بموافقة الانقلاب.. شركات أدوية عالمية تختار المصريين كفئران تجارب والقانون يحميها

- ‎فيأخبار

كتب محمد الغمراوي:

بموافقة سلطات الانقلاب أجرت شركات الأدوية مؤخرًا تجاربها السريرية في مصر بصفة خاصة، فيما لا يمتلك المرضى -الذين يتم استخدامهم حقول تجارب- الموارد المالية الكافية لتلقي العلاج، بينما لا يحظى أغلبهم بالتأمين الصحي.

وفي الأثناء تشهد مثل هذه الاختبارات السريرية ارتفاعًا واضحًا في مصر، فى الفترة الانتقالية بعد ثورة يناير، وتزايدت بشكل أكبر منذ الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي حسب صحيفة Géopolis الفرنسية.

وشرعت المختبرات بإجراء التجارب السريرية في الخارج ابتداء من السنوات الأولى من القرن الحالي.

وفي هذا السياق، أقرت صحيفة "لوتون" بأن هذه الخطوة تهدف أساسًا إلى التمركز داخل أسواق جديدة ومتنامية، وأنشأ أكبر مصنعي الأدوية على غرار (نوفارتس، وروش، وسانوفي، وميرك) مكاتب لهم في بلدان الجنوب، من أجل القيام بدراسات ضخمة هناك تسبق عمليات تسويق محتملة لمنتجاتهم المستقبلية.

وحسب مسح أجرته المنظمة السويسرية غير الحكومية "بابليك آي" في سنة 2016 باتت مصر ثاني أهم الوجهات التي تختارها شركات الأدوية متعددة الجنسيات، لإجراء تجارب سريرية في القارة الإفريقية بعد دولة جنوب إفريقيا.

وتترأس الشركات السويسرية قائمة هؤلاء المصنعين، حيث يحتكر العملاقان روش ونوفارتس نصف الاختبارات الدولية التي تم القيام بها في مصر في أوائل سنة 2016، الأمر الذي يُعد تطورًا مهمًّا مقارنة بسنة 2011.

لماذا تم اختيار مصر تحديدًا؟
تجد شركات الأدوية أو الأطراف المتعاقدة معها ضالتها في العديد من المرضى الفقراء أو المعوزين، فضلاً عن أنها تحظى بمستشفيات مجهزة لإجراء اختبارات بتكلفة منخفضة، إضافة إلى إطار تشريعي أقل صرامة مقارنة ببعض البلدان الأخرى.

ويُعد العلاج -في بلد يعيش فيه 14% من السكان لا يتجاوز مرتبهم دولارين في اليوم، ولا يحظى نصف السكان بالتأمين الصحي- شكلاً من أشكال الترف.

ومن هذا المنطلق، يرى العديد من المصريين تجارب الأدوية بمثابة علاج مجاني، وهي حقيقة تدعمها المختبرات والهيكل الطبي المصري أيضاً. قيود أخلاقية وقانونية محدودة وعلى الرغم من أن موافقة المريض على إجراء هذه التجارب السريرية تعد أمرًا أساسيًا ولا مناص منه، وفقاً لما تنص عليه المعايير الأخلاقية الدولية، إلا أنه غالباً ما يتم القيام بهذه الخطوة بشكل ينافي جميع المعايير.

ففي الواقع، لا يدرك المرضى دائمًا المخاطر التي ينطوي عليها البروتوكول التجريبي، كما أنهم عادة لا يفطنون إلى إمكانية تجربة دواء وهمي عليهم.

ووفقًا لأيمن السباعي، مختص في الصحة العامة وعضو في المنظمة غير الحكومية، "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، فإن "أغلب العلاجات التي تم اختبارها في مصر تندرج ضمن التجارب لمكافحة السرطان. ولكن، تم أيضاً تجربة أدوية مضادة "لالتهاب الكبد الفيروسي ج"، وهو مرض متوطن في البلاد"، وتعتبر هذه الأمراض خطيرة ومكلفة.

لا يوجد قانون منظم
لا يوجد قانون في مصر ينظم سير ومراقبة التجارب السريرية، أي أنه لا وجود لقانون يحمل مسئولية هذه التجارب لأطراف معينة، حسب منظمة "بابليك آي".

وكان مجلس الشعب المصري قد رفض قانون التجارب السريرية الذي تقدم به النائب حسام بدراوي عام 2002، حسب صحيفة الشروق المصرية، وفي عام 2012 أعلن مرة أخرى عن مسودة لقانون ينظم عملية التجارب السريرية لكن تم حفظها في عام 2014.

في المقابل ومنذ تولي السيسي للسلطة في سنة 2014 لم يعد هناك تقريبًا "أي إمكانية للاحتجاج ضد حالات سوء التنظيم" أو الحوادث التي تقع في هذا الإطار.

أما بالنسبة لمسألة مواصلة رعاية المرضى بعد الاختبارات، فغالبًا ما لا تتم بالشكل المطلوب، وأوضحت صحيفة لوتون أنه نادرًا ما تضمن الشركات المصنعة توفير الأدوية بمجرد الانتهاء من الدراسة، حتى في حال تحسن حالة المرضى خلال المرحلة التجريبية.

وعلى الرغم من رصد 57 تجربة سريرية دولية في فبراير سنة 2016 بمصر، إلا أن أكثر من نصف تلك الحالات تتعلق بتجربة علاجات السرطان.