حكومة الانقلاب تخالف الدستور…تعديلات الإيجار القديم تهدد بطرد 15 مليون مصري إلى الشوارع

- ‎فيتقارير

 

يترقب أكثر من 15 مليون مصري الانتهاء من تعديلات قانون الإيجار القديم، ويتخوّف هؤلاء من المصير المجهول الذي يتهددهم، حيث تعمل حكومة الانقلاب على طردهم إلى الشوارع .

قضية الإيجار القديم أصبحت حديث الساعة عقب تقديم حكومة الانقلاب مشروع قانون لتنظيم الإيجارات القديمة لبرلمان السيسي، لما لهذا القانون من تأثير مباشر على حياة ملايين الأسر في كل ربوع مصر.  

وما يثير مخاوف المستأجرين أن مشروع القانون المقدم من حكومة الانقلاب ينص بالمخالفة للدستور "على أن الإيجارات القديمة الدائمة المدة ستنتهي بشكل نهائي بعد 5 سنوات من تاريخ بدء العمل بالقانون، ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على غير ذلك، كما يلزم مشروع القانون المستأجر أو من يمتد إليه العقد بإخلاء الوحدة السكنية في نهاية الفترة المحددة بالقانون، والتي تبلغ خمس سنوات". 

كما ينص القانون على أنه في حال امتناع المستأجر عن الإخلاء، يحق للمالك التوجه إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة لإصدار أمر بطرد المخالف، دون الإخلال بحق المطالبة بالتعويض، ويُسمح للمستأجر برفع دعوى موضوعية لاحقة دون أن توقف تنفيذ أمر الطرد. 

 

أحكام الدستورية

 

من جهته، قال المستشار ميشيل حليم، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين: إن "مواد مشروع القانون الجديد لم تراعِ الأبعاد الاجتماعية".  

وأضاف «حليم» في تصريحات صحفية، أن هناك مستأجرين لا ينامون بسبب القانون الجديد، خاصة كبار السن والمطلقات والأرامل وأصحاب المعاشات، مشيرا إلى أن هؤلاء يجب ألا يتحملوا عبء السكن مع الأعباء الأخرى التي يتحملونها.  

وأوضح أن تقدم حكومة الانقلاب بمشروع القانون لبرلمان السيسي كان أمرا حتميا ولا بد منه، احتراما لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر 2024، والذي تناول عدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية فقط، كما تناول مسألة الامتداد القانوني لمن لهم الحق وحدد الفئات المستفيدة من ذلك.  

وأكد «حليم» أن مشروع القانون الجديد ضرب بأحكام المحكمة الدستورية العليا السابقة عرض الحائط، عندما نص على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد 5 سنوات، لأن المادة 224 من دستور الانقلاب الحالي 2014 تنص على أن "كل ما قررته القوانين واللوائح قبل صدور الدستور يبقى نافذا ولا يجوز تعديلها أو إلغاؤها وفقا للإجراءات المقررة فى الدستور، وتلتزم دولة العسكر بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور»، إذن أحكام المحكمة الدستورية العليا سواء في 2002 أو 2024 بخصوص الإيجار القديم يجب احترامها.  

وأشار إلى أن حكم المحكمة في 2002 تعرض للفئات المستفيدة من الامتداد، إلا أن مشروع القانون المقدم من حكومة الانقلاب ويناقش في مجلس نواب السيسي حاليا، والذي يقضي بانتهاء العلاقة الإيجارية بعد 5 سنوات، لم ينص على الطريقة التي يتم بها ذلك، وكيف نطالب المستأجر الأصلي الذي ما زال على قيد الحياة وعمره 70 سنة بأن يترك الوحدة السكنية بعد 5 سنوات.  

ولفت «حليم»، إلى أن المادة 7 من مشروع القانون الجديد تقر بحق الامتداد للأبناء، ومع ذلك تنص على أن يكون للمستأجرين أولوية في الحصول على وحدات الإسكان التي تطرحها دولة العسكر، وهذا البند قد يفتح الباب للتلاعب بين بعض ضعاف النفوس. 

 

حقوق المستأجرين

 

وأكد أن كبار السن وأصحاب المعاشات لا يمتلكون أموالا لنقل ممتلكاتهم لوحدات أخرى بعد 5 سنوات، لافتا إلى أن المستأجرين لهم حقوق وأموال دفعوها للملاك عند التعاقد، ويجب مراعاة ذلك في القانون الجديد، كما أنهم قاموا بتشطيب الشقق وإدخال المرافق وغيرها من النفقات .  

