على طريقة عصابة العسكر.. طب جامعة القاهرة تواجه انتقادات أطباء الامتياز بالفصل من العمل

- ‎فيتقارير

 

رغم المستوى التعليمي المتميز، ورغم أنها تعتبر كلية الطب الأولى في مصر، إلا أنها سارت على نفس نهج عصابة العسكر في مواجهة انتقادات أطباء الامتياز لإدارة الكلية ومستشفيات القصر العيني، حيث اكتشف أطباء الامتياز بكلية الطب جامعة القاهرة أن التدريب الذي يوجه لهم دون المستوى، ويعاني من العشوائية والتخبط،  وأن الإجراءات الإدارية تركز على مسائل ثانوية تتسبب في تضييع وقت الطبيب دون إفادته أو الاستفادة منه، ومن ذلك أنهم يقفون أمام البصمة لإثبات الحضور والانصراف في طوابير طويلة تستغرق ساعات .

 

وأكد الأطباء أن أغلب أيامهم لا تتضمن أي مهام طبية أو تعليمية واضحة، كما لا يوجد برنامج تدريبي منظّم يمكنهم من اكتساب المهارات اللازمة، في وقت يُمنعون فيه من التواجد في أقسام الطوارئ، أو متابعة الحالات مع الأطباء الأقدم، بحجة أنهم "مجرد أطباء امتياز".

 

ورغم حالة الإحباط والغضب التي تسيطر على أطباء الامتياز حاليًا، إلا أنهم أكدوا أنهم لن يتراجعوا عن المطالبة بحقوقهم المشروعة في بيئة تدريب لائقة، تحترم وقتهم وتضمن لهم مستقبلًا مهنيًا جيدًا.

 

وأطلق الأطباء هاشتاجات عبر منصات التواصل، أبرزها: #إلغاء_بصمة_الانصراف #امتياز_القصر_العيني

 

وردد الأطباء: "بدل ما يسمعونا فصلونا!" تعبيرًا عن حالة القمع التي تعرضوا لها لمجرد التعبير عن واقعهم الصعب.

 

إجراءات تعسفية

 

 

بمجرد أن نشر أطباء الامتياز هذه الانتقادات عبر صفحتهم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فوجئوا بقرار من كلية طب القصر العيني  بوقف 8 منهم عن العمل، وتحويلهم للتحقيق، دون إبداء أي أسباب أو إجراء تحقيقات سابقة معهم، في واقعة وُصفت بأنها "تعسفية" وتعكس "تكميمًا للأفواه" وفقًا لشهادات الأطباء.

 

 

 

صدمة حقيقية 

 

 

 

القرار جاء عقب منشورات كتبها الأطباء على صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، عبّروا خلالها عن معاناتهم اليومية داخل المستشفى، من طوابير البصمة الطويلة، إلى غياب أي محتوى تدريبي حقيقي، مرورًا بسوء التنظيم الإداري وعدم احترام وقتهم أو مهنتهم، دون أي تطاول على جهة أو إساءة لشخص، وفق تأكيداتهم.

 

من جانبه كشف أحد الأطباء المفصولين، أنهم قضوا خمس سنوات من الجهد والدراسة والضغوط النفسية في كلية طب القصر العيني، ليبدأوا أولى خطواتهم العملية كأطباء امتياز في مستشفيات جامعة القاهرة، أكبر صرح طبي في مصر، وأضاف الطبيب: دخلنا قصر العيني وكلنا أمل إننا نتعلم ونتدرب ونعالج أهلنا، لكن أول يوم كان صدمة حقيقية.

 

طابور البصمة

 

 

وقال الطبيب : "صُدمنا من طوابير لا تنتهي أمام جهاز البصمة، ننتظر أكتر من ساعة من أجل أن نثبت الحضور، وتتكرر نفس المعاناة في نهاية اليوم لبصمة الانصراف، مؤكدا أنه حتى في الأيام اللي ليس فيها شفتات أو مهام محددة، ننتظر  بالساعات من غير ما نعمل حاجة".

 

لا تدريب ولا تعليم  

 

وأكد طبيب آخر أنهم في بعض الأيام يضطرون للبصمة بعد الساعة 10 مساءً، ومع ذلك مفيش حتى مكان نقعد فيه، لا تدريب ولا تعليم، وكل اللي بيتقال لنا إننا زي الموظفين.

