7 مليارات و748 مليون جنيهً خلال عام واحد.. عصابة العسكر وراء انتشار غسيل الأموال في مصر

- ‎فيتقارير

 

ظاهرة غسيل الأموال انتشرت بصورة غير مسبوقة فى زمن الانقلاب مع تجاهل عصابة العسكر لهذه القضايا بل إنها تتقاسم الأموال مع العصابات المتورطة فى هذه القضايا دون اعتبار للتداعيات الكارثية لغسيل الأموال على الاقتصاد المصرى .

وفي أغلب القضايا يُشتبه في تورط عناصر ذات نفوذ اقتصادي أو سياسي في عمليات غسل الأموال، سواء عبر شركات مقاولات أو أنشطة تجارية ضخمة تُستخدم لتبييض الأموال القادمة من مصادر غير مشروعة

وتكشف بعض القضايا عن دور محتمل لجهات أجنبية أو عمليات تهريب عبر الحدود، لكن هذه القضايا غالباً ما تظل حبيسة أدراج المحاكم أو تنتهي بتسويات غير معلنة، وسط تعتيم إعلامي، وغياب للمساءلة المجتمعية أو البرلمانية.

كان نائب عام الانقلاب قد أعلن عن إحالة 273 قضية غسيل أموال لمحاكم الجنايات الاقتصادية، خلال عام واحد فقط، ما يعكس مؤشرًا خطيرًا حول حجم انتشار هذه الجريمة في البلاد، وفشل أجهزة دولة العسكرية الرقابية، وعدم قدرتها على الرصد أو المحاسبة، وهو ما أدى إلى تغلغل شبكات غسيل الأموال في مفاصل الاقتصاد المصري .

وقال نائب عام الانقلاب ان إجمالي المبالغ التي تم استغلالها في هذا الصدد خلال عام واحد بلغت: 7 مليارات و748 مليون جنيه

 

خسائر اقتصادية

من جانبها قالت الباحثة في الحوكمة ومكافحة الفساد تسنيم عمار، إن جرائم غسل الأموال من القضايا الحرجة التي تواجه الاقتصاد المصري في العقد الأخير، مؤكدة تزايد معدلات هذه الجرائم بشكل ملحوظ منذ عام ٢٠٢٠م. 

وأوضحت تسنيم عمار فى تصريحات صحفية أن من أبرز الأسباب التي أدت إلى زيادة غسل الأموال هو التطور التكنولوجي الذي يسهل التحويلات المالية عبر الحدود، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة بين الجهات غير القانونية على استغلال الثغرات في الأنظمة المالية. 

وأشارت إلى أنه في بعض الحالات، استخدمت قنوات مصرفية مؤقتة وتكنولوجيا تشفير حديثة لإخفاء الهوية والعمليات المالية المشبوهة، محذرة من أن جرائم غسل الأموال تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني، حيث أدت إلى خسائر اقتصادية فادحة تجاوزت قيمتها مبالغ تُقدر بمليارات الجنيهات خلال الفترة من ٢٠٢٠م وحتى الآن .

 

ولفتت تسنيم عمار إلى أن الدراسات الإحصائية تقدر الخسائر الاقتصادية الناتجة عن غسل الأموال بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض السنوات، مما أثر سلبًا على الاستثمارات الأجنبية والمحلية وأدى إلى تهريب رءوس الأموال، كما أن هذه الأنشطة تُضعف الثقة في النظام المالي وتعرقل عمليات الرقابة والشفافية.

غرامات صارمة

وأكدت أن جرائم غسل الأموال، تؤدي إلى تعزيز الفساد وتآكل النظام القانوني، حيث يستغل بعض العملاء المقرضين والثقة فى غياب الرقابة لتوسيع نشاطاتهم غير المشروعة، مشيرة إلى أن ضعف التنسيق بين الأجهزة الحكومية يجعل من الصعب الحصول على بيانات دقيقة تمكِّن من التصدي لهذه الظاهرة بشكل فعال.

وقالت تسنيم عمار: للتغلب على مشكلة غسل الأموال، يتعين تبني حلول عملية ترتكز على تعزيز الأطر القانونية والرقابية. وتعزيز التعاون بين الجهات المختصة محليًا ودوليًا لتبادل المعلومات وتتبع الأنشطة المالية المشبوهة. 

