للأسبوع الثالث على التوالي، تتواصل أزمة عمال شركة "الأمراء" لصناعة السيراميك بمدينة العاشر من رمضان، التي تضم مصنعي "لابوتيه" و"ماچستيك"، بعد توقف الإنتاج نتيجة قطع إمدادات الغاز الطبيعي، بسبب مديونيات متراكمة تجاوزت 100 مليون جنيه، في ظل اختفاء مالك الشركة عن المشهد، وصمت الجهات المعنية، وعدم صرف رواتب نحو 3000 عامل منذ مايو/أيار الماضي.
ووفق شهادات عدد من العاملين تحدثوا لـ المنصة، فإنهم قضوا عيد الأضحى بلا رواتب، مستدينين لتلبية احتياجات أُسرهم، في ظل تجاهل الإدارة للأزمة، وغياب أي تدخل حكومي ملموس لحماية حقوقهم، رغم أن هذه المنشآت الصناعية لطالما حظيت بدعم الدولة، خاصة بعد أن أصبحت تدار بشكل غير مباشر من قبل شخصيات ذات خلفيات أمنية أو عسكرية، ضمن التوسّع في نمط "الاقتصاد البوليسي.
في 22 مايو، قررت شركة الغاز الحكومية وقف الإمدادات عن المصانع، بسبب تراكم ديون الشركة، بالتوازي مع مديونيات كبيرة لدى شركتي الكهرباء والمياه، ورغم حجم الأزمة، لم تبادر الشركة بأي خطة واضحة لتداركها، بل أبلغت العمال شفهياً بضرورة البقاء في منازلهم لحين "حل الأزمة"، من دون تحديد موعد لصرف الرواتب المتأخرة، واعتبر عمال تحدثوا لـ المنصة أن ما يجري هو "أكل صريح لحقوقهم"، محمّلين إدارة الشركة المسؤولية الكاملة، كما طالبوا بتدخل الدولة لإنقاذ مصدر رزق 3000 أسرة، سواء عبر جدولة الديون أو تولّي تشغيل المصنع بشكل مباشر مقابل مستحقاتها، معتبرين أن "الحكومة تتحمل جانبًا من المسؤولية بتغاضيها عن تهرب أصحاب الأعمال المدعومين من التزاماتهم القانونية"، أحد العمال قال، طالبًا عدم نشر اسمه: "اشتغلنا أغلب شهر مايو، وكنا منتظرين القبض قبل العيد، لكن قضيناه بلا جنيه في البيت، استلفنا علشان نشتري لحمة للعيال"، وأضاف آخر: "المديرون بيقولوا مش عارفين إحنا نفسنا ما قبضناش، بس اللي بيقبض 60 ألفا مش زيه زي اللي مرتبه 5 آلاف".
مصدر من داخل الشركة كشف لـ المنصة أن الإدارة شجّعت العمال على نشر استغاثات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيه مناشدات للرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء ووزيري البترول والصناعة، في محاولة للضغط على الحكومة لإعادة ضخ الغاز، دون تقديم حلول حقيقية بشأن الرواتب أو مصير العمال، وتعيد هذه الأزمة إلى الأذهان احتجاجات سابقة لعمال نفس المصانع، حيث نظموا في يناير الماضي وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور، نجحوا بعدها في انتزاع زيادة قدرها 1000 جنيه، صُرفت على دفعتين.
كما سبق أن أضرب عمال "لابوتيه" عن العمل عام 2018 لمدة 3 أسابيع، للمطالبة بحقوقهم، ما أدى حينها إلى ملاحقة عدد منهم أمنيًا.
في ظل هذه الأوضاع، تبرز أسئلة حول مستقبل علاقات العمل في مصر، ومدى التزام الدولة بحماية حقوق العمال، خاصة في شركات ترتبط بشكل غير مباشر بجهات أمنية أو تدار ضمن شبكة مصالح واسعة بين رأس المال والنفوذ، حيث يبدو العامل دائمًا هو الطرف الأضعف، يدفع ثمن تعثرات لا يد له فيها، في وقت لا يبدو أن الدولة تملك أو ترغب في التدخل لصالحه، ما دامت مصالح رجال الأعمال محفوظة.