وذكر «حليم» أن هناك عدم تدرج تشريعي في مسألة وضع 20 ضعفا على المستأجرين في الوحدات السكنية، ففي الوقت الذي كان هناك إيجار قديم في الفترة من عام 1990 إلى 1995 وقيمة الإيجار تتراوح بين 100 و200 جنيه وتزيد سنويا بنسبة معينة، وقد تكون هذه الإيجارات وصلت الآن إلى 800 و900 جنيه فإن هؤلاء المستأجرين ستزيد أجرتهم بنفس النسبة خلال السنوات المقبلة، بينما المستأجرون قبل هذا التاريخ سيطبق عليهم الـ٢٠ ضعفا، وبالتالي ستصل إيجاراتهم إلى ٣ و٤ آلاف جنيه .

وأعرب عن أسفه، لأن هذه القيمة لم يتم دراستها جيدا وتمت مساواة الجميع فيها، موضحا أنه لا يمكن مساواة من تقدر إيجاراتهم بالجنيهات بمن تصل إيجاراتهم إلى مئات الجنيهات.  

وقال «حليم»: "نحن مع إصدار القانون تنفيذا لأحكام المحكمة الدستورية العليا، لكن مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والحقوق السابقة للمستأجرين، مطالبا مجلس النواب بمراعاة الأحكام الدستورية، والاعتبارات الاجتماعية وحقوق المستأجرين، ومعرفة نسبة مستأجري الإيجار القديم ممن هم تحت خط الفقر".  

 

المالك والمستأجر

 

في المقابل قال الخبير القانوني الدكتور وائل نجم: إن "التوازن في العلاقات التعاقدية هو أساس العدالة، مشددا على ضرورة أن يضمن المشرع حقوق كلا الطرفين، فالمالك لديه حقوق مشروعة في الحصول على عائد عادل من استثماراته، بينما يجب أيضًا حماية المستأجرين من الزيادة غير المبررة في الأجرة".

وأضاف نجم في تصريحات صحفية : الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا  يُبرز الحاجة الملحة للعمل بسرعة على إجراء تعديلات تشريعية تضمن تحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر، معتبرا أن هذا الحكم يُعتبر خطوة مهمة نحو إعادة التوازن لعلاقات الإيجار في مصر، ويُنتظر أن يُحدث تغييرات جذرية في كيفية تنظيم هذه العلاقات القانونية في المستقبل لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية .

وحذر من أن التأخير في هذا الأمر قد يؤدي إلى فوضى قانونية تؤثر سلبًا على الكثير من الأسر والأفراد الذين يعيشون في تلك الأماكن المؤجرة، موضحا أن حكم المحكمة نص على أن برلمان السيسي مُلزم بإجراء تعديلات تشريعية لتحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر، وأكد الحكم أنه يجب أن يتم ذلك قبل انتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس نواب السيسي.

وأشار نجم إلى أن ثبات القيمة الإيجارية كما كان منصوصًا عليه في القانون رقم 136 لسنة 1981 لم يعد يتناسب مع التغيرات الاقتصادية الحالية مثل زيادة معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية، معتبرا أن هذا الحكم فرصة لتصحيح مسار العلاقة الإيجارية بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي.

 

العقود القديمة

 

واعترف بأن التحديات ستكون كبيرة عند تنفيذ هذا الحكم فهناك العديد من العقود القديمة التي قد تتأثر بشكل مباشر، ويجب التعامل معها بحذر والعمل على وضع إطار قانوني جديد يتطلب دراسة دقيقة لجميع الآثار المحتملة.

وأوضح وائل نجم، أنه بعد أن كان الإيجار القديم ينص على أحقية المستأجر في البقاء مدى الحياة بالوحدة التي قام باستئجارها وعدم قدرة المالك على رفع سعر الإيجار، جاء قانون الإيجار الجديد ليعطي بعض الحرية للمالك والمستأجر فيما يتعلق بمدة الإيجار وسعره، لافتا إلى أنه من المفترض أن توازن التعديلات الجديدة بين حقوق المُلاك والمستأجرين.