«العسكر يكرسون حكمهم».. هذا أخطر تفسير حول إقالة «حجازي»

- ‎فيتقارير

كتب: حازم الأشموني
تفسيرات كثيرة وشائعات أكثر انطلقت بعد القرار المفاجئ لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مساء السبت الماضي 28 أكتوبر2017م، بالإطاحة برئيس الأركان وصهره اللواء محمود حجازي، وبحسب مراقبين فإن كثرة التفسيرات والشائعات أمر طبيعي جدًا في ظل النظم المستبدة؛ لأنها تفضل الاحتفاظ بأسرار القرارات ودوافعها، في ظل تهميش متعمد للشعب الذي يفترض أنه سيد هذه البلاد ومصدر السلطات بها.

ولعل أخطر التفسيرات على الإطلاق، أن قرار الإطاحة بحجازي يأتي في سياق ترتيبات متفق عليها داخل المؤسسة العسكرية، لصنع بديل للسيسي حال أجبرت الأوضاع الداخلية والإقليمية زعيم الانقلاب على عدم الاستمرار، ومنعه من الترشح في مسرحية انتخابات الرئاسة منتصف العام المقبل 2018م.

وبذلك يضمن العسكر تدوير منصب الرئاسة بين الجنرالات الكبار، في ظل سحق القوى المدنية وعلى رأسها الحركات الإسلامية، التي فازت بثقة الشعب في كل الاستحقاقات النزيهة بعد ثورة يناير، وهو ما يعزز من التصور الذي يقول إن العسكر لن يسلموا السلطة أبدا لأي حزب أو حركة مدنية.

وأطاح زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مساء السبت الماضي، بصهره اللواء محمود حجازي من رئاسة الانقلاب، وتعيين الفريق محمد فهمي حجازي، كما أجرى تعديلا شاملا في صفوف قوات الأمن، بإقالة أحد عشر مسئولا بالأمن الوطني وقيادات الأمن بالجيزة، وذلك بعد أسبوعٍ فقط من تعرُّض قوات الشرطة لكمين على يد مسلَّحين أودى بحياة 58 من عناصر الشرطة، بحسب "رويترز" و"بي بي سي"، و16 على الأقل بحسب رواية وزارة الداخلية بحكومة العسكر.

ولم تُقدِّم البيانات الرسمية للشرطة أو الجيش، والتي أعلنت عن هذه الخطوة، سبب التعديل الشامل في صفوف القوات، حسبما ذكر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

أهم التفسيرات والشائعات

التخمينات والتحليلات حول أسباب الإقالة تنوعت وتزايدت، في ظل غياب المعلومة الكاملة في مصر، إلا أن مراقبين أكدوا أنها لن تخرج عن هذه الاحتمالات:

أولا: إحلال وتبديل في صفوف القيادات العسكرية والأمنية، وهو ما دأب عليه السيسي منذ انقلابه، حيث أطاح بالعديد من جنرالات الجيش الذين شاركوا في انقلابه على الحكومة المنتخبة، مثل اللواء أحمد وصفي، واللواء أسامة عسكر، واللواء أسامة الجندي، واللواء صلاح البدري.. وغيرهم.

وبرغم ولاء محمود حجازي المفترض للسيسي، كونه صهره، حيث إن نجل السيسي "حسن" هو زوج ابنة محمود حجازي، إلا أن ذلك لم يمنع إصدار قرار بإقالته من منصبه.

ثانيا: انحياز لصدقي صبحي، وهو من التفسيرات المتداولة أيضا، أن الإطاحة بحجازي جاءت بسبب خلافات شديدة بينه وبين وزير الدفاع صدقي صبحي منذ فترة؛ لشعور "صدقي صبحي" بالتهميش، وتكليف حجازي بأهم الملفات، ما أثار حفيظة وزير الدفاع، وخشي السيسي من تمادي هذا الشعور لدى صدقي صبحي، فقرر إبعاد حجازي؛ لأن الإطاحة بوزير الدفاع غير ممكنة في ظل تحصين منصبه بمادة في الدستور لمدة 8 سنوات.

ووفقًا لمصادر عسكرية في أغسطس الماضي، فإن دوائر مقرّبة من السيسي، قامت بتقديم وتداول مقترحات بديلة، من شأنها محاصرة وزير الدفاع، الفريق أول صدقي صبحي، سعيا لإقالته، في حال أخفق البديل الأصلي بتعديل مواد الدستور، ورفع تحصين منصب الوزير من العزل، أو الإقالة بقرار رئاسي.

كما أن السيسي استغل حجازي في رئاسة الأركان لتفكيك ما يمكن تسميته بمراكز القوى داخل المجلس العسكري، والذين تربطهم بصدقي علاقات قوية، وهو ما زاد الأمر اشتعالا بين الرجلين، وتسبب في خلافات كادت أن تظهر إلى العلن، وهو الأمر الذي اضطر معه السيسي في النهاية إلى الانحياز لـ"صدقي صبحي" ولو تكتيكيا، على حساب صهره محمود حجازي، فوافق على أن يطيح به من رئاسة الأركان ويحل محله "محمد فريد حجازي" مساعد صبحي في وزارة الدفاع.

ثالثا: الفشل الأمني في الواحات، وبحسب مراقبين فإن ثالث التفسيرات حول الإطاحة بحجازي هو الفشل الأمني المتزايد على الحدود، خصوصا وأن الإقالة جاءت بعد أيام قليلة من حادث الواحات، الذي تسبب في قتل وإصابة نحو 58 ضابطا ومجندا. لا سيما بعد اتهام الجيش بعدم دعم الشرطة بإرسال المروحيات لإنقاذ المصابين، ما تسبب في نزيف دماء بعض الضباط في الصحراء حتى الموت.

وما يدلل على وجود علاقة بين التضحية بـ"حجازي" وحادث الواحات، هو أن السيسي أقال في نفس التوقيت، عددا من قيادات الشرطة المصرية، لاتهامهم بالتقصير في الحادث نفسه، وهم (اللواء محمود شعراوى رئيس جهاز الأمن الوطنى، واللواء هشام العراقى مدير أمن الجيزة، ومدير إدارة الأمن الوطنى بالجيزة، ومدير إدارة العمليات الخاصة بالأمن المركزى).

أخطر التفسيرات

لكن التفسير الرابع هو الأخطر على الإطلاق، حيث يرى بعض المراقبين أن الإطاحة بحجازي وتعيينه مستشارًا للسيسي هي بالأساس عملية مرتبة داخل المؤسسة العسكرية، تأتي في سياق صناعة بديل محتمل للسيسي حال تفاقمت الأوضاع، وبات الأمر يستوجب بديلا غيره.

وهو التفسير الذي يستبعد الإطاحة به من أجل تولي منصب رئاسة الوزراء، خصوصا وأن رئاسة الأركان هي أحد أهم مناصب صناعة القرار في البلاد، بينما رئاسة الوزراء مجرد سكرتارية لصانع القرار تتحمل كوارثه.

وبحسب مراقبين، فإن الفريق أحمد شفيق يمثل ضغطًا كبيرًا على السيسي، وبحسب هذا التفسير فإن المخاوف من التدني الحاد في شعبية السيسي تصب تلقائيا في صالح أي منافس قوى محتمل، خصوصا إذا كان ذا خلفية عسكرية، ولكن الأزمة أن شفيق حاليا لا يحظى بالقبول داخل التشكيل الحالي للمجلس العسكري، ولذلك تم ترتيب الإطاحة بحجازي ليكون بديلا للسيسي حال أجبرته "الأجواء" الإقليمية والمحلية على عدم الاستمرار.