تصاعدت الأزمة بين نقابة المحامين وبعض رؤساء محاكم الاستئناف، على خلفية فرض رسوم جديدة تحت مسمى "مقابل أداء الخدمة المميكنة"، وهي خطوة اعتبرتها النقابة مخالفة للقانون والدستور، ومؤشرًا على تغوّل إداري تمارسه وزارة العدل بغرض جباية الأموال.
قرارات حاسمة من النقابة العامة
أصدر مجلس نقابة المحامين العامة بياناً مساء الخميس، جدّد فيه رفضه الكامل لما وصفه بـ"الرسوم الباطلة"، مؤكدًا التزامه الكامل بقرارات الاجتماع المشترك مع نقباء النقابات الفرعية، والذي خلص إلى رفض الرسوم واعتبارها اعتداءً على اختصاصات النقابة.
وشدد المجلس على ثلاث قرارات تصعيدية ضد المحامين الذين لم يلتزموا بقراراته:
إحالة جميع المخالفين للتأديب.
وقف الخدمات النقابية المقدمة لهم.
دعوة لاجتماع عاجل لمجلس النقابة العامة ونقباء الفرعيات يوم الثلاثاء 22 إبريل، بمقر نادي المحامين في 6 أكتوبر، لبحث خطوات التصعيد المقبلة.
خلفية الأزمة: جباية باسم "الخدمة المميكنة"
تعود جذور الأزمة إلى قرارات أصدرتها بعض محاكم الاستئناف مؤخراً، بفرض رسوم جديدة على المحامين تحت بند "الخدمة المميكنة"، رغم عدم وجود سند تشريعي يتيح ذلك. واعتبرت النقابة العامة هذه الخطوة "تعديًا على صلاحياتها القانونية"، محذّرة من أن تحميل المحامين أعباء مالية جديدة دون مسوغ قانوني يكرّس لمنهج جباية مرفوض.
القضاء وسيلة لتمويل القضاة
وفي هذا السياق، يؤكد خبراء قانونيون أن هذه الأزمة تفتح الباب مجددًا للحديث عن استغلال وزارة العدل لمنظومة التقاضي كأداة لجمع الأموال، في ظل غياب الرقابة التشريعية والبرلمانية الفعالة.
ويقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض، أحمد الشرقاوي، إن "ما يحدث ليس فقط مخالفة قانونية، بل يعكس توجهاً عاماً داخل وزارة العدل لتحويل القضاء إلى مشروع اقتصادي يدرّ عائدات ضخمة، بعضها يُستخدم لتوفير حوافز مالية للقضاة، في ظل تراجع مخصصات الموازنة".
ويضيف: "نحن لا نعارض التطوير أو الميكنة، لكن لا يجب أن يتحمل المحامون التكلفة دون وجود قانون واضح يحدد الرسوم وأوجه صرفها".
محامون على الأرض: "كأننا ندفع للدخول إلى المحكمة"
وعبّر عدد من المحامين في تصريحات صحفية عن غضبهم من استمرار فرض الرسوم، رغم اعتراض النقابة.
يقول المحامي محمد عويس، من محكمة استئناف طنطا: "الموضوع بقى مهين، كأننا بندفع علشان نشتغل، المفروض النقابة تتحرك قضائيًا ضد رؤساء المحاكم اللي بيصدروا القرارات دي".
أما المحامية منى البدوي من الإسكندرية، فأشارت إلى أن "الرسوم المفروضة تعرقل عمل المحامين الشباب، خاصة وأن الوضع الاقتصادي أصبح لا يُحتمل".
مطالبات بتحرك أوسع
وطالب خبراء في العمل النقابي، مثل المحامي طارق عبد العزيز، بتوسيع دائرة المواجهة لتشمل مساءلة وزارة العدل نفسها، لا الاكتفاء بمهاجمة رؤساء المحاكم فقط. وقال: "المسألة سياسية أكثر منها إدارية، وهناك نية مبيتة لتحويل التقاضي إلى خدمة مدفوعة بالكامل، مما يقوّض الحق الدستوري في التقاضي".