ترشح عنان وشفيق.. “طق حنك” يفضح رعب الجنرالات

- ‎فيتقارير

كتب- رانيا قناوي:

 

في وطن يخشى فيه أباطرة العسكر من الترشح أمام قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، في هزلية الرئاسة القادمة، تشعر مع استمرار الجدل حول ترشح الفريق أحمد شفيق والفريق سامي عنان من عدمه، طوال عامين كاملين، تشعر وكأن السيسي أصبح أكبر من مجرد وزير دفاع انقلب على رئيسه المنتخب، ولكنه يجلس بقوة أكبر من الدبابة التي تحميه وتحمي أقرانه من الخائفين في الترشح أمامه.

 

 ويظل السؤال الذي يرواد العقل الباطن لدى المصريين مطروحا وهو: "من يحمي السيسي؟ وما هو السر الذي جعل قائد عسكري كبير مثل سامي عنان والفريق أحمد شفيق يقومان بدور "عبده مشتاق"، ليكتفي كل منهما بدور المحلل في استمرار ألة البطش لدى نظام السيسي.

 

 وفي تقرير حول هزلية انتخابات الرئاسة القادمة، عادت وسائل الإعلام المقربة من نظام الانقلاب إلى شن هجوم على الشخصيتين العسكريتين الوحيدتين اللتين تمثلان خطراً على طموحات السيسي في الاحتفاظ بالمنصب، وهما رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، ورئيس أركان الجيش الأسبق سامي عنان، خصوصاً بعدما أصدر الاثنان تعليقين لاذعين على طريقة إدارة النظام الحاكم وأجهزته الأمنية للحرب على الإرهاب، والقصور المعلوماتي والميداني الذي عكسته العملية الإرهابية الأخيرة بالقرب من منطقة الواحات البحرية.

 

وذكر التقرير المنشور على صحيفة "العربي الجديد" اليوم الأربعاء، أن قلق النظام الحاكم من عنان هذه المرة يفوق قلقه من شفيق، نظراً لاستمرار بقاء الأخير في منفاه بدولة الإمارات بالتزامن مع انتعاش علاقة السيسي بقيادات أبوظبي ودبي. وبدأت الحملة ضد عنان تارة بترويج أخبار غير صحيحة عن فتح بعض المقار الانتخابية له في منطقة المقطم، وتارة أخرى بترويج معلومات عن اتصالات بينه وبين جماعة "الإخوان المسلمين".

 

ونقل التقرير عن مصادر على اتصال بعنان، إنه ما زال يفكر في منافسة السيسي في الانتخابات المقبلة، ويشعر أن السيسي يخشاه شخصياً، على خلفية حركة التصفية الأخيرة في صفوف سلاح الدفاع الجوي، التي كشفت تفاصيلها "العربي الجديد" في ديسمبر الماضي، بإحالة عدد كبير من ضباط السلاح الجوي إلى التقاعد بسبب صلاتهم المحتملة بعنان الذي يتمتع بشعبية كبيرة في هذا الجهاز، ثم تكللت الحركة بإحالة قائد السلاح الفريق عبدالمنعم التراس إلى التقاعد، ليُكمل السيسي بذلك استبعاد جميع القادة الأقدم منه في الجيش.

 

وقالت المصادر إن "عنان ما زال حذراً قبل اتخاذ هذه الخطوة، لتخوّفه من وجود قضايا أو بلاغات مقدّمة ضده قد تظهر للواجهة في أي لحظة إذا قرر خوض الانتخابات الرئاسية، فهو من الناحية النظرية خالٍ من أي موانع للترشح، لكنه يخشى الملفات المخبأة ضده".

 

عقوبات على الانتقاد 

 

يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد برلمان العسكري لإصدار تشريعات تقضي بعقوبات قاسية ضد كل من ينتقد أداء الجيش والشرطة، وهو الأامر الذي يلمح لردع شفيق شخصيا حينما تحدث عن التقصير الأمني في التعامل مع حادث الواحات.

 

واعتبرت المصادر أن البيانات والتصريحات الصحافية التي يصدرها عنان تأتي في إطار "محاولة فهم موقف النظام منه، وما إذا كانت هناك أجهزة أو دوائر حكومية وأمنية قوية ستدعمه لخوض الانتخابات"، نافية في الوقت نفسه أن يكون عنان قد أقدم على "أي خطوة تنفيذية للترشح".

