عاصفة الحزم.. العملية الجراحية التي أجراها «باش تمرجي»

- ‎فيعربي ودولي

كتب – سيد توكل
الحرب في اليمن لم تكن نزهة كما تصورها المقبور عبد الناصر ومن بعده تصورها بن سلمان، دخلت الرياض أرض المعركة وهى تريد تحقيق أمرين كلاهما متضاد، واصطحبت معها الإمارات الشرهة للتوسع والتمدد وبسط نفوذها وعضلاتها على كامل المنطقة العربية الجغرافية، فعززت بتوجيه صهيوني أمريكي النزعات الانفصالية في الجنوب، وزادت طين خسائر آل سعود بلة.

يقول الكاتب السعودي أحمد صلاح الدين: "حينما بدأت عملية عاصفة الحزم، في مارس 2015، تعهَّد وزير الدفاع السعودي الشاب الأمير محمد بن سلمان لكل من استُدعي للمشاركة في العملية، بأنَّها ستكون سريعة ودقيقة كالعمليات الجراحية".
مضيفاً:"وبالفعل، كانت العملية جراحية، إذ استهدفت الحوثيين ومخازن أسلحتهم بمهارةٍ كبيرة في البداية، لكنَّها لم تكن أبداً سريعة. والآن، قبل أشهر قليلة من الذكرى السنوية الثالثة للعملية، يبدو أنَّ أسوأ مخاوف السعودية قد تحقَّق، فقد حُوصِرت في تضاريس اليمن السياسية والجغرافية الصعبة".

وتابع :"منذ البداية وإلى الآن، تمثَّلت مشكلة السعودية في اليمن في أنَّها ألزمت نفسها بشرطين متناقضين لتحقيق نصرٍ إستراتيجي. فقد أرادت أن تهزم الحوثيين، لكن دون أن تُفيد منافسهم، حزب التجمُّع اليمني للإصلاح".
موضحاً: "في الواقع، كان يمكن للرياض أن تُنسِّق مع التجمُّع في بداية العملية ليقود انتفاضةً في صنعاء، والتي كان من شأنها أن تُحرِّر العاصمة من الحوثيين، لكنَّها اختارت ألا تفعل. وبالتالي ضاعت سريعًا الفرصة الأولى لكسب الحرب".

الحوثيون
الذين يُسمُّون أنفسهم "أنصار الله"، وهم يُمثِّلون الأصولية الزيدية المدعومين من إيران، التي ثارت ضد التهميش بعد سقوط الملكية في عام 1962، وفي العامين الماضيين، أصبح الحوثيون أكثر قوة وشعبية أيضًا، على الأقل في شمالي اليمن، بعدما استمالوا دعم رجال القبائل وقادة في الجيش كانوا قد قاتلوا ضدهم في الماضي.

الرئيس المخلوع
علي عبد الله صالح وحزبه السياسي، المؤتمر الشعبي العام، يُمثِّل صالح وحزبه النظام القديم، الذي يرفض التخلّي عن السلطة لأنه يخشى المحاسبة على ماضيه، وهم غير مستعدين كذلك للتخلي عن حصتهم من المكاسب.
بعد بدء العملية التي تقودها السعودية، اصطفَّ صالح وحزبه إلى جانب الحوثيين، لكنَّ علاقتهما علاقة انتهازية محضة وغير مستقرة.
وتراهن الإمارات، شريكة السعودية في حرب اليمن، على أنَّ صالح سيفُضّ تحالفه مع الحوثيين في نهاية المطاف عبر نجله أحمد، الذي يعيش في أبو ظبي.

الإخوان
التجمُّع اليمني للإصلاح، الذي يجري ربطه في كثيرٍ من الأحيان بالإخوان المسلمين، ولديه كوادر شعبية كبيرة، شارك التجمُّع بنشاطٍ في ثورة الشباب عام 2011، ويمكنه أن ينافس الحوثيين في شعبيتهم.
ومع ذلك، فإنَّ السعودية ترغب في إضعافه، بينما تحاربه أبو ظبي. بالتالي، وعلى عكس الشرط الذي وضعه السعوديون لأنفسهم في اليمن، سيبقى التجمُّع مستفيدًا حال هزيمة الحوثيين.
واختارت الرياض عدم التنسيق مع الإصلاح لاستعادة صنعاء في عام 2015، وجَّهت ميليشيات الحوثيين وصالح غضبها إلى الإصلاح، واعتقلت المئات من أعضائه، ولذا وجد الإصلاح نفسه في أغرب وضعيةٍ ممكنة: مُضطهدًا في صنعاء، مُهمَّشًا في الرياض، وتحت ضغطٍ من أبو ظبي.

أهل الجنوب
رغم أنَّهم قد يخرجون حتى من معادلة السلطة حين يتم التوصُّل إلى اتفاق سلام، وذلك لأنَّ ساحة المعركة الحقيقية التي تُهدِّد أمن السعودية هي فقط شمالي اليمن.
ومع ذلك، فإنَّهم متشابكون في الوقت نفسه سياسيًا ودستوريًا مع الأزمة اليمنية برمتها، ولا يزالون في حالة فوضى وتنافس بسبب سياسة النهب والتخريب الإماراتية.
السياسة الإماراتية لا تُشجِّع فقط انفصال الجنوب عن الشمال، لكنَّها أيضًا تحاول توحيده بدعم الميليشيات المحلية المتنافِسة، ويرغب الإماراتيون أيضًا في محو أي أثرٍ للإسلام السياسي في الجنوب.

عدو عدوي صديقي
قد تكون الرياض مقتنعة، بفضل أبو ظبي، بأنَّ الحوثيين وصالح أفضل بالنسبة لها من يمنٍ تعدُّدي ديمقراطي يضم الإصلاح، وكما تُغيِّر الرياض موقفها في سوريا حاليًا، وتقترب أكثر وأكثر من معسكر القاهرة وموسكو، وهو المعسكر الذي يضم طهران، كذلك للسخرية الشديدة قد تُغيِّر المملكة العربية السعودية موقفها في اليمن أيضًا.
وحينئذٍ فقط، قد تصبح المعادلة السعودية المُبهمة قابلةً للحل وفقًا للتعديلات الآتية: السماح للحوثيين بالانتصار، والقضاء على الإصلاح، وعدم الاكتراث باستقرار اليمن وأمن المملكة العربية السعودية على المدى الطويل.