كتب رانيا قناوي:
تستمر الكارثة الإنسانية في مدينة رفح المصرية، مع استمرار هجمات قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي على الأهالي، حتى أن الأهالي اضطروا لمغادرة المدينة وترك منازلهم ومحتوياتها؛ هربا من جحيم هجمات وطائرات السيسي، التي تقوم بدكهم بشكل يومي بزعم الحرب على الإرهاب، لإجبارهم على ترك المدينة، بأوامر إسرائيلية، في الوقت الذي كشفت فيه أنباء على صحف إسرائيلية أن إسرائيل تقوم هي الأخرى بهجمات جوية ضد رفح.
وكشف تقرير صحفي منشور على صحيفة "المصريون" اليوم الأربعاء، أن مدينة رفح تعرضت لكارثة إنسانية علي مدار الشهرين الماضيين حتي أيام العيد، بسبب إغلاق الطرق ونقص الخدمات، وتعذر وصول الطعام والشراب وعدم اهتمام الحكومة بمعاناتهم رغم معرفتها بتفاصيل كل ما يحدث هناك.
ونقل التقرير عن أحد أهالي رفح وهو رمزى برهوم من سكان حى الصفا بوسط رفح، قوله: "نعيش دون كهرباء لليوم الـ62 على التوالى، ما أدى إلي توقف عمل محطات الصرف الصحى، وتعطل جميع المصالح الحكومية وتوقف الأشغال الخاصة بالمواطنين".
وأضاف أن انقطاع الكهرباء أدى إلى تعذر ضخ المياه من قبل المرفق، الذى أغلق أبوابه تماما للشهر الثانى على التوالى فى انتظار أن يعود التيار الكهربائى، الذى لا يزال انقطاعه لغزا غير معروف.
وكشفت "الحرية والعدالة" في تقرير سابق، عن نزوح أكثر من 350 مواطنا مصريا تركوا منازلهم وقراهم غرب مدينة رفح واتجهوا إلى مدينتي العريش وبئر العبد خلال الأسبوع المنصرم.
وتوضح المصادر أن الجيش دفع بتعزيزات غير مسبوقة لمناطق غرب رفح خلال الأسبوعين الماضيين، تمهيدًا لهذا الهجوم الواسع، الذي طاول مناطق المقاطعة والمهدية ونجع شيبانة وأبو حلو.
وأدى الهجوم لحركة نزوح كبيرة، إذ توجهت عشرات الأسر نحو مناطق العريش وبئر العبد والإسماعيلية، على الرغم من صعوبة الانتقال من مناطق الاستهداف بسبب قصف الجيش. وقد سجّلت حالات عديدة لأسر اضطرت إلى المغادرة دون أن تتمكن من نقل الأمتعة الخاصة بأفرادها.
وأكد "أحمد علي" من أهالى رفح، أن إغلاق القوات لجميع الطرق الالتفافية غرب رفح، خلال الأسبوع الحالى، والطريق الدولى "رفح–الشيخ زويد" من قرابة العامين، لمحاصرة الجماعات المسلحة، بمناطق "بلعة ودوار سليم ودوار التنك والأحراش ومنطقة الخرافين"، ما أدى إلى تعذر دخول البضائع أو السماح للأهالى بالعبور من خلال السيارات، واضطرهم للمشي مترجلين علي الأقدام لمسافة 7 كم، أو بعربات الكارو لنقل ما يستطيعون نقله من وسائل الحياة مثل الماء والخضروات والطعام.
واستقبل مستشفى العريش العام خلال أسبوع واحد فقط قرابة 40 شخصا من أهالى رفح بين قتلوا ومصابين بإصابات معظمها فى حالة حرجة، بينهم أطفال ونساء.
وأفاد شهود عيان بأن القوات الأمنية طالبت أهالى "الطايرة وأبو حلو" بالرحيل من المكان لحين الانتهاء من العمليات الأمنية وتشييد أكمنة جديدة بالمكان.
ونقل التقرير عن "مصطفى علي" أحد النشطاء أنه فى كل بلاد العالم حينما تطالب شخصا بالرحيل أو النزوح عليك توفير بديل ملائم له.. إلا فى سيناء، فإن الحكومة تصنع الأزمة وتطالب المواطن بإيجاد حلول لنفسه بنفسه، فقد تركت سكان القرى يواجهون المجهول بعدما تمكنوا من حمل ما يستطيعون حمله، تاركين وراءهم الكثير من المتاع لتعذر حمله.
وأضاف أحد النازحين بعد وصوله إلى طريق الشيخ زويد-العريش، أنا لا أدري إلى أين وجهتي، إلا أننى نجوت بأطفالي وبنفسى والحمد لله، مؤكدا أنه لا يعرف مصير جيرانه وأقربائه حتى الآن، فإن المنطقة هناك لا توجد بها كهرباء أو مياه أو شبكات.
فيما قال سالم أبوسلمى من سكان جنوب شيبانة، "إننى قمت بجر أغنامى أمامى لمسافة 7 كم مترجلا، بعد تعذر حصولى على سيارة تنقل متاعى، والشاة التى كانت تتعب منى فى الطريق أتركها، لأننى لا أستطيع النظر خلفى فإن المنظر مخيف وموجع، والرصاص كثيف بين طائش وأعمى يصيب ويقتل ،مؤكدا أنه وصل معه قرابة نصف أغنامه، تاركا أيضا أثاثى فى البيت".
وتابع: "ليس معى سيارة لنقل "عفشى" فأغلب مناطق جنوب رفح يتعذر دخول السيارات لها، والسيارات التى تدخل ممراتها غير آمنة تماما، وهناك مخاوف لدى أصحاب السيارات من الدخول بسبب كثافة النيران والأوضاع المتوترة".
فيما أكد إبراهيم المنيعى أحد وجهاء القبائل جنوب رفح أن ما حدث جنوب رفح يعتبر الأعنف منذ بدء العمليات والملاحقات حتى الآن، مشيرا إلى أن العديد من المدنين سقطوا بين قتيل وجريح، منهم من تم إسعافه وآخرون تعذر نقلهم بسبب عدم مقدرة الأهالى الدخول إلى أغلب المناطق.
وكانت دولة السيسي قد حشدت كافة أجهزتها ومواردها لتقديم الدعم للمسيحيين النازحين من سيناء، حتى أن السيسي نفسه ناقش مع كبار المسئولين في البلاد نزوح 120 أسرة من المسيحيين من محافظة شمال سيناء، بعد اعتداءات عليهم من جانب تنظيم "داعش"، إلا أن المسلمين النازحين لا بواكي لهم.
وتم اتخاذ إجراءات جادة لإسكان النازحين المسيحيين فى محافظة الإسماعيلية المجاورة، وأصدر السيسي توجيهاته للحكومة "باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسهيل إقامتهم في المناطق التي انتقلوا إليها، وتذليل أية عقبات قد تواجههم". كما أعلنت وقتها غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعى، تسكين المسيحيين النازحين من شمال سيناء في محافظة الإسماعيلية، كما أن مجلس الوزراء شكل غرفة عمليات، بالتنسيق مع الكنائس المصرية، لحل أزمة المصريين المسيحيين المهجرين من العريش.