خطة زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد تتولى مصر إدارة قطاع غزة مقابل سداد ديونها الخارجية، تشابه لحد كبير مع خطة مؤسس الصهيونية الأول، وصاحب فكرة دولة إسرائيلية بفلسطين الصحفي النمساوي ثيودور هرتزل، حينما عرض على السلطان عبدالحميد الثاني عام 1876 سداد ديون الدولة العثمانية مقابل منح اليهود أراضي بفلسطين عام والتي قابلها السلطان عبدالحميدالثاني بالرفض، رغم ضغوط الدول الدائنة.
ولكن المقارنة بين السيسي والسلطان عبد الحميد هي مقارنة بين الثرى والثريا ، فأين المنقلب السيسي الصهيوني الذي يحاصر غزة ويتكسب من معاناة شعبها، من مكانة خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الثاني هذا السلطان العظيم ، الذي ظل أكثر من 33 عاما يحارب ، الأطماع الغربية في الدولة العثمانية، ويحمي الأقليات الإسلامية في دول العالم وينافح الصهيونية في فلسطين.
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، قد عرض على كبار المسؤولين في إدارة ترامب بالبيت الأبيض، وكبار أعضاء مجلس الشيوخ، أن تتولى مصر إدارة قطاع غزة مدة من 8إلى 15 عاما.
وأكد لابيد فى خطة مكملة لخطة الرئيس الأمريكي حول قطاع غزة ،أنه في المقابل، يتولى المجتمع الدولي والحلفاء الإقليميون سداد الدين الخارجي لمصر البالغ 155 مليار دولار، على أن يتم خلال تلك الفترة إعادة إعمار غزة بإشراف مصر، وفق ما نقلته صفحةلابيد، عبر موقع “إكس”.
مقترح “لابيد ” يتضمن قيادة مصر “قوة سلام” يشارك فيها المجتمع الدولي ودول الخليج بهدف “إدارة وإعادة إعمار” القطاع المدمّر جراء حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية ضد 2.3 مليون فلسطيني منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر2023.
وهدف خطة لابيد جاء واضحا بـ”جعل قطاع غزة منزوع السلاح بشكل كامل”، حيث أوضح أنه “بعد مرور نحو عام ونصف العام على القتال، فوجئ العالم بأن حماس لا تزال تسيطر على غزة”، مضيفا أن “حكومة بنيامين نتنياهو فشلت في إنشاء حكومة فعالة بغزة قادرة على طرد حماس”.
وفي المقابل، أشار إلى أن “اقتصاد مصر على وشك الانهيار ويهدد استقرارها والشرق الأوسط بأكمله، فالديون الخارجية البالغة 155 مليار دولار لا تسمح لها بإعادة بناء اقتصادها وتعزيز جيشها”.
كمازعم أن “هذا الحل له سابقة تاريخية”، ملمحا إلى أن مصر سيطرت على قطاع غزة بين عامي 1948 و1967.
وتتلاقى أهداف خطة لابيد، مع ما دأب نتنياهو على التصريح به، ومنها قوله في فبراير الجاري، إن “أي اتفاق مستقبلي يجب أن يضمن تفكيك البنية العسكرية لحماس”.
وكانت حركة “حماس”، قد رفضت هذا المقترح بإعلان رفضها نزع سلاح “المقاومة” أو إبعادها عن غزة، مشددة على أن أي ترتيبات لمستقبل القطاع ستكون “بتوافق وطني” فلسطيني، مؤكدة أن “اشتراط الاحتلال إبعاد حماس عن القطاع حرب نفسية سخيفة”.
ويحرض مسؤولون إسرائيليون لطرد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى مصر والأردن، وبلدن أخرى، فيما وصل حد التحريض على التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتصفية لشعب فلسطين.
والأحد، الماضي أطلق نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي نيسيم فاتوري، تصريحات تحريضية وعنصرية، دعا فيها لقتل البالغين منهم، بقوله: “يجب فصل الأطفال والنساء وتصفية البالغين”.
ومنذ25 يناير الماضي، يروج ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة لمصر والأردن، الأمر الذي
رفضه البلدان، رسميا، ليعلن ملك الأردن عبدالله الثاني خلال لقائه ترامب بالبيتالأبيض في 16 شباط/ فبراير الجاري، عن خطة مصرية تدرسها مع دول عربية.
