كشفت هجرة الأطباء المصريين إلى الخارج عن أزمة عميقة تسببت فيها حكومة الانقلاب التى تتجاهل قطاع الصحة ولا تهتم بالرعاية الصحية للمصريين وبالتالى تهمش الأطباء ولا تدخل المستشفيات فى دائرة اهنماماتها أما المرضى فليس أمامهم غير الموت لأنه سيكون أكثر راحة من العيش فى ظل حكومة تتمتع بقدر غير مسبوق من الجهل والغباء .
وفي السنوات الأخيرة تحولت هجرة الأطباء المصريين إلى الخارج من مجرد حالات فردية، إلى موجات جماعية متتالية تهدد استقرار المنظومة الصحية وفى محاولة لمواجهتها تدرس حكومة الانقلاب مقترحا بمنع الأطباء من السفر وهو ما آثار حالة من الغضب والاستياء بين جميع المصريين وليس الأطباء فقط .
كانت وزارة صحة الانقلاب قد أعلنت عن تشكيل لجنة عليا من الوزارة والمتخصصين لبحث أزمة هجرة الأطباء للخارج .
المنع من السفر
مجلس نواب السيسي طرح مقترحا بتغريم الخريج مقابل دراسته وتدريبه فى الجامعات والمستشفيات المصرية، أو إلزامه بعدم السفر لفترة تتراوح بين 3 و 5 سنوات قبل السماح له بالسفر إلى الخارج.
فى هذا السياق قدم رفعت شكيب عضو مجلس نواب السيسي مقترحا لحل أزمة هجرة الأطباء للخارج، ومواجهة نقص الكوادر الطبية داخل المستشفيات الحكومية .
وزعم شكيب فى تصريحات صحفية أن الهدف من مقترحه ليس تقييد حرية الأطباء، ولكن منح دولة العسكر حقها بعد إنفاقها مبالغ كبيرة على تعليمهم.
وقال : يجب ضمان استمرار الأطباء في خدمة المنظومة الصحية داخل مصر لفترة لا تقل عن خمسة أعوام بعد التخرج قبل السماح لهم بالسفر والعمل في الخارج، زاعما أن هذا حق دولة العسكر ولا يجب التفريط فيه.
وتساءل شكيب: هل من المقبول أن تدرب دولة العسكر الأطباء وتؤهلهم ثم يرحلون عنها ويتركونها من أجل العمل بالخارج؟ وهل يعقل استقدام أطباء أجانب من الخارج ولدينا خبرات وكفاءات طبية في مصر؟ وهل من المنطقي أن يكون لدينا مستشفيات على أعلى مستوى وبكلفة مالية باهظة ولا يوجد بها أطباء لتشغيلها؟ وفق تعبيره .
واعترف بأن هناك مستشفيات حكومية ليس بها سوي طبيب باطنة فقط، وهناك مستشفيات ليس بها أطباء قلب وصدر ورعاية متخصصة خاصة في القري والنجوع.
مزاولة المهنة
أزمة هروب الأطباء من مستنقعات الانقلاب إلى الخارج كشفت عنها دراسة حديثة أكدت أن عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء باستثناء من بلغوا سن المعاش، يبلغ حوالي 212 ألفًا و835 طبيبًا، يعمل منهم حاليًا في جميع قطاعات الصحة، سواء بالمستشفيات التابعة لوزارة صحة الانقلاب أو المستشفيات الجامعية الحكومية، أو القطاع الخاص، حوالي 82 ألف طبيب فقط، أي بنسبة 38% من عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة.
وأوضحت الدراسة أن 62% من الأطباء المسجلين خارج المنظومة الطبية، إما بسبب السفر إلى الخارج للعمل أو لاستكمال الدراسات العليا، أو بسبب الحصول على إجازات دون راتب، أو الاستقالة نهائيًا من العمل الحكومي.
وأشارت إلى أن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصًا، بينما المعدل العالمي، طبقًا لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصًا.
فيما أكدت بيانات لنقابة الأطباء أن نحو 11 ألفًا و536 طبيبًا استقالوا من العمل الحكومي خلال 3 سنوات فقط في الفترة من 2019 حتى مارس 2022.
وبحسب بيانات النقابة، فإن عام 2022 شهد استقالة أكثر من 4300 طبيب يعملون بالمستشفيات الحكومية، وهو العدد الأكبر خلال السنوات السبع الماضية، بمعدل يصل إلى 13.5 طبيب كل يوم .
وأشارت إلى أن عدد الاستقالات تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.
رواتب هزيلة
من جانبه كشف الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، عن هجرة حوالي 7 آلاف طبيب شاب للعمل بالخارج خلال عام واحد فقط، محذرا من أن هذه الظاهرة تؤثر بشكل كبير على القطاع الصحي في مصر.
وأوضح عبد الحي فى تصريحات صحفية، أن أسباب هذه الهجرة تعود إلى ضعف الرواتب وتدهور بيئة العمل في مصر، بالإضافة إلى عوامل الجذب في الخارج مثل الأجور العالية والفرص التعليمية المتقدمة.
وأشار إلى أن النقابة لا تستطيع منع الأطباء من السفر، حيث إن حرية التنقل مكفولة للجميع، مضيفًا: مقدرش أمنع طبيب من السفر، فيه حرية تنقل، في إنجلترا وألمانيا الطالب المتفوق فقط اللي بيدرس في الجامعة ببلاش، والباقي بيقترض من البنوك لإتمام الدراسة وبيسدد القرض بعد التخرج .
وأكد عبد الحى أن الظروف المعيشية للأطباء صعبة ، حيث يعانون من نقص في أماكن الراحة أثناء العمل، لافتا إلى أن بعض المستشفيات تفتقر إلى غرف استراحة مناسبة للأطباء.
وأضاف أن مطالب النقابة بتحسين هذه الظروف قوبلت بردود غير إيجابية من المسئولين الذين قالوا إن "الطبيب ليس لديه وقت للنوم أو الراحة".
مستوي المعيشة
وقال الدكتور سعد الدين هلال أستاذ الكبد بجامعة بنها، إن هجرة الأطباء ترجع في الأساس إلي حصولهم علي مغريات كبيرة للسفر للخارج، مؤكدا أن معظم خريجي طب الجامعات الخاصة يهاجرون للخارج.
وطالب هلال فى تصريحات صحفية حكومة الانقلاب بتوفير مغريات كبيرة لصغار الأطباء لدفعهم لعدم السفر للخارج،عن طريق تحسين الخدمة المقدمة لهم بالمستشفيات الحكومية وتحسين مستوي المعيشة لهم، بجانب حمايتهم من الاعتداءات اليومية من جانب أهالى المرضي .
وأوضح أنه ليس مقبولا ولا منطقيا قيام طبيب بالكشف على 500 مريض يوميا داخل عيادات التأمين الصحي والمستشفيات الحكومية .
وكشف هلال أن المعدل الآن هو طبيب لكل 3 آلاف مريض ، وهذه نسبة كارثية مقارنة بالمعدلات العالمية محذرا من أنه في حالة استمرار هجرة الأطباء سوف يصل العجز في الأطباء إلى أكثر من 40 % خلال عامين.