وكأن الخراب ، بات هدفا للمسئولين بمصر، وكأن الطب والصحة المصرية تنقصهما الازمات، حتى تضربها أزمات القرارات الحكومية بسلطة الانقلاب العسكري التي تزيد من مشاكل الاطباء والطب بمصر…
وكان رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي قد أصدر قبل أيام قراراً يقضي باستثناء الهيئة العامة للرعاية الصحية من تطبيق قرار سابق بشأن إطلاق مدد الإعارات والإجازات الخاصة من دون أجر للعمل بالخارج. ويهدف القرار إلى وقف تمديد إعارات الأطباء الخارجية وأطقم التمريض العاملين في المستشفيات الحكومية، وتخييرهم بين العودة إلى عملهم في مصر أو تقديم استقالاتهم من وزارة الصحة.
وأحدث القرار السابق الصادر قبل ثلاث سنوات، حالة من الغضب بين الأطباء، بينما يفسر أطباء ونقابيون القرار الجديد بأن “جهات العمل بالتأمين الصحي الشامل الجديد سيكون لها مطلق الحرية في قبول أو رفض طلبات الإجازة للعمل بالخارج، سواء لأول مرة أو عند التجديد، وبالتالي فإن الأطباء لن يستطيعوا الحصول على إجازات من دون راتب للعمل بالخارج إلا بصعوبة”.
وفي منشور له شهد تفاعلاً على موقع فيسبوك، كتب أمين عام نقابة الأطباء الأسبق، إيهاب الطاهر، أن القرار صدر “بناء على عرض من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية. الطبيب الذي يريد العمل عدة سنوات في الخارج لتحسين مستواه المادي في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة، هل سيلغي فكرة السفر لمجرد أن جهة عمله سترفض منحه إجازة؟ بالطبع لا”.
وأضاف الطاهر: “من المعلوم أن الغالبية العظمى منهم سوف تستقيل أو تنقطع عن العمل من أجل السفر، ولكن بدلاً من أن يسافروا لعدة سنوات يحسنون فيها وضعهم المادي ثم يعود بعضهم لاستكمال عمله بمصر، فإن هذا البعض لن يعود. تتراكم المشاكل التي تدفع الأطباء للعمل بالخارج، وعلى المسئولين دراسة جذور المشاكل والعمل على حلها، بدلاً من إصدار قرارات تزيد الأمور تعقيداً”.
ووفق اطباء، فإن القرار الجديد محاولة فاشلة لإثناء أو تعطيل الأطباء عن السفر… وأن القرار يتسبب بموجة من الاستقالات الجماعية بالآلاف، والنتيجة المحتومة خسارة البلاد لأطبائها، وهي خسارة لا تُعوّض.
وكان الآلاف من الأطباء قد استقالوا من المستشفىات الحكومية التي يعملون بها، لانهيار مستوى دخولهم التي باتت لا تكفيهم ولا توفر لهم فرصا للدراسة واستكمال الدورات والبرامج العلمية؟؟؟
وتعد هجرة الأطباء أزمة متفاقمة، وسبق أن دللت عليها دراسة أجرتها نقابة أطباء مصر في عام 2023، أعلنت فيها أن عدد الأطباء والطبيبات الذين تقدموا إلى النقابة بمستندات إنهاء خدمتهم من قطاع الصحة الحكومي خلال عام 2022، واستخراج شهادة “طبيب حر”، التي تعني عدم عمل الطبيب لدى أي جهة حكومية، بلغ 4261 طبيباً وطبيبة، بمعدل يومي 12 طبيباً وطبيبة.
وتقدم نحو 1044 طبيباً باستقالاتهم في عام 2016، فيما بلغ عدد المستقيلين 2549 طبيباً في عام 2017. وفي عام 2018، استقال 2612 طبيباً. وفي عام 2019، استقال 3507 أطباء، و2986 طبيباً في 2020. وفي عام 2021، تقدم 4127 طبيباً باستقالاتهم.
كما حذر المركز المصري للحق في الدواء من أسباب استقالات الأطباء، التي لخصها في “الحالة الاقتصادية للأطباء وضياع حقوقهم وسط علاقات عمل صعبة، خاصة أن المعدل العالمي 22 طبيباً لكل عشرة آلاف نسمة، بينما المعدل في مصر لا يتجاوز تسعة أطباء لكل عشرة آلاف نسمة”. وأكد المركز أن سبب استقالة الأطباء هو “ضعف الأجور، الأمر الذي يؤدي إلى أن يعمل الطبيب في أكثر من مستشفى، أو يبحث عن فرصة سفر، عدا عن الاعتداء المستمر على الفرق الطبية من قبل أهالي المرضى بسبب نقص الإمكانيات في المستشفيات.
وطبقاً لمركز إنسان للدراسات الإعلامية، فإن نحو سبعة آلاف طبيب يهاجرون سنوياً بسبب الإجراءات التعسفية ضد الأطباء، كما يستقيل نحو عشرة آلاف طبيب من وظائفهم في المستشفيات الحكومية للعمل بعيادات خاصة، وذلك نقلاً عن إحصائية لنقابة الأطباء.
ونشر المركز نفسه تقريراً صادراً عن القوى العاملة في بريطانيا، كشف عن ارتفاع نسبة الأطباء المصريين المهاجرين إليها بنسبة تزيد على 200% في الفترة بين عام 2017 وعام 2021، لتأتي مصر بعد الأردن والسودان في دول الشرق الأوسط بالنسبة لعدد الأطباء المهاجرين إلى بريطانيا.
وتؤدي قرارات حكومة العسكر، غير المنضبطة إلى زيادة الازمات والمشاكل، وتواجه ازمة اطباء مصر، بين قانون المسئولية الطبية الذي يسمح بحبسهم اختياطيا، وبين تدني مستويات الدخول والعجز عن مجارات العلم والتدريب وبين الحرمان من تحسين اوضاعهم الاقتصادية..