“الصهاينة “:دخول بلا تأشيرة وسياحة جماعية … معاناة قانونية وإنسانية لفلسطينيي غزة في مصر

- ‎فيتقارير

 

بينما يُغلق معبر رفح في وجه الفلسطينيين إلا للحالات الخاصة، ويفرض عليهم مبالغ باهظة لقاء الدخول المؤقت للعلاج، يفتح نظام المنقلب السفاح عبد الفتاح السيسي أبواب جنوب سيناء أمام الإسرائيليين بلا تأشيرات، حتى بلغ عددهم في عطلة عيد الفصح الأخير نحو 40 ألف سائح.

هذا التناقض الصارخ بين تعامل القاهرة مع سكان غزة تحت القصف، ومع مواطني دولة الاحتلال التي تشن حرب إبادة على القطاع، يثير موجة استياء واتهامات بتواطؤ النظام المصري في خنق الفلسطينيين والتضييق عليهم قانونياً واجتماعياً، بما يرسّخ مشاعر الغضب الشعبي في مصر من التطبيع المجاني مع إسرائيل، التي يعتبرها كثيرون "عدواً لا زائراً".

 

معاناة قانونية وإنسانية لفلسطينيي غزة في مصر

رغم مرور أكثر من عام ونصف على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا يزال مئات الفلسطينيين الذين فرّوا إلى مصر يواجهون أوضاعاً قانونية شديدة التعقيد. إذ تمتنع السلطات المصرية عن منحهم إقامات مؤقتة أو دائمة، ما يضعهم في مأزق إداري يعيق تسجيل أطفالهم في المدارس، أو تلقيهم الرعاية الصحية، أو حتى استئجار سكن موثق قانوناً.

في المقابل، لا تصنفهم الدولة كلاجئين، ولا كزائرين معترف بهم، مما يجعلهم عالقين بين التشريد الإداري والإقصاء السياسي في بلد كان يوماً ملاذاً تاريخياً لهم.

 

ويؤكد عدد من الفلسطينيين أن دخولهم تم عبر معبر رفح مقابل مبالغ وصلت إلى 7 آلاف دولار للفرد، تحت إشراف شركة "هلا للسياحة" التي يملكها رجل الأعمال المقرب من الأجهزة الأمنية، إبراهيم العرجاني. وتفيد شهادات متطابقة بأن من لم يتمكن من تسديد هذا المبلغ، ظل عالقاً تحت القصف أو المجاعة في غزة.

 

الخوف من "التوطين" حجة رسمية… لكن دون بدائل

تبرر القاهرة موقفها برفض توطين الفلسطينيين، حمايةً لحق العودة، لكن دون أن تطرح أي حلول إنسانية بديلة تضمن حياة كريمة مؤقتة للنازحين. ويقول نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، عمرو هاشم ربيع، إن مصر تتحرك وفق قرارات الجامعة العربية التي تمنع منح الفلسطينيين جنسيات أو إقامات دائمة، حتى لا تبدو كأنها تذيب هويتهم في نسيج الدول المضيفة.

 

لكن السفير المصري الأسبق عبد الله الأشعل يعتبر أن هذه السياسات يجب ألا تُنفّذ دون إجراءات إنسانية مرافقة، تحفظ كرامة الفلسطينيين خلال إقامتهم المؤقتة، مؤكداً أن "مصر قادرة على التوفيق بين رفض التوطين وبين احترام الكرامة الإنسانية".

 

شهادات من الميدان: "لاجئون مرتان"

نور الحمايدة، فلسطيني من غزة، يقول في تصريحات صحفية  " إنه "عاجز عن تسجيل أطفاله في المدارس أو شراء شريحة اتصال"، ويعتمد على أصدقاء مصريين لتيسير أبسط الإجراءات اليومية. أما أحمد قشطة، مهندس من غزة، فيؤكد أنه لم يطلب إقامة دائمة، بل فقط "مخرج قانوني مؤقت" يسمح له بالخروج والعودة، مثل غيره من الجنسيات العربية.

 

ويصف سامي (اسم مستعار)، وهو أب لأربعة أطفال، حاله بالقول: "صرت لاجئاً مرتين، مرة حين خرجت من غزة، والثانية حين وجدت نفسي هنا بلا إقامة أو حقوق".

 

الإسرائيليون في المقابل: دخول بلا تأشيرة… وسياحة جماعية

في تناقض فاضح مع التشدد تجاه الفلسطينيين، تفتح السلطات المصرية أبواب جنوب سيناء أمام الإسرائيليين بلا تأشيرات، ما جعل عدد السياح الإسرائيليين خلال عيد الفصح اليهودي الأخير يبلغ نحو 40 ألفاً، بحسب تقارير إسرائيلية ومصرية متقاطعة.

ويحظى الإسرائيليون بتسهيلات كاملة في التنقل والإقامة، رغم اعتراضات المصريين الذين لا يفضلونهم كسياح، بسبب "بخلهم" ورفضهم للتطبيع الشعبي مع دولة تمارس حرب إبادة جماعية في غزة.

 

انتقادات شعبية وتنديد بالتطبيع

في الشارع المصري، لا يحظى السياح الإسرائيليون بترحيب، لأسباب أخلاقية وإنسانية. إذ يرى كثير من المصريين أن استقبال دولة الاحتلال في وقت تقتل فيه الأطفال والنساء في غزة، هو خيانة للقضية الفلسطينية وتطبيع مجاني لا يعكس المزاج العام المعادي لإسرائيل.

 

وبينما يعيش الفلسطينيون في مصر حياة ملغّمة بالمخاوف الإدارية والقانونية، يحصل الإسرائيليون على امتيازات سياحية كاملة، دون أن يُسألوا عن جرائم حكومتهم في القطاع المحاصر.