بسبب الارتفاع الجنونى فى الأسعار.. الأضحية حلم بعيد المنال لملايين المصريين فى زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

يأتي عيد الأضحى هذا العام وسط معاناة اقتصادية ، ليكشف واقعا مريرا تعيشه ملايين الأسر المصرية، حيث تحولت شعيرة الأضحية إلى رفاهية يصعب الوصول إليها، بعدما طغت متطلبات الحياة اليومية على كل ما هو دينى واجتماعى.

لم تعد «الأضحية» فى متناول الجميع، بعدما قفزت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، وتحولت الأسواق الشعبية إلى ساحة مفارقات صارخة، وغير الغلاء ملامح العيد، وأصبح المواطن يبحث عن «ربع خروف» أو كيلو من اللحمة المذبوحة، بعدما كان يفاخر بأضحيته وسط الأهل والجيران.

يتجه غالبية المواطنين نحو شراء كميات قليلة من اللحوم المذبوحة بدلاً من شراء أضحية كاملة، نتيجة العجز الواضح فى الدخل وزيادة أسعار السلع والخدمات، ما جعل من الأضحية عبئًا ثقيلًا على ميزانية الأسرة، وهكذا أصبحت الأضحية أصبحت حلما بعيد المنال.

أجيب منين؟

حول هذا الواقع المؤلم قال أحد المواطنين: أنا موظف وبقبض 5 آلاف جنيه، مش قادر أشترى أضحية بسبعين أو تمانين ألف.. أجيب منين؟. 

وكشفت مواطنة من سكان مدينة نصر عن تفاوت أسعار اللحوم مع اقتراب عيد الأضحى مشيرة إلى أن الفرق 50 جنيها فى الكيلو بين الحى العاشر وباب الشعرية.

وقالت أسماء محمد، 35 عامًا، من سكان حى مدينة نصر، إن الأسعار فى بعض المناطق الشعبية مثل باب الشعرية أقل بكثير من تلك المعروضة فى أحياء أخرى راقية، رغم أن جودة المنتج قد تكون واحدة أو حتى أفضل فى المناطق الأرخص.

وأضافت: اشتريت اللحمة البلدى بـ330 جنيها، والسجق البلدى بـ310، والكبدة البلدى بـ330، واللحمة المفرومة بـ320. أما كفتة الشوى الجاهزة فكانت بـ180 جنيها، ودى معمول فيها شغل حلو، فيها برغل ودهون وبصل وتتبيلة، بس مناسبة جدًا للى عايز حاجة مجهزة وسريعة، وسعرها معقول مقارنة بباقى الأنواع .

وتابعت: المقارنة بقت صادمة.. فى باب الشعرية نفس الحاجات أرخص من 20 لـ50 جنيها فى الكيلو، بينما فى الحى العاشر بمدينة نصر الأسعار نار، وفيه بائعين مش فاهمين فى التسعير وبيبالغوا فى تقديرهم للأسعار، رغم ان الجودة مش أعلى.

وأشارت إلى أن الزحام الشديد أمام محلات الجزارة خلال موسم العيد لا ينبغى أن يكون ذريعة لرفع الأسعار أو التلاعب بالمستهلك، لافتة إلى أن الأهالى يضطرون للشراء رغم علمهم بأن السعر غير منطقى.

وطالبت أسماء الجهات الرقابية بالتدخل لضبط الأسواق، ووضع حد للتفاوت غير المقبول فى الأسعار، خصوصًا أن اللحوم من السلع الأساسية فى عيد الأضحى، ويجب أن تكون متاحة لكل المواطنين بسعر عادل وجودة مضمونة.

واختتمت قائلة: كل سنة فى العيد بنعانى نفس المعاناة.. الناس بتدور على اللحمة، والأسعار بتولع، ومفيش رقابة بتوقف جشع التجار، لازم يكون فى حل يحترم المواطن ويخفف العبء عنه بدل ما يتحول العيد لعبء إضافي.

إقبال ضعيف

 

 وأكد إبراهيم محمد جزار، وتاجر مواشى بمنطقة غمرة ، أن الأسعار ارتفعت بشكل واضح، مشيرًا إلى أن سعر كيلو العجل البلدى صاحى وصل إلى 190 جنيها، بينما تراوح سعر العجل الجاموسى بين 165 و170 جنيها للكيلو صاحى .

