نزاهة واستقلال القضاء فى خبر كان ..الحبس الاحتياطي سلاح السيسي لمواجهة المعارضين والرافضين لانقلابه

- ‎فيتقارير

 

الحبس الاحتياطى سلاح يستخدمه نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي لاعتقال المعارضين والرافضين لانقلابه على أول رئيس مدنى منتخب فى التاريخ المصرى الشيهد محمد مرسى ..لكن مع تكدس السجون بالمعتقلين والانتقادات الحقوقية فى الداخل والخارج لحبس الأبرياء يضطر نظام الانقلاب لاتخاذ قرارات لتلافى مثل هذه الانتقادات والإيحاء بأنه يحترم حقوق الإنسان ولا يرتكب أى جرائم فى حق الأبرياء.

فى هذا السياق شهدت محاكم الإرهاب موجة غير مسبوقة من الإحالات، حيث أحالت نيابة أمن الدولة العليا 138 قضية إلى المحاكمة الجنائية خلال أربعة أشهر فقط، من أكتوبر 2024 وحتى يناير 2025.

وتعود هذه القضايا إلى الفترة بين 2017 و2024، وتشمل أكثر من 8 آلاف معتقل معظمهم لا يزال قيد الحبس الاحتياطي . 

فى هذا السياق أكد مراقبون أن هذا التحرك القضائي يهدف إلى نقل ملف المحبوسين احتياطيًا إلى سلطة القضاء، في محاولة لتحسين صورة حقوق الإنسان عقب الانتقادات المتزايدة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الدولية، التي نددت بتجاوز مدد الحبس الاحتياطي القانونية المنصوص عليها في القانون  والمحددة بعامين كحد أقصى.. 

واعتبر المراقبون أن هذا التحرك، مجرد شو إعلامى مؤكدين أنه لا توجد نية حقيقية لدى نظام الانقلاب لإنهاء ملف المحبوسين احتياطيًا. 

محاكم استثنائية

من جانبه وصف المستشار محمد عوض، رئيس محكمة استئناف طنطا السابق، دوائر الإرهاب بأنها تتعارض مع أحكام الدستور.

وقال عوض في تصريحات صحفية إنّ المحاكمات يجب أن تُجرى أمام محاكم طبيعية تلتزم بمبادئ العدالة والنزاهة، بينما تُعتبر الدوائر المتخصصة بقضايا الإرهاب محاكم استثنائية محظورة، شأنها في ذلك شأن المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة طوارئ التي أُنشئت خصيصًا لمحاكمة المعارضين.

وأكد أنّ القاضي الطبيعي هو وحده من ينبغي أن ينظر هذه القضايا، بشرط أن تتوافر فيه مقومات الاستقلال والكفاءة، بعيدًا عن أي توجيه خارجي. 

 

استقلال القضاء

أكد المستشار محمد ناجي دربالة، نائب رئيس محكمة النقض السابق، أن “دوائر الإرهاب” غير قانونية وغير دستورية، ولا تتوافق مع المعايير الدولية لاستقلال القضاء، موضحا أن هناك مبدأ قانونيًا أساسيًا ينص على عدم جواز تعيين قاضٍ معين لنظر قضايا محددة، وهو ما تفتقر إليه هذه الدوائر. 

وقال دربالة فى تصريحات صحفية إن توزيع القضايا يجب أن يتم على قضاة مختصين بشكل دوري، لا أن تظل ولايتهم ثابتة في دوائر محددة ودائمة.  

واعتبر أن استمرار نفس القضاة في هذه الدوائر لأكثر من عشر سنوات يمثل إخلالًا بمبدأ الحياد القضائي، مما يثير شبهات حول توجيه الأحكام، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية التي تضمن استقلال القضاء. 

وأرجع دربالة إحالة عدد كبير من القضايا من نيابة أمن الدولة العليا إلى محاكم الإرهاب خلال فترة قصيرة، إلى جلسة المراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان لنظام الانقلاب بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مشددا على أن الهدف من هذه الإحالات هو تجميل صورة الانقلاب أمام المجتمع الدولي، عبر الإيحاء بأنه لم يعد هناك محبوسون احتياطيًا تجاوزوا المدة القانونية القصوى للحبس الاحتياطي، والتي يحددها القانون بعامين. 

مظلة قانونية

وأكد أن إحالة القضايا للمحاكم لا تعكس نية حقيقية لإنهاء هذه الملفات أو تصفية القضايا ذات الطابع السياسي، بل تهدف فقط إلى نقل الملف من سلطة النيابة إلى القضاء، بما يسمح بإبقاء المتهمين قيد الحبس تحت مظلة قانونية مختلفة، لافتا إلى أن المحاكم لن تتمكن من نظر هذه الدعاوى في فترة زمنية معقولة، ما يعني عمليًا استمرار الحبس الاحتياطي لفترات طويلة. 

وقال دربالة إن القضاء فى زمن الانقلاب يفتقر إلى الاستقلالية الكاملة، مشيرا إلى أن محاكم الإرهاب تنعقد داخل السجون، مما يحد من قدرة القضاة على رؤية المتهمين مباشرة أو مناقشة الشهود بحرية.

وأكد أن القضاة لا يتمتعون بالحد الأدنى من معايير الاستقلال وفقًا للمعايير الدولية، مشيرًا إلى أن من يجتهد منهم أو يتخذ موقفًا مستقلًا قد يواجه إجراءات تأديبية أو يُنقل إلى محاكم أخرى مثل محكمة الأسرة، مما يعزز سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء. 

وحذر دربالة من أن الممارسات الحالية تنال من نزاهة واستقلال القضاء، وتجعل المحاكمات عرضة للانتقادات المحلية والدولية، خاصة في ظل غياب الضمانات الأساسية التي تكفل حقوق المتهمين في محاكمات عادلة. 

 

انتقادات دولية

 قال المحامي أحمد حلمي، رئيس هيئة الدفاع عن مئات المعتقلين المحالين للمحاكمة، إن سلطات الانقلاب تحاول تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي عبر إحالة المحبوسين احتياطيًا، الذين تجاوزت مدد حبسهم الفترة القانونية المنصوص عليها في القانون والمحددة بعامين كحد أقصى.

واعتبر حلمي في تصريحات صحفية أن هذه الخطوة تأتي في إطار مواجهة الانتقادات الدولية الواسعة، سواء على المستوى السياسي أو القانوني، بسبب الحبس خارج إطار القانون. 

وأكد أن هذه الإحالات غير المسبوقة في عددها خلال فترة زمنية قصيرة جاءت استجابةً لضغوط صندوق النقد الدولي، الذي اشترط إدخال إصلاحات في ملف حقوق الإنسان كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرا إلى أن الصندوق طالب حكومة الانقلاب بالتقيد بالقانون فيما يتعلق بمدة الحبس الاحتياطي، وإنهاء ملف المحبوسين احتياطيًا الذين تجاوزت مدد احتجازهم الحدود القانونية. 

وأشار حلمي إلى أن سلطات الانقلاب لجأت لإحالة القضايا الممتدة منذ نحو ثماني سنوات إلى المحاكم، بهدف نقل ملف الحبس الاحتياطي من سلطة النيابة العامة إلى القضاء، لتجنب الانتقادات المرتبطة بتجاوز مدد الاحتجاز القانونية.  

وأضاف: بهذا الشكل، يمكن لسلطات الانقلاب أن تنفي وجود محبوسين احتياطيين خارج الإطار القانوني، بينما في الواقع، يبقى المتهمون قيد الاحتجاز ولكن بقرارات قضائية.