24 عاما على خديعة “أوسلو”.. ذهبت الأرض وبقي الأسر

- ‎فيعربي ودولي

رانيا قناوي
24 عاما على اتفاقية "أوسلو" التي وقعت في 13-9-1993؛ ولم يبق منها اليوم سوى التنسيق الأمني، وكم هائل من المستوطنات مزقت الضفة وقسمتها إلى كانتونات تابعة للكيان الصهيوني، بعد الوهم الذي صنعه النظام الأمريكي بين الاحتلال الصهيوني وبين فلسطين المحتلة، تحت شعار " معاهدة السلام"، التي اكتشف الفلسطينيون الفخ من ورائها في تقسيم أراضيهم، ونهبها بشكل ممنهج، حيث ذهبت أرض الفلسطينين ولم يتبق لهم سوى الاعتقال.

بنود الخدعة الإسرائيلية

خدع اليهود من خلال الدعم الأمريكي العرب و الفلسطينيين، حينما نصوا في الاتفاقية "أوسلو" على نقل سلطة المدن والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة من الجيش الإسرائيلي إلى السلطة الفلسطينية التي تشكلت حديثاً في ذلك الوقت، وهي عبارة عن هيئة انتقالية تشرف على الشؤون الأمنية الداخلية والإدارية في تلك المناطق.

ونتجت عن الاتفاقية التي وقعت على مرحلتين في عام 1993 وفي عام 1995، بمدينة "أوسلو" النرويجية، تقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى ثلاث مناطق غير متجاورة: المنطقة أ، والمنطقة ب، والمنطقة ج، لتشكل المنطقة أ 3% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتوسعت لاحقا لتصل إلى 18% عام 1999، وتسلمت السلطة الفلسطينية معظم شؤون المنطقة أ، وضمت المنطقة ب قرابة 21% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتسلمت السلطة الفلسطينية شؤون التعليم والصحة والاقتصاد في هذه المنطقة.
ومُنحت إسرائيل السلطة الكاملة للشؤون الأمنية في هاتين المنطقتين، بمعنى أن باستطاعة القوات الإسرائيلية دخولهما في أي وقت كان، لتنفيذ عمليات اعتقال أو حتى اغتيال.

تضم المنطقة ج 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة. وحسب اتفاقيات أوسلو، فمن المفترض أن تتسلم السلطة الفلسطينية شؤون هذه المنطقة، لكن فعليّاً، تتحكم إسرائيل بجميع شؤونها، بما فيها الشؤون الأمنية والتخطيط العمراني والبناء.

وبهذا تشكلت الخدعة الإسرائيلية، في أن عملية نقل السلطات في هذه المنطقة للسلطة الفلسطينية، لم تتم قط، كما أن حل الدولتين لم يتحقق بعد، حتى أن نتنياهو الذي كان يتاجر بقضية حل الدولتين، انقلب عليها بعد أن ضمن عمالة زعماء العرب، وأصبح التفاوض على توطين الفلسطينيين في سيناء.

أوسلو بين اليهود والفلسطينيين

وفي الوقت الذي عارض اليمين الإسرائيلي توقيع أية اتفاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية، لاعتقادهم أنها منظمة إرهابية، بالرغم من أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أعلن مسبقاً نبذه للإرهاب. وتشكلت مخاوف لدى المستوطنين الإسرائيليين بأن سياسة الأرض مقابل السلام التي وافق عليها رابين ستؤدي إلى إخراجهم من الأرض التي طالما اعتبروها حقهم التاريخي.

أيد الفلسطينيون هذه الخديعة الكبرى، واعتقد أولئك الذين أيدوا اتفاقيات أوسلو أنها اتفاقات تسوية يمكن أن تؤدي في النهاية إلى سلام بين الطرفين.

 

فقد أيدت حركة فتح، أكبر الفصائل التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، اتفاقيات أوسلو. أما الفصائل السياسية الأخرى غير التابعة لمنظمة التحرير، مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي، وحتى بعض فصائل المنظمة، مثل الجبهة الشعبية لتحرير لفلسطين؛ فعارضت الاتفاقيات، محذرة من أن حل الدولتين سيقضي على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لأراضيهم التي سلبت منهم خلال نكبة عام 1948.

وبالطبع، تشكلت لدى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الكثير من الشكوك حول جدوى اتفاقات أوسلو، بل وزادت كثيراً مع فشل العملية بتحقيق أي من أهدافها الأساسية.

إلا أن الحقائق أكدت أن إسرائيل وحدها هي الطرف المستفيد من المفاوضات منذ بدئها عام 1993. ومع مواصلة الأطراف الأمريكية والأوروبية والعربية الأمل بالوصول إلى اتفاق من خلال هذه المفاوضات؛ واصلت إسرائيل بناء المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية المحتلة، فتزايدت أعدادها أكثر من ثلاثة أضعاف عما كانت عليه، وحققت معدلات نمو سكاني غير مسبوقة.

كوارث الاتفاقية

ويرى بروفسور السياسة عبد الستار قاسم، أن التنسيق الأمني المنبثق عن "أوسلو" تسبب بمأساة عظيمة في مختلف المجالات؛ وبأن يتحول الفلسطيني إلى حارس على أبواب مملكة "إسرائيل"، ولسان الحال يقول إنه إذا كان ثمن الدولة الفلسطينية أن يعتقل الفلسطيني أخاه الفلسطيني دفاعا عن الأمن "الإسرائيلي" فنحن شعب فلسطين لا نريد هذه الدولة، وليذهب الباحثون عنها إلى الجحيم.

ويرى كتاب ومحللون أن الاتفاقية مجحفة وغير عادلة، وتنتقص من الحقوق الفلسطينية؛ كونها وقعت ما بين طرفين؛ طرف قوي بالدعم الغربي والأمريكي، وطرف ضعيف، وهذا يعني أنه ستكون نتيجته المنطقية إجحاف وانتقاص من حقوق الطرف الضعيف، ونما وكبر بعدم التكافؤ، وحصل ما حصل من نتائج مضرة بالقضية الفلسطينية".

وعن رأي الشارع كتب الصحفي الفلسطيني عميد دويكات على صفحته في موقع التواصل فيسبوك": "اتفاقية أوسلو .. كان المفروض أن يعمل بها لـ 5 سنوات، ولكن حتى الآن مضى على هذه الاتفاقية 24 سنة والاحتلال متمسك فقط بما يفيد مصالحه فيها، وان كانت بمجملها تصب في مصالحه، ونحن متمسكون بكامل الاتفاقية المجحفة بحقوقنا الوطنية، بل قبلنا بما هو أقل منها".

وتابع: "الأسرى ما زالوا في السجون، المستوطنات توسعت والأرض نهبت، القدس هودت، الأقصى قسّم، الحدود والمعابر لا سلطة لنا عليها، المناطق الفلسطينية مستباحة بكاملها، إضافة للتنسيق الأمني".