 

وأشارت المصادر إلى أن عنان سبق أن تعرض للتخويف والضغوط من قبل العديد من الإعلاميين والسياسيين الذين كانوا يتظاهرون بتخوّفهم على مصلحته، ومن ضمن الأوراق التي تم الضغط عليه بها بصورة غير مباشرة، وجود بلاغات قديمة ضده منذ كان عضواً في المجلس العسكري بشأن وقائع فساد مالي واتجار في أراضي الدولة وتربّح من عمليات بيع أراضٍ مميزة كانت قد خصصت له بصفته الوظيفية.

 

وقال التقرير إن الأمر بالنسبة إلى الفريق شفيق، مختلف، خاصة مع حظر عودته إلى مصر، حيث مازال يعيش في الأإمارات خوفا من بطش السيسي، رغم حديث عن عدم وجود أي موانع لنزوله إلى مصر، وهو ما يثير استغراب المصادر، قائلة: " نظام السيسي يخشى شفيق حتى وهو متأكد بنسبة 95 % من أنه لن يُقدم على المخاطرة بالعودة، وحتى بعد التواصل بشأنه مع المسؤولين الإماراتيين، وهذا أمر يعكس ضعف ثقة الأجهزة في أداء النظام، خصوصاً بعد قضية تيران وصنافير وعملية الواحات.

 

وشددت المصادر على عدم صحة المعلومات التي يبثها النظام عبر وسائل الإعلام عن تردي صحة شفيق"، مؤكداً أنه "أجرى أخيراً عملية جراحية بسيطة، وهو الآن في أتم الصحة والعافية، ويمارس نشاطه بصورة طبيعية، ويتواصل مع قيادات الحزب ومسؤولين حكوميين سابقين وحاليين، فضلاً عن أصدقائه القدامى من الجيش". 

 

التضييق على "الفريقين"

 

وذكر المصدر أن التعليمات الحكومية للصحف ووسائل الإعلام بعدم التعاطي مع أنباء ترشح شفيق وعدم نقل تصريحات عنه بهدف إجهاض تلك المعلومات وعدم انتشارها "ما زالت قائمة، وامتدت في الآونة الأخيرة لتشمل منع التواصل مع قيادات الحزب المقربين من شفيق والتضييق عليهم دعائياً، أو إثارة قضية الطعون التي تقدّم بها على نتيجة انتخابات الرئاسة 2012".

 

وكان رئيس جهاز الكسب غير المشروع الأسبق في وزارة العدل إبراهيم الهنيدي، قد أحال عام 2013 إلى النيابة العسكرية بلاغات الكسب غير المشروع المقدّمة ضد شفيق، تنفيذاً لقانون صدر في عهد المجلس العسكري يجعل القضاء العسكري مختصاً بقضايا الفساد المالي للضباط السابقين في القوات المسلحة. 

 

ولم يتصرف القضاء العسكري حتى الآن في هذه القضية، ولم يحفظها أيضاً، لأن التحقيق يتطلب حضور شفيق بنفسه وسؤاله، وهو ما لم يحدث حتى الآن، علماً أنه منذ إحالة القضية إلى النيابة العسكرية لم يُصدر القضاء العسكري أي بيان حولها، ويحيطها بتعتيم شديد، بينما يمتنع محامو شفيق عن الإدلاء بأي تصريحات حول هذه القضية، تخوفاً من إثارتها أو تسريب معلومات بشأنها للصحف المصرية.

 

وأكدت المصادر أن السيسي لا يرغب في منافسة شفيق أو عنان لأسباب تتعلق بعلاقاتهما الشخصية به والخالية من الود والتي تتسم بالمنافسة، أما عنان فتسيطر خلافات الماضي على علاقته بالسيسي، إذ يرى عنان أنه كان الأجدر والأحق بمنصب وزير الدفاع بعد الإطاحة بطنطاوي، ويرى أن الأخير لعب دوراً سلبياً لتمكين السيسي من السيطرة على الجيش بعدما كان هو صاحب الكلمة الأولى عملياً فيه. كما أن السيسي لا يطمئن كثيراً لتحركات عنان واستعداده للتواصل مع تيارات سياسية كثيرة.