هل تغيرت الحسابات الأمنية.. لماذا رفع الانقلاب أسماء تنظيم أنصار بيت المقدس من قوائم الإرهاب؟

- ‎فيتقارير


في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت السلطات القضائية بنظام الانقلاب إنهاء أثر إدراج عشرات المتهمين في قضية "أنصار بيت المقدس" على قوائم الكيانات الإرهابية، رغم كونها واحدة من أخطر القضايا التي استخدمها النظام المصري لتبرير حملاته الأمنية ضد المعارضة خلال العقد الأخير، فهل يعكس هذا التحول مجرد تطور قانوني؟ أم أن وراءه حسابات سياسية ومتغيرات إقليمية جديدة؟



قرار مفاجئ في توقيت حساس

أصدر المستشار حازم حسين الجيزاوي، رئيس مكتب تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية ورئيس محكمة الاستئناف، قرارًا بإلغاء قرارات الإدراج التي صدرت بين عامي 2015 و2022 بحق متهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أنصار بيت المقدس"، القرار، الذي جاء بناء على أحكام من محكمة النقض، يحمل دلالات قانونية واضحة، لكنه يتجاوز الأبعاد القضائية ليطرح تساؤلات حول التوقيت والسياق السياسي.



هل تغيّرت الحسابات الأمنية؟

لسنوات، قدّمت السلطات الانقلابية "أنصار بيت المقدس" كعنوان رئيسي للحرب على الإرهاب، لا سيما بعد أن بايع التنظيم تنظيم "داعش" عام 2014 وتحول إلى "ولاية سيناء"، وقد استُخدمت هذه القضية لتبرير إدراج عشرات المعارضين السياسيين والنشطاء في قوائم الإرهاب، حتى إن بعضهم لم يُحاكم أو حُكم ببراءته، وفق تقارير حقوقية محلية ودولية.

لكن مع تراجع حدة العمليات المسلحة في شمال سيناء، وغياب الهجمات الكبيرة منذ مطلع 2023، يبدو أن النظام لم يعد بحاجة سياسية لتوظيف هذه القضية بنفس الطريقة، ما قد يفسّر هذا التراجع القضائي المفاجئ.


متغيرات إقليمية وراء الكواليس

لا يمكن قراءة القرار بمعزل عن التحولات الجارية في المنطقة، فالمفاوضات الإقليمية الجارية بين مصر وتركيا وقطر، وضغوطات أوروبية وأممية بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، دفعت السلطات إلى تقديم بعض "الإصلاحات الشكلية" لتخفيف حدة الانتقادات الدولية، لا سيما في ظل مفاوضات القاهرة المتواصلة للحصول على مساعدات جديدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

ويلاحظ أن القرار صدر بعد أسابيع من تقارير دولية انتقدت استمرار إدراج نشطاء ومعارضين في قوائم الإرهاب دون أدلة، ما أعاد تسليط الضوء على قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015، الذي طالما اعتبره حقوقيون أداة قمع بغطاء قانوني.



رسائل موّجهة للداخل والخارج

من الناحية الداخلية، قد يكون الهدف من القرار هو احتواء حالة الغضب المتصاعدة وسط معاناة اقتصادية خانقة وتراجع شعبية النظام، عبر تقديم خطوات تُظهر مرونة قانونية محدودة دون المساس بجوهر القبضة الأمنية، أما خارجيًا، فهو بمثابة رسالة تهدئة إلى العواصم الغربية بأن القاهرة تستجيب للمطالب الحقوقية، ولو بشكل انتقائي.



لكن هل يكفي هذا التراجع؟

رغم أن القرار يطوي صفحة قانونية مثيرة للجدل، فإن جذور الأزمة لا تزال قائمة، فالقانون ذاته ما زال قائمًا، والإدراجات ما زالت تُستخدم في قضايا أخرى ضد معارضين، وخاصة من جماعة الإخوان لمجرد الاشتباه أو بناءً على تحريات أمنية، كما لم تُفتح أي تحقيقات بشأن الانتهاكات التي طاولت من أُدرجوا ظلمًا، من تجميد أموال ومنع سفر وسحب جوازات.

وحتى اللحظة، لم تُعلَن أي نية لمراجعة شاملة لقوانين مكافحة الإرهاب أو لآلية الإدراج على القوائم، ما يجعل من هذه الخطوة مجرد إجراء موضعي لا يرقى إلى إصلاح جذري.



 خطوة سياسية بغطاء قانوني

يبدو أن قرار رفع أسماء متهمي "أنصار بيت المقدس" من قوائم الإرهاب، هو نتيجة لتلاقي دوافع سياسية داخلية وضغوط دولية، أكثر منه تطبيقًا محضًا لأحكام قضائية، ويؤكد ذلك الطابع "الوقائي" الذي ميّز الإدراجات منذ البداية، واستخدام القضاء كأداة لتصفية حسابات سياسية في مصر ما بعد 2013.