بسبب ارتفاع الأسعار والخوف من رد الفعل الشعبي .. حكومة الانقلاب تتراجع عن تحويل الدعم العيني إلى نقدي

- ‎فيتقارير

 

 

 

الارتفاع الجنوني في الأسعار وتراجع الدخول والقدرة الشرائية وانخفاض قيمة الجنيه وانهيار مستوى المعيشة والخوف من رد الفعل الشعبي، أجبر حكومة الانقلاب على التراجع عن تطبيق قرارها الذي صدّعت به المصريين طوال العامين الماضيين بتحويل الدعم العيني إلى نقدي.

ويؤكد الخبراء أن هناك عددا من التحديات الاقتصادية التي تقف أمام تطبيق التحول من الدعم العيني إلى النقدي خلال العام  2025رغم مزاعم حكومة الانقلاب بمزايا هذا التحول .

وقال الخبراء: إن "الهدف الحقيقي من هذا القرار هو إلغاء الدعم التمويني تدريجيا، موضحين أن الدعم النقدي يعني تقليص عدد المستفيدين من الدعم كخطوة أولى نحو الإلغاء ".

 

صعوبات كبيرة

 

كان شريف فاروق وزير تموين الانقلاب قد زعم في نوفمبر الماضي، أن تطبيق الدعم النقدي سيبدأ بشكل تدريجي مع بداية العام المالي الجديد، بعد اكتمال التجارب الميدانية، ورغم تصريحات الوزير الانقلابي، إلا أن القرار لم يطبق حتى الآن، بل هناك عدد من التصريحات تشير إلى تراجع حكومة الانقلاب عن التحول للدعم النقدي، كما أن موازنة العام المالي الجديد، بنودها تتضمن قيمة الدعم كاملة للخبز والسلع التموينية.

وإزاء هذا التراجع، زعم وزير تموين الانقلاب أنه ليس بالضرورة تنفيذ هذا التحول في عام 2025، لافتا إلى أنه إذا انتهت آراء الخبراء والمشاركين في الحوار المجتمعي إلى عدم التحول، فلن يتم .

كما زعم أن الهدف من التحول إلى الدعم النقدي ليس تحقيق وفر في الموازنة، بل هو تصحيح لمسار منظومة الدعم الحالية التي تشهد بعض الممارسات الخاطئة، ومع ذلك، فإن تطبيق هذا التحول يواجه صعوبات كبيرة في ظل ارتفاع معدلات التضخم.

 

الموازنة الجديدة

 

في هذا السياق كشف محمد بدراوي، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس نواب السيسي، أن حكومة الانقلاب لم ترسل لبرلمان السيسي أي قوانين لتحويل الدعم العيني إلى النقدي، لافتًا إلى أن دعم الخبر والسلع التموينية، كما هو في الموازنة الجديدة دون أي تغيير.

وقال «بدراوي» في تصريحات صحفية: إن "الموازنة الجديدة المقدمة من حكومة الانقلاب والتي، ناقشها مجلس نواب السيسي تضمنت استمرار الدعم، موضحًا أنه لو كانت حكومة الانقلاب تريد تحويل الدعم العيني إلى نقدي، لكانت قد وضعت بنودا تنص على ذلك أو يتم إلغاء بند دعم الخبر والمواد التموينية، ولكن هذا لم يحدث".

وأشار إلى أن دولة العسكر ليست جاهزة لتحويل الدعم العيني إلى نقدي الفترة الحالية، حيث الوضع الاقتصادي لا يسمح بذلك، بالإضافة إلى أن التجهيزات الخاصة بتحويل الدعم لنقدي، مثل قاعدة البيانات بعدد المستحقين لم يتم الانتهاء منها .

 

ظروف غير ملائمة

 

وأوضح «بدراوي» أن من المقترحات لتطبيق الدعم النقدي، هو توزيع الدعم بشكل تدريحي وعلى دفعات أو تقسيمه إلى عدد من الشرائح، لذلك قرار التطبيق لن يصدر إلا بعد دراسة طويلة من قبل برلمان السيسي وحكومة الانقلاب .

وشدد على أن الدعم النقدي يحتاج إلى ظروف اقتصادية مستقرة من سعر الصرف ومعدلات تضخم منخفضة، لافتا إلى أن الدول الأوروبية تعمل على الدعم النقدي والمعونة المباشرة؛ نتيجة استقرار التضخم والظروف الاقتصادية.

وأكد «بدراوي» أن دولة العسكر تحتاج  فترة زمنية من سنتين إلى ثلاث سنوات، لتحويل الدعم العيني إلى نقدي، وأرجع ذلك إلى أن الظروف الخارجية والداخلية غير ملائمة لهذا التحول .

 

إلغاء الدعم

 

وقال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري: إن "قرار تحويل الدعم العيني إلى نقدي، يعني إلغاء الدعم بشكل كامل عن مجموعة من السلع الأساسية، وهو ما سيؤدي إلى أثر تضخمي كبير".

وأضاف «الإدريسي» في تصريحات صحفية أنه مقابل ذلك سيتم صرف دعم نقدي لبعض المواطنين لن يقابله نفس الزيادة، بجانب أن قاعدة مستحقي الدعم في زيادة مستمرة بسبب ارتفاع الأسعار، بخلاف أن حكومة الانقلاب لا تمتلك قاعدة بيانات لمستحقي الدعم حتى هذه اللحظة.

وأكد أن تحركات دولة العسكر لرفع أسعار المحروقات والغاء دعمها نهائيًا خلال العام 2025، أدى إلى موجة تضخمية؛ لذلك لن يتحمل المواطن أي زيادة في أسعار السلع الغائية الأساسية، وهو ما صعب تطبيق قرار تحويل الدعم العيني إلى النقدي الفترة الحالية.

وأشار «الإدريسي»، إلى أن الوضع الاقتصادي في البلاد وظروف الدول المجاورة، تتسبب في عدم استقرار سعر الصرف، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والتكلفة، ولكن مع تقديم الدعم العيني يحدث توازن أمام المواطنين لتوفير السلع الأساسية.

وأكد أن المواطن ليست مشاكله في مخصصات مالية، لأن التضخم يلتهم أي نقود في يد المستهلك، ولكن تكمن في الدخل الحقيقي، وهو يعني السلع والخدمات التي يحصل عليها الفرد مقابل وحداته النقدية، مشددا على أن الحد الأدني للأجور والمقرر تطبيقه خلال شهر يوليو 7 آلاف جنيه، لا يكفي لتلبية احتياجات الأسرة الواحدة.

وتوقع «الإدريسي»، اضطرار حكومة الانقلاب لتأجيل تطبيق تحويل الدعم العيني إلى نقدي لفترة طويلة، قائلًا: "القرار مرتبط بأن إصداره سيكون له أثار سلبية على المواطنين، خاصة أن حكومة الانقلاب لديها تحديات تقف أمام تطبيقه مثل الرقابة على الأسواق والتسعير والجودة ".