وتخلف المنقلب عبد الفتاح السيسي، عن زيارة مماثلة لواشنطن كانت مقررة في 18 شباط/فبراير الجاري، لمشاركة خطة بلاده مع قادة عرب أولا بالرياض في 20 شباط/ فبراير
الجاري، إلى جانب قادة الأردن وقطر والإمارات والبحرين والكويت، وفي غياب أي تمثيل للمقاومة الفلسطينية.
وحتى الآن لم يعلن عن مخرجات القمة المصغرة، فيما يترقب كثيرون الكشف عنها بقمة عربية طارئة بالقاهرة جرى تأجيلها من 27 شباط/ فبراير الجاري، لتنعقد 4 آذار/ مارس المقبل.
ويواجه اقتصاد مصر ثاني أكبر اقتصاد عربي وإفريقي أزمة ديون تاريخية، ويعاني أزمات هيكلية مزمنة، دفعت بحكومتها للتفريط بأصولها وشركاتها العامة وأراضيها الاستراتيجية، وأدت لمعاناة أكبر شعب عربي (107 ملايين نسمة بالداخل)، مع الفقر وضعف القدرة على توفير المستلزمات الأساسية.
وفي مقابل العرض الإسرائيلي السخي لمصر، تتواصل عمليات التحريض من قبل مسؤولين ودبلوماسيين إسرائيليين ضد تسليح الجيش المصري وحضوره بأفراد وعتاد في سيناء، في ماتطالب تل أبيب برفع أسعار الغاز الإسرائيلي المصدر لمصر بنسبة 40 بالمئة، في عملية ابتزاز سياسي بشأن غزة، وفق مراقبين.
في ماحذر مراقبون من خطورة هذا العرض على القضية الفلسطينية وعلى قطاع غزة والمقاومة وفي القلب منها حركة حماس، وأيضا مخاطره على مصر، كما أنهم تطرقوا لحجم اختلافه عن عرض ترامب والخطة المصرية، ولفتوا إلى احتمالات اقتناع ترامب به، وإمكانية قبول أو رفض مصر له.
إعادة تدوير مقترح ترامب
وقال السياسي أحمد عبدالعزيز: إن ” النظام الانقلابي في مصر، فيتمنى أن يدير غزة نيابة عن الاحتلال الصهيوني، مقابل إسقاطديونه، حسب اقتراح لابيد، لكن أنَّى له هذا، وقد أعلنت حماس بلغة شديدة الوضوح لا ينفع معها تحايل ولا تأويل: (سنتعامل مع أي وجود أجنبي في غزة كما نتعامل معالاحتلال الصهيوني تماما)”.
ولذلك لا يرى عبدالعزيز، “خطورة من اقتراح لابيد الذي لا يعدو عن كونه إعادة تدويرلاقتراح ترامب الذي بدا (في الحقيقة) أمرا تنفيذيا موجها لنظامي الحكم بمصر”.
والأردن، غير أن بأس المقاومة، وتمسك الغزيين بأرضهم، والرفض الدولي العارم لأمرترامب السخيف وغير المعقول، أحال هذا (الأمر) إلى رماد ذهب مع الريح”.
وشدد أن غزة أصبحت ، منذ طوفان الأقصى، نِدّا للقوى العظمى، وليس للكيان الصهيوني فحسب؛ بعد أن ألحقت به المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس أول هزيمة (مركبّة) في تاريخه، عسكرية واقتصادية ونفسية وإعلامية”.
وقال الباحث السوري في الشأن العسكري وجماعات ما دون الدولة، عمار فرهود: “تكمن خطورة هذا العرض من وجهة نظري في محاولة ربط استقرار مصر بمستقبل غزة؛ كما يتصورهنتنياهو، ولابيد”.
وأضاف “قد يكون الهدف منه جر مصر لقرارات لا تريدها؛ وكذلك محاولة تزكية نار الخلافبين أبناء العروبة والإسلام”.
وعن مدى قبول أو رفض مصر لخطة لابيد، يرى فرهود، أن “الموقف المصري مرتبط بعواملعديدة أبرزها المواقف الإقليمية التي قد تكون إيجابية فتتشجع مصر أو العكس من ذلك”.
وقال رئيس “حزب الخضر” محمد عوض عبر حسابه على الفيس بوك: إن “الاقتراح بإدارة مصرية لغزة مقابل إسقاط الديون، يعني تحول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى أن يصبح صراعا مصريا فلسطينيا”.