وأوضحت أن من الحلول الفعالة تحسين البنية التحتية الرقمية للأنظمة المالية وتطوير أنظمة التشفير الحديثة، بالإضافة إلى تطبيق غرامات صارمة على المخالفين ورفع مستوى الوعي لدى المستخدمين والمؤسسات المالية من أجل التصدي لهذه الظاهرة. 

 

غياب الشفافية

وقال الخبير الاقتصادي زهدي الشامي إن ما تشهده الساحة الاقتصادية في مصر من تطورات متلاحقة ومفاجئة تعكس غياب الشفافية وافتقار أسلوب الإدارة العامة للوضوح والاستقرار، مشيرا إلى أنه نُفاجأ يومًا بعد يوم بأخبار عن شركات كبرى تُغلق فروعها بشكل مفاجئ، كما حدث مؤخرًا مع إحدى سلاسل المنتجات الغذائية، حيث أغلقت أكثر من 130 فرعًا دفعة واحدة، في ظل تضارب المعلومات بين تقارير عن فساد غذائي وتسريبات عن شبهة غسيل أموال، دون أن تعلن دولة العسكر بشكل واضح عن الحقائق أو نتائج التحقيقات.

وأكد الشامي فى تصريحات صحفية أن تسوية الأمر بسرعة، رغم جسامة الاتهامات المتداولة، يُثير الريبة، متسائلًا: إذا كانت هناك مخالفات صحية فقط، فهل يُعقل أن تُغلق كل هذه الفروع بهذا الشكل؟ وإن كانت هناك شبهة غسيل أموال، فكيف تم تسوية الأمر خلال أسبوعين دون محاكمة؟

وأشار إلى أن هذه الواقعة تعكس حالة عامة من غياب الشفافية التي تهيمن على المناخ الاقتصادي في زمن الانقلاب، مؤكدا أن المصريين يعيشون حالة من الضبابية الشديدة، يتداخل فيها غياب الرقابة مع تدخل جهات سلطوية في قطاعات اقتصادية مختلفة، ما يخلق بيئة خصبة لتضارب المصالح وانتشار الفساد دون حساب .

وحمل الشامى حكومة الانقلاب المسئولية عن جرائم غسيل الأموال لافتا الى أنه منذ سنوات والسياسات الحكومية تعتمد على الأموال الساخنة، سواء عبر البورصة أو أدوات الدين، لتغطية عجز العملة الأجنبية، ورغم أن حكومة الانقلاب تعهدت بعدم تكرار هذا النهج منذ أزمة 2021، إلا أن الظاهرة مستمرة، مما يُعمق هشاشة الاقتصاد الوطني.

 

  أجهزة أمن الانقلاب

وحول ضعف الأجهزة الرقابية أعرب عن أسفه لأن أجهزة أمن الانقلاب تُظهر قوة كبيرة في قضايا التعبير والرأي والحريات، بينما تبدو غير فعالة تمامًا في قضايا النصب وغسيل الأموال .

وكشف الشامى عن أنه تعرض لمحاولة نصب إلكترونية، ويعرف عشرات الحالات المماثلة، ورغم تقديم كافة البيانات، من أرقام حسابات وأسماء وأرقام هواتف، إلا أن أحدًا لم يُحاسب، مؤكدًا أن هناك هشاشة رقابية وقانونية تشجع على التلاعب .

وتساءل كيف يحدث كل هذا النصب دون قدرة دولة العسكر على ملاحقة الفاعلين، رغم وضوح الأدلة، مشددا على أن الحل الحقيقي هو في تغيير نمط إدارة الدولة بالكامل، لأن المنظومة الحالية ثبت فشلها في حماية المواطنين والاقتصاد معًا. 

وحول القطاعات التي تشهد تضخمًا مشبوهًا، قال الشامي : العقارات من أبرز المجالات التي يُشتبه في استخدامها كغطاء لغسيل الأموال، لكن هناك أيضًا شركات ومشروعات تُفتتح في مناطق متعددة بشكل لا يتناسب مع حجم الطلب الفعلي أو النشاط الاقتصادي، وبعضها مملوك لجهات أجنبية .

وأكد أن ما يحدث يستدعي تفسيرًا وتدقيقًا من الجهات المسئولة، محذرا من أن استمرار الغموض والتجاهل الرسمي سيؤدي لمزيد من الاضطراب في السوق والمجتمع.