إسلام محمد
"خدش رونق المجلس الأعلى للقضاء".. أحدث تهمة في عالم الانقلاب، حيث يصر القائمون على شئون السلك القضائي بمصر على أن يقيموا حصونا مشيدة تبعدهم عن الناس، باعتبار أنهم من جنس مختلف، لا يخطئون، ولا يجوز أن ينتقدهم أحد أو يحاول الحديث عن شئونهم.
هذا بالتحديد ما حدث مع طارق حافظ، الصحفي بجريدة الفجر، الذي تعرض لتحقيقات مهينة لمدة 15 ساعة دون انقطاع؛ بسبب تحقيق صحفي أجراه حول تعيينات النيابة العامة الأخيرة، وتم إخلاء سبيله على ذمة التحقيقات بكفالة 5 آلاف جنيه.
لم تكن التحقيقات التي أجرتها معه نيابة أمن الدولة طوارئ بمكان غير آدمي، ولم يسمح له خلالها بالتقاط أنفاسه أو تناول مأكولات أو مشروبات، هي الانتهاك الوحيد الذي تعرض له الصحفي؛ بل كان الأكثر قسوة هو تجاهل عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحفيين، لاتصالاته ورسائله.
محمد سعد عبدالحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، علّق على ما حدث قائلا: "الأصل في عمل الصحفي هو إعلام وإخبار الجماهير بما يحدث ويجري.. وبناء عليه فإن أي محاولة من أي جهة لمنع الصحفي من ممارسة عمله أو ترهيبه والضغط عليه لإخفاء معلومات وأخبار صحيحة وموثقة بهدف تجهيل المجتمع أو تضليله، هي جريمة مكتملة الأركان تستوجب المساءلة والعقاب".
ويستعرض طارق حافظ ما حدث معه، في تدوينة على "فيس بوك"، كتبها تحت عنوان: "ماذا جرى معي من تعسف وإكراه والاتهامات الهلامية.. وماذا فعل نقيب الصحفيين؟"، قائلا: السيد النقيب الموقر الأستاذ عبدالمحسن سلامة، اتصلت به على "الموبايل" الشخصي له، ليلة التحقيق، العديد من المرات؛ لتذكرته وإخباره- إذا لم يكن لديه علم- بجلسة التحقيق، خاصة أن نقابة الصحفيين هي من أرسلت لي إخطار الاستدعاء للنيابة، إلا أن النقيب لم يرد نهائيا على الاتصالات، فأرسلت له رسالة نصية على الهاتف- مخزنة لدي ومحتفظ بها- عن ضرورة الرد لوجود جلسة تحقيق في نيابة أمن الدولة، إلا أنه تجاهل الرسالة، وتجاهل أيضا الاتصالات به، التي قمت بها بعد إرسال الرسالة وقبلها، ولذا وجب التنويه لسيادته بشكل خاص ومجلس نقابة الصحفيين الموقر والزملاء الصحفيين بشكل عام، لتدارك الأزمة وتداعياتها في الأيام القادمة؛ لإزالة الصورة السلبية التي كونت لدي ولدى عدد من الزملاء تجاه النقيب بشكل خاص، حول التعامل مع أزمات الصحفيين، وتصحيح الصورة بما يلزم من تحركات على كافة الأصعدة المختلفة".
وقال: "استمرت التحقيقات على مدار 15 ساعة كاملة، لم يتخللها أي فترة استراحة نهائيا، في أمر متعمد للإكراه "البدني والنفسي والمعنوي" تجاهي، وكنا لكي نحصل على "ثوان معدودة" للاستراحة، نطلب دخول "الحمام" فقط، ودون السماح بتناول أي أطعمة أو وجبات خفيفة أو أي شيء".
وفصّل ما حدث قائلا: "حيث دخلت مع المحامين بالجريدة، النيابة في حوالي الواحدة والنصف ظهر يوم السبت، وتركونا في مكان أشبه بالحجز "البورش" لا يوجد به مقاعد، باستثناء صناديق خشبية للجلوس، وكرسي أو اثنين متهالكين، حتى بدأ التحقيق في حوالي الثانية ظهر السبت، واستمرت حتى الخامسة فجر يوم الأحد".
واستطرد صحفي جريدة الفجر: "التحقيقات جميعها خلال ساعات طويلة، حاول خلالها المحقق بطرق عديدة "ترهيبية" تارة، و"ترغيبية" تارة أخرى، التعرف على المصادر التي أمدتني وأطلعتني على المستندات الخاصة بالتحقيق الصحفي المنشور، أو طبيعتها، أو أماكن عملها، أو أماكن لقائي بها، وكأن هذا المحور الرئيسي للتحقيق، حتى وصل الأمر إلى "الترهيب" عن طريق طرح المحقق لتصور أن تكون المستندات تم اختلاسها من مكان حفظها، وأن أكون شريكا في هذا الأمر، إلا أنني كمن مصرا على حقي القانوني طوال التحقيق في عدم الإفصاح عن مصادري".
وتابع: "خلال التحقيقات قال لي المحقق نصا: "إحنا والمجلس بنحييك وبنقدر ده على رأسنا، لكشفك موضوع ضابط التعذيب المعين في دفعة النيابة العامة الأخيرة وهو أمر حقيقي"، وقد أثبت ذلك بمحضر التحقيقات الرسمية التي تمت، بخلاف تقديمي لحافظة مستندات بالأمر".
وقال: "لم تتطرق التحقيقات نهائيا- أؤكد "نهائيا"- طوال ساعات التحقيق إلى "المتن" الخاص بموضوع التحقيق والأسماء المنشورة فيه، والخاصة بأسماء أبناء القضاة والقيادات الأمنية المعينة في الدفعة، وأن ما أثير فقط في التحقيقات، يتعلق بشأن ذكر ألفاظ مثل "توريث القضاة" أو "كعكة التعيينات" في العناوين الخاصة بالتحقيق المنشور، والتي اعتبرها مجلس القضاء الأعلى تمثل خدشا للرونق العام له، بقصد النيل من اعتباره، واعتباره خبرا كاذبا لعدم وجود "توريث" أو "كعكة"، وفقا لرؤية مجلس القضاء، رغم عدم نفيه بأي شكل من الأشكال لصحة الأسماء والمناصب الوظيفية المنشورة في التحقيق وأنهم أبناء قضاة ومستشارين، وقد طلبت بشكل رسمي الكشوف الرسمية الخاصة بأسماء المعينين من مجلس القضاء الأعلى للتدليل على صحة ما نشر من أسماء، رغم عدم نفيها أساسا، وطلبت صورة رسمية من محضر التحقيق، وسأقوم بنشره بشكل علني للكافة".