وأضاف محمد أن أسعار الجمال العقود بالشروة تبدأ من 45 ألف جنيه وقد تصل إلى 120 ألف جنيه الجمال الكبيرة بحسب الحجم، أما الجديان، فيبدأ سعر الكيلو الحى منها من 265 جنيهًا ويزيد حسب الجودة، فى حين بلغ سعر الكيلو المذبوح من الخرفان 350 جنيهًا، وسجل كيلو الجاموس المذبوح بين 260 و280 جنيهًا. 

وكشف أن الإقبال هذا العام ضعيف للغاية مقارنة بالعام الماضى، مؤكدا أن الناس بتتفرج وتسأل وتمشى، وفى ناس بتطلب تشارك فى خروف أو تاخد ربع جدى، وده أول مرة نشوفه بالشكل ده، زمان كنا بنخلص بيع قبل العيد بأيام، النهارده مفيش حركة والسوق مشلول .

 

لحوم الجلالة

وحذر محمد فرج، جزار بحى السيدة عائشة، من ظاهرة بيع «لحوم الجلالة»، وهى لحوم الأغنام التى تربت على مخلفات القمامة والنفايات، مشدداً على خطورتها على صحة الإنسان.

وأكد فرج فى تصريحات صحفية، أن هناك بعض التجار الجشعين الذين يستغلون موسم الأعياد لبيع أغنام غير صالحة للاستهلاك الآدمى، حيث يتم تربيتها فى أماكن غير مرخصة، وتتغذى على بقايا الطعام ومخلفات الأسواق والقمامة، وهذه الأغنام قد تبدو سليمة ظاهرياً، لكنها تحمل بداخلها ما يكفى لتدمير صحة المواطن البسيط.

وأشار إلى أن لحوم هذه الأغنام تكون غالباً غامقة اللون، وتصدر منها روائح كريهة أثناء الطهى، فضلاً عن أنها قد تؤدى إلى حالات تسمم غذائى أو أمراض خطيرة نتيجة احتوائها على بكتيريا وسموم متراكمة بسبب النظام الغذائى غير السليم الذى تتلقاه من تراكم القمامة.

وطالب فرج، المواطنين بعدم الانسياق وراء الأسعار الزهيدة التى يروج لها البعض فى الشوارع أو الأسواق العشوائية، مؤكداً أن الأضاحى الرخيصة التى تُربى  على القمامة أخطر ما يمكن أن يتوقع المواطنون على صحتهم، وأن الصحة لا تعوض.

الزبالة

واعترف محسن محمد غنام ، أحد مربى الأغنام بمنطقة السيدة عائشة، أنه يضطر لتربية الخراف على القمامة ومخلفات الأسواق، بسبب الارتفاع الجنونى فى أسعار الأعلاف، قائلاً: مضطرين نأكلها من الزبالة علشان نكسب.. مفيش حلول تانية.

وأوضح غنام فى تصريحات صحفية أن أسعار الأعلاف ارتفعت بشكل غير مسبوق، ولم تعد تتناسب مع أسعار البيع، قائلاً: كيلو العلف وصل لأرقام خرافية، وإحنا بنبيع كيلو اللحمة بـ150 جنيها أو أقل، عشان نقدر نبيع أقصى عدد وبمكسب أقل.

وأشار إلى أن الضغوط الاقتصادية، وغياب الدعم لمربى الأغنام، دفعت بالكثيرين إلى الاعتماد على بدائل رخيصة مثل بقايا الطعام ومخلفات القمامة لإطعام الخراف.

وأضاف غنام: إحنا بنشتغل عشان نعيش، ومش بنقصد نضر الناس، بس حكومة الانقلاب سابتنا نواجه مصيرنا لوحدنا، لا فيه رقابة، ولا فيه دعم، ولا فيه تسعير عادل، معترفاً بأن لحوم هذه الأغنام قد لا تكون صحية، لكنها باتت جزءاً من الواقع المفروض على عدد كبير من صغار المربين.