ترهيب المستأجرين تمهيدًا لبيع عقارات وسط البلد للإمارات ومنحها للصهاينة؟

- ‎فيتقارير

في خطوة أثارت موجة من الغضب والقلق في الأوساط الحقوقية والشعبية، قررت نيابة أمن الدولة العليا، التابعة لنظام المنقلب عبد الفتاح السيسي، حبس المحامي أيمن عصام، الممثل القانوني لرابطة الدفاع عن المستأجرين، 15 يوماً احتياطياً بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، وهي التهمة الجاهزة التي باتت تُستخدم كأداة سياسية لإسكات أي صوت معارض. اعتقال عصام جاء عقب مشاركته في جهود تأسيس الرابطة، ومواقفه الرافضة لتعديل قانون الإيجارات القديمة، الذي يُنظر إليه باعتباره تمهيداً لبيع عقارات وسط البلد لمستثمرين إماراتيين، تمهيدًا لتسليمها لاحقاً لكيانات صهيونية.

 

المفارقة المؤلمة أن السلطة لجأت مجددًا إلى "شماعة الإخوان" رغم أن عصام لا علاقة له بالجماعة، التي سبق أن منحها المصريون ثقتهم عبر صناديق الاقتراع في أول انتخابات ديمقراطية بعد الثورة، قبل أن ينقلب الجيش بقيادة السيسي على التجربة الديمقراطية في صيف 2013.

 

الحقوقي خالد علي استنكر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك هذا التوجه القمعي، قائلاً: "أيمن عصام عبّر عن وجهة نظره القانونية في ملف يمس ملايين المصريين، فكان جزاؤه الاعتقال والإخفاء القسري". وقد تعرض عصام للإخفاء ثلاثة أيام قبل ظهوره في نيابة أمن الدولة.

 

الخطوة جاءت بالتزامن مع تحركات مريبة في ملف الإيجارات القديمة. فبينما يُحاصر اجتماع المستأجرين في مقر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بالإسكندرية وتُمنع الاجتماعات، تُفتح فنادق تابعة للمؤسسة العسكرية لعقد مؤتمرات موسعة لأصحاب الأملاك، في مشهد يعكس بوضوح انحياز الدولة إلى فئة المستثمرين على حساب الفقراء.

 

السلطة التنفيذية، عبر أذرعها الأمنية، تعرقل تنظيم المستأجرين دفاعًا عن حقوقهم، بينما تواصل تمرير مشروع قانون الإيجارات القديم، الذي اعتبره حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) مشروعًا يستهدف "ترهيب المستأجرين تمهيدًا لتشريدهم"، محذرًا من أن ما يجري "ليس فقط مخالفًا للدستور، بل يمثل سياسة عقابية جماعية ضد الملايين".

 

الحزب ندد بالزيادة المقترحة في الإيجارات – والتي تصل إلى 20 ضعفًا دفعة واحدة – معتبرًا أنها مجحفة ولا تراعي ظروف الفقراء، وخاصة كبار السن وأصحاب المعاشات، مطالبًا بالإفراج الفوري عن عصام ووقف ملاحقة المدافعين عن الحق في السكن.

 

وفي بيان مشترك، أعربت عدة منظمات حقوقية من بينها "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" عن مخاوفها من أن القانون الجديد سيؤدي إلى أزمة سكن خانقة، خاصة في ظل تحرير ملايين الوحدات دفعة واحدة، ما سيؤدي إلى تضخم في الأسعار وانتشار الاحتكار في السوق العقارية.

 

المنظمات اقترحت بدائل أكثر إنصافًا، من بينها تعويض المستأجرين، وتقديم دعم حكومي لأصحاب الدخول المحدودة، وتحديد حالات فقط يمكن فيها تحرير الوحدة مثل الإغلاق الدائم أو التأجير من الباطن.

 

وسط هذا التوتر، يبدو أن حكومة السيسي ماضية في تنفيذ أجندة عمرانية تخدم مصالح المستثمرين والملاك الكبار، على حساب الفقراء، باستخدام القبضة الأمنية لإسكات أي مقاومة شعبية. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل تحوّلت سياسة السكن في مصر إلى وسيلة جديدة لنهب الممتلكات العامة، وتفريغ وسط القاهرة لصالح رأس المال الخليجي ثم الصهيوني؟

 

الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة، لكن ما يبدو مؤكدًا هو أن السلطة تسير في طريق خصخصة المدن بالقوة، وتجريف ما تبقى من أصوات المجتمع المدني.