في مشهد أقرب إلى الفضيحة السياسية والأمنية، تحوّلت قافلة "الصمود" التي كانت تهدف إلى فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة إلى كاشف حقيقي لطبيعة نظام عبد الفتاح السيسي، بعدما منعت السلطات المصرية دخول متضامنين عرب وأجانب إلى أراضيها، واحتجزتهم في ظروف مهينة، ما أثار موجة استنكار على المستوى العربي والدولي، وأحرج القاهرة أمام العالم.
الناشط والمدون الجزائري أمير ساسي كشف في تصريحات صحفية عن تفاصيل الاعتداء والمعاملة المهينة التي تعرض لها رفقة نشطاء جزائريين آخرين في مطار القاهرة، بعد أن سافروا من الجزائر للالتحاق بالقافلة المتجهة إلى قطاع غزة. ويقول ساسي: "وصلنا إلى مطار القاهرة مساء الأربعاء 11 يونيو، وفوجئنا بحضور أمني مكثف، حيث تم فصلنا في طوابير وتفتيش هواتفنا بطريقة مهينة تنتهك الخصوصية، فقط لتقرير ما إذا كان يُسمح لنا بالدخول أم لا".
وبحسب ساسي، فإن السلطات المصرية لم تكتفِ بمنعهم من دخول البلاد، بل قامت بمصادرة جوازات السفر، واحتجزتهم في ظروف "كارثية"، ورفضت السماح لهم بالتواصل مع السفارة الجزائرية أو أي جهة دبلوماسية. وقال: "تم نقلنا إلى غرف ضيقة وغير نظيفة، بدون طعام أو شراب، ووجدنا فيها جنسيات مختلفة من الأتراك، والإيطاليين، والسويسريين، وحتى الأمريكيين، وبعضهم من كبار السن، وتعرضنا جميعًا لمعاملة سيئة للغاية".
ويبدو أن النظام المصري، الذي لم يجد غضاضة في التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، سعى إلى خنق أي تحرك تضامني مع غزة، حتى لو كان ذلك على حساب صورة مصر الدولية وقطاعها السياحي. فقد شهدت بعض الفنادق المصرية مداهمات من قبل الشرطة، وجرى خلالها توقيف بعض المتضامنين، في مشهد صادم للسياح الأجانب الذين نقلوا عبر وسائل الإعلام مشاهد اقتحام واعتقال وسط صمت رسمي.
وفي حين كان الهدف من القافلة فضح الاحتلال، فإن ما جرى في القاهرة كشف للعالم أن نظام السيسي يتماهى مع السياسات الإسرائيلية ضد غزة، بل وينفذها على أراضيه، حتى لو أدى ذلك إلى انهيار سمعة مصر السياحية والإضرار بمصالحها القومية.
فضيحة الاعتقالات والمعاملة غير الإنسانية أثارت استهجانًا واسعًا، وأعادت طرح تساؤلات جدية حول مستقبل الحريات في مصر، ودور النظام في خنق التضامن العربي مع فلسطين، في وقت تتزايد فيه الانتهاكات في قطاع غزة المحاصر.
هكذا سقط القناع عن وجه النظام المصري، وباتت فضيحته أمام العالم أكبر من مجرد منع قافلة.