم، وبعضهم تلقى هذه الرسالة "ابلع لسانك واخرس بدل ما نعملك قضية إرهاب".

الإعلامي المؤيد لانقلاب سيد علي، عرض مقطع فيديو لمجموعة من شرطة الانقلاب، أثناء اقتحامهم معرض سيارات مغلقًا بالشرقية، وقاموا بسرقته وتحطيم بعض محتوياته، وقال "الكارثة إن كاميرات المراقبة صورت كل ده، والضباط نسيوا ياخدوا الكاميرات معاهم، وكل حاجة اتصورت واتفضحوا".

هناخدهم وهنراقبك!
الشرطة في خدمة الشعب، هذا هو الشعار الرسمي لأداء الشرطة، ولكن قد يتحول هذا الشعار إلى "الشرطة تسرق الشعب"، فخلال سنوات الانقلاب شهدت مصر عشرات من حالات سرقة، كان السارق من حراس الشعب وخدامه.

في إحدى محافظات شمال الصعيد، قامت مجموعة مكونة من عشرة أفراد باقتحام منزل مواطن يدعى م.ن في منتصف الليل، عندما قاموا بطرق الباب بقوة أفزعت من في البيت وعندما قام بفتح الباب لهم اقتحموا البيت وهم مدججين بالسلاح وقالوا "إحنا حكومة أمن دولة بندور على واحد مشتبه فيه".

مضيفًا "قلت لهم إحنا مالناش دعوة بحاجة ومش مخبيين حد، قالوا لي اخرس لناخدك وانت ومراتك وعيالك، وقاموا بتفتيش البيت وأخذ كل ما فيه من مال وذهب، وقعدوا يقولوا جايب كل ده منين انت بتاجر في العملة، فحلفت لهم والله لا، فقالو لي احنا هناخدهم وهنراقبك لو عملت حاجة هنلبسك قضية عملة، ومن هول الموقف لم انطق، وخدوا الحاجة ومشيوا".

وتابع: "لم ننم طوال اليل وعندما ذهبت لمقر عملي، سردت ما حدث لمحامي يعمل معنا، فاستغرب الرواية وقال لي يجب أن تحرر محضرا في القسم بما حدث، وسآتي معك، وبالفعل ذهبنا للقسم وحررنا محضرا، إلا أننا فوجئنا بضحك أمناء الشرطة قائلين "انتو كمان اضحك عليكم واتسرقتوا!"، مؤكدا على أنه من الواضح وجود تواطؤ بين اللصوص والقسم الذي لم يبد اي اهتمام بالواقعة وتم تحرير محضر إداري فقط.

حضرة الضابط حرامي!
قصة ثانية يرويها أحد الضحايا ويدعى (ك. م) جار لأحد الذين تم النصب عليهم في منطقة هادئة بالمدن الجديدة بالقاهرة، والذي أكد على أن أمين الشرطة الذي يعمل في التحريات بالمنطقة هو من سرق جاره بشهادة جاره.

وأضاف "تم إيقاف جاري بمعرفة رجلين وهو يسير بالقرب من منزله، بدعوى أنهم من الأمن ولأنه يوجد حالة طوارئ يتم ايقاف أي مواطن وسؤاله عن أوراقها لرسمية وبطاقة الرقم القومي، وبالفعل كان هذا المدخل للنصب عليه.

وتابع يعتبر جاري من رافضي الانقلاب، وعادة ما يذهب "أمن الدولة" إليه لتفتيش المنزل والمغادرة، "فلم يعطِ أي خوانة" خصوصا أنهم قالوا له نحن لم نصعد للمنزل لعدم إثارة خوف زوجتك وأطفالك لذلك انتظرناك هنا.

وقال جار المواطن، إنهم تأكدوا من إثبات هويته لكنهم لم يتركوه، وطلبوا منه أن يحضر كل ما يملك من مال وذهب لجرده وتسجيله، وإلا صعدوا وأخذوه عنوة فقال لهم لا أنا سأحضره، وبالفعل صعد وأحضر كل ما يملك وأخرجوا ورقة وكتبوا فيها قيمة كل ما يملك وأعطوه الحقيبة التي فيها المقتنيات.

وأكمل لكن جاري عندما صعد فوجئ بأن الحقيبة فيها ورق، وتم خداعه وسرقوا كل شيء، فهرول للقسم لتحرير محضر لأنه اكتشف أنه تم النصب عليه من لصوص، وبمجرد الدخول وسرد الحكاية وجد الأمناء والضباط يقولون له "من قبل ما تحكي لقيت ف الشنطة ورق، وأنت مش أول حالة تيجي تعمل محضر بنفس الأمر ده".

وتابع: "الجيران قالوا له إحنا نروح لامين شرطة هنا في المنطقة ماسك تحريات الحي وهو هيقدر يجبهالك وحد خدوم، راح معاهم ويقولوا له جارنا اتسرق وحكوا له ما حدث"، متابعا: "فقال أمين الشرطة للرجل طب قولي مواصفاته لابس إيه شكله إيه عشان أقدر أساعدك، فرد الرجل عليه: مش محتاج أقولك لأنه واقف أدامي اهو وشاور على أمين الشرطة".

وقال صدمنا جميعا من هول ما قال: "عندما أكد أن هذا هو الرجل الذي سرقه، وأمين الشرطة لم يدافع عن نفسه بقوة بل جلس يضحك وحاول تغيير الموضوع، ما أصابنا بالرعب منه وتركناه فورا، ونحن على يقين أن الداخلية لديها علم بكل ما يحدث وتشاركه ما يسرقه".

حاميها حراميها
من جانبه يقول اللواء فؤاد الضبع، مساعد وزير الداخلية سابقًا، إن مصر تشهد 300 حالة سرقة سيارات سنويًا، عندما يكون خلال شهور 10 حالات تورط فيها ضباط الشرطة أو الأمناء، فهذا يدل أن 10% من سارقي السيارات من داخل الشرطة، فالعشر حالات أمامهم 20 آخرين لم يتم الكشف عنهم على الأقل، مطالبًا بضرورة إعادة هيكلة الشرطة وتصفيتها من الفاسدين.

وأضاف الضبع أن الشرطة تحتاج إلى تأهيل جديد وتقويم السلوك، حتى لا يتحول الشرطي إلى سارق، ويصبح الحال "حاميها حراميها"، مؤكدًا أن تلك الحالات بدأت في الانتشار مؤخًرًا في ظل عدم وجود رقيب لهذا الجهاز، ولا بد من تشكيل جهاز ممن معروف عنهم الأمانة لرقابة أداء ضباط وأمناء وأفراد الشرطة.