 

وتساءل : طيب فين المرتب؟ مرتباتنا أقل من الحد الأدنى اللي أقره قانون 153 لسنة 2019، وبنقبض 2800 جنيه بس بدل 5600 جنيه على الأقل.  

 

 

طريقة محترمة

 

وكشف طبيب ثالث أنه على مدار الأيام الماضية، حاول الأطباء التعبير عن مشاكلهم ومطالبهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة محترمة، ووجهوا مناشدات لإدارة المستشفيات لإلغاء بصمة الانصراف – كما حدث مؤخرًا في مستشفيات عين شمس – وتوفير برنامج تعليمي واضح ومناسب، يحترم مستقبلهم المهني.

 

وقال الطبيب : "رغم أن المنشورات لم تتضمن أي تحريض أو إساءة، فإن إدارة المستشفيات فاجأت الجميع بقرارات الإيقاف، في خطوة وصفها الأطباء بأنها ترهيب جماعي".

 

وأضاف : ما فيش لا تحقيق ولا استدعاء، فجأة عرفنا إننا موقوفون ومحولون للتحقيق، لما راح زمايلنا يسألوا، تم تهديدهم إن مستقبلهم المهني في خطر، وإنهم سبب تحريض زملائهم على الاعتراض، طيب هو إحنا كتبنا أي حاجة غلط؟ 

 

 

 

اجتماع تنسيقي

 

 

 

ومع تزايد الضغوط اضطرت كلية طب القصر العيني إلى عقد اجتماع تنسيقي لأطباء الامتياز مع الدكتورة إيمان فؤاد، نائب المدير التنفيذي لشؤون التدريب والتعليم الطبي، ومديرة التدريب الإلزامي بالمستشفيات الجامعية، وذلك بناءً على توجيه من الدكتور حسام صلاح، عميد كلية طب قصر العيني ورئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة القاهرة. 

 

وشهد الاجتماع مناقشة شاملة لأوضاع أطباء الامتياز خلال فترة تدريبهم، واستعراض الخطة التدريبية واللائحة الاسترشادية الواردة من لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات، إلى جانب تقييم آليات التطبيق التي تم اتباعها خلال الفترات السابقة، مع التركيز على النقاط التي يمكن تطويرها لتحقيق أقصى استفادة  للطبيب المتدرب، والمنظومة الصحية.

 

وأكدت إدارة التدريب والتعليم الطبي أن عملية المراجعة تهدف إلى تحسين جودة التدريب المقدم، وتعزيز استفادة الأطباء من عامي الامتياز باعتبارها مرحلة تأسيسية محورية في مسيرتهم المهنية، بما يمكنهم من مزاولة مهنتهم بكفاءة عالية، ويعود بالأثر الإيجابي على الخدمات الطبية المقدمة للمواطن المصري في المستقبل.

 

 

 

متابعة دورية

 

وشددت إدارة التدريب على ضرورة انتظام تواجد أطباء الامتياز داخل المستشفيات، والتنسيق الفعّال مع جميع الأقسام المعنية بالتدريب، مع التأكيد على الدور المحوري الذي يلعبه رؤساء ومسؤولو الأقسام الطبية في إنجاح هذه المرحلة، من خلال الإشراف المباشر والتوجيه العملي والتعليمي للطبيب الامتياز.

 

وطالبت الدكتورة إيمان فؤاد بالعمل على إيصال الهدف الأساسي من التدريب الإلزامي لأطباء الامتياز، والمتمثل في إعداد طبيب مهني قادر على خدمة وطنه بكفاءة، ودعت إلى غرس الالتزام والانضباط المهني منذ أول يوم في مسيرتهم العملية.

 

وكشفت د. إيمان فؤاد أن هناك متابعة دورية ستُجرى لأطباء الامتياز، للتأكد من تنفيذ البرنامج التدريبي وفقاً لما هو وارد في اللائحة التنظيمية والقرارات الوزارية ذات الصلة، لضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة والمهارة مع انتهاء فترة الامتياز، بما ينعكس على جودة الرعاية الصحية في المستقبل.