رانيا قناوي
سيطرت تداعيات صفعة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيسي، على دوائر الإعلام الغربي، بعدما أعلنت الإدارة الأمريكية قرارا بخفض وتأجيل ما يقرب من 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر، رغم دعوة ترامب لقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي إلى الاطمئنان بأنه حريص على «التغلب على العقبات» في طريق التعاون بين البلدين.
وكشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، خلال تقرير له اليوم الأربعاء، أن التناقضات التي يتعامل بها ترمب مع نظام الانقلاب في مصر، تسير على أجندة "العصا والجزرة" التي تتبعها الولايات المتحدة الامريكية مع دول العالم الثالث.
إلا أن فضائح الانتهاكات الحقوقية في سجون الانقلاب، وسعي السيسي للهيمنة على الحكم بشكل أوسع من خلال تعديل الدستور لمد فترة الرئاسة، أحرج بشكل كبير إدارة ترامب التي يتهمها الإعلام الأمريكي بدعم الأنظمة الديكتاتورية.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي توقف فيها واشنطن المساعدات عن نظام الانقلاب، حيث شهد شهر أغسطس عام 2013، وقف إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، توريد المعدات العسكرية لمصر لما يقارب العامين في أعقاب حملة عنف ضد المتظاهرين ضد الانقلاب العسكري الذي انقلب على أول رئيس منتخب ديمقراطيا، وقتل نحو 3 آلاف شخص على أيدي الشرطة المدعومة من الجيش في مذبحة رابعة.
وأثار القرار توترا دبلوماسيا بين البلدين وحملات إعلامية معادية ومثيرة للكراهية تجاه الأجانب، تخللتها نظريات مؤامرة سخيفة، ولكن في مارس عام 2015، أفرج أوباما عن 12 طائرة لوكهيد مارتن إف-16 إلى مصر، و20 صاروخا من طراز بوينغ هاربون، وما يصل إلى 125 من أطقم دبابات أبرامز إم1إيه1.
وفي ذلك التوقيت أعلن البيت الأبيض إن ذلك يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، وإن المساعدات المستقبلية ستركز على مكافحة الإرهاب وأمن الحدود والأمن البحري وأمن سيناء.
ويتعرض عشرات الآلاف من السجناء السياسيين للتعذيب في السجون، كما أن أكثر من 900 شخص قد تعرضوا للإخفاء القسري، ومثل نحو 7 آلاف و400 شخصا مدنيا أمام المحاكم العسكرية منذ إصدار السيسي مرسوما يوسع نطاق الولاية العسكرية عام 2014، بحسب تقارير "هيومن رايتس ووتش".
كما تم خنق وسائل الإعلام أكثر من أي وقت آخر في تاريخ مصر الحديث، حيث اعترفت الحكومة علنا بحجب أكثر من 133 موقعا إخباريا مستقلا بزعم بثها أخبار ضد الأمن القومي المصري. (في حين يشير مراقبون إلى أن المواقع المحجوبة تجاوزت 400 موقع).
واحتلت مصر المرتبة 161 من بين 180 بلدا في مؤشر حرية الصحافة لعام 2012، حيث تجاوزتها الغالبية العظمى من البلدان الأفريقية، وفي أواخر عام 2016، ذكرت لجنة حماية الصحفيين أن مصر تحتل المركز الثالث في عدد الصحفيين وراء القضبان بعد الصين وتركيا، مع وجود 25 صحفيا مسجونا حاليا.
وأكد التقرير أن دعوة ترامب المتسرعة لطمأنة أكبر وكيل له في المنطقة، مثل تغريداته العصبية، إشارة إلى الطغاة في المنطقة، إشارة تمكن العالم بأسره من رؤيتها، وكشفت فجأة عن الأولويات الحقيقية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وكان الكاتب الصحفي جمال الجمل نبه إلى خطورة تدهور العلاقات الخارجية مع مصر بسبب سياسات السيسي، لاسيما وأن الكيان الصهيوني وواشنطن قد حصلوا على مبتغاهم من هذا النظام، قائلًا " الخارج لا يعنيه خطر الفيروس السيساوي على مصر، بل يهتم بتوظيف هذا الفيروس لتحقيق مصالح ومبادئ تسعد الناخب الأمريكي والغربي، أو بمعاقبة ذلك الفيروس والحد من خطورته، إذا كان لذلك تأثير سلبي على علاقة الإدارات الغربية بناخبيها ومواطنيها.
وأضاف "إذا تتبعنا هذه الإشارات، فسوف نكتشف أن مؤشر العلاقة مع إدارة بوتين التي هلل لها إعلام السيسي بعد لقاء سوتشي وجاكت النجمة الشيوعية الحمراء، انتهت إلى أزمة تقترب من الحصار الاقتصادي ووقف رحلات الطيران لأجل غير مسمى، واستخدام روسي للسيسي من طرف واحد".