شاهد- بتوجيهات من السيسي .. «اللي مش عاجبه البلد يمشي»

- ‎فيأخبار

كتب حازم الأشموني
«اللي مش عاجبه البلد يمشي»، جاءت هذه العبارة على لسان رئيس برلمان العسكر الدكتور علي عبد العال، صادمة لقطاع كبير من المصريين، إلا أنها لم تكن مفاجئة لآخرين، مؤكدين أن هذه الفاشية والعنصرية إفراز طبيعي لانقلاب عسكري دموي على أول حكومة منتخبة من الشعب، في أنزه تصويت شعبي في تاريخ مصر الحديث والمعاصر.

اللافت في الأمر أن تصريحات رئيس برلمان العسكر جاءت في جلسة، يوم 22 أكتوبر الماضي 2017م، خلال تمرير مد حالة الطوارئ لمدة ثالثة، في مخالفة صارخة للدستور الذي وضعوه، وجاءت في سياق اتهامه لمعارضي حكم العسكر والرافضين لمد حالة الطوارئ بالخيانة؛ حيث قال نصا: «هؤلاء يثيرون البلبلة والفتنة وهم ليسوا منا، هذا الوطن لأبنائه، ومن يريد وطنا آخر فليذهب إلى حيث يشاء، مع السلامة».

زلة لسان أم سياسة عسكر؟

وبحسب مراقبين، فإن العبارة الفاشية السابقة لم تكن أبدًا زلة لسان من جانب رئيس برلمان العسكر، الذي جاء بإرادة أمنية خالصة، ولكنه يكرس سياسة العسكر القائمة على السطو على كل شيء، وسحق الشعب إن رفض أو عارض.

فالعبارة الفاشية تكررت على ألسنة كثير من ذيول العسكر الإعلامية، ما يؤكد أنها تأتي في سياق التوجيهات العسكرية، فمن المعلوم من الإعلام بالضرورة أن كل كلمة في وسائل الإعلام الموالية للانقلاب لا بد أن تكون بموافقة من جانب جنرالات الشئون المعنوية أو ضباط الأمن الوطني في لاظوغلي.

حيث تكررت هذه العبارة الفاشية على ألسنة عزمي مجاهد، مدير إدارة الإعلام باتحاد الكرة، الذي اعتاد الهجوم على الحركات الشبابية ووصفهم بـ"العملاء"، كما كررها أستاذ العلوم السياسية الإعلامي معتز بالله عبد الفتاح، عبر قناة "أون تى في"، "اللي مش عاجبه البلد يروح حتة تانية مش ناقصة بلاوى، اللى يقدر يعمل حاجة للبلد يعملها وإلا خلاص". كذلك اعتبر تامر أمين أن مصير السيسي مرتبط بمصير مصر، والوقوف مع زعيم عصابات العسكر يعني- في عرف تامر أمين- وقوفًا مع الوطن!!.

 

الأمر نفسه كررّه الكاتب الصحفي مصطفى بكري، عبر برنامج "حقائق وأسرار" على قناة "صدى البلد"، فقد هاجم منتقدي تعيين المستشار أحمد الزند، وزيرًا للعدل، قائلًا: "إللي مش عاجبه البلد يسيبها". كما كررها عمرو أديب، إضافة إلى مسئولين كبار بنظام 30 يونيو.

2 مليون مواطن على قوائم الهجرة

وكشفت تقارير إعلامية عن أن عدد المصريين على قوائم الهجرة يقترب من مليوني مواطن، والتي تأتي هروبًا من جحيم العسكر الذي لا يطاق، في ظل تفاقم الأزمات وتحولها إلى كوارث مزمنة لا تستجيب لأي علاج، مثل البطالة والتضخم والغلاء وغياب الحريات والقمع الأمني وغياب معايير العدالة والنزاهة.

وكشف التقرير أيضًا عن أن 800 ألف مواطن مصري، حسب بيانات السفارة الأمريكية بالقاهرة، تقدموا بطلبات هجرة لواشنطن، خلال العام الماضي، واحتلال مصر المرتبة الثانية بعد الكاميرون في أعداد المقبولين؛ بسبب الانهيار الاقتصادي والقمع والانتهاكات السياسية.

فيما أكد السفير "رخا حسن"، أن هذا العدد ليس مستغربًا فى ظل الظروف المعيشية الصعبة، التى يعاني منها الكثير من المصريين. مضيفًا أن "ما أوردته السفارة الأمريكية حول رغبة 800 ألف مصري فى الحصول على الجرين كارد أثناء تقدمهم للاختيار العشوائي له العديد من الدلالات الخطيرة التى يجب الانتباه إليها".

فيما أكدت دراسة علمية أن أعداد المهاجرين المصريين زادت خلال الفترة من (2013 – 2017)، بنحو 3.5 ملايين مهاجر، أي بما يزيد عن 50% عما كان عليه الوضع في 2006، وبذلك فقد تجاوز عدد المهاجرين في عهد الانقلاب العسكري في عام 2017، عدد المهاجرين في عام 2010، والذي كان يعتبر أعلى معدل للهجرة في تاريخ مصر بنحو 1,9 مليون مهاجر.

مش عزبة أبوهم!

من جانبه، انتقد الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة هذه التصريحات الفاشية، وقال في مقاله المنشور بصحيفة "المصري اليوم"، بتاريخ الأحد 29 أكتوبر 2017م بعنوان «اللى مش عاجبه البلد يمشى!»: «ما لا يدركه هؤلاء المسئولون هو أنهم يحصلون على رواتبهم من مجمل ما يسدده عامة المواطنين من ضرائب وإنتاج ومعاناة هنا وهناك، وما لا يدركه هؤلاء الإعلاميون، وخصوصا أصحاب برامج الليل وآخره التلفزيونية، هو أنهم بدون نسبة مشاهدة لن يستطيعوا الاستمرار، كما أن الصحف بدون قروش القارئ سوف تتوارى هى الأخرى، أى أن المواطن هو الداعم الأول والأخير لوجود كل هؤلاء أو عدم وجودهم فى مواقعهم بمختلف أنواعها».

ويضيف سلامة «ما لا يدركه هؤلاء وأولئك أيضا هو أن الوطن أو البلد ليس هو المشكلة بالنسبة للمواطن أبدا، ذلك أنه التراب الوطنى لكل المواطنين على مختلف انتماءاتهم السياسية وعقائدهم الدينية، هو أرض المحيا وأرض الممات، هو الأب والأم والأخ والأخت، المشكلة الحقيقية للمواطن هى أنتم، هى وجودكم فى مواقعكم، هى فشلكم فى مهامكم الموكلة إليكم، مما كان سببا فيما نحن فيه الآن من تردٍ على جميع الأصعدة، لذا سوف نكتشف بقليل من المتابعة أن من يرددون ذلك هم الفاشلون بالفعل، سوف نكتشف بقليل من التركيز أن أزمة المواطن الحقيقية تكمن فى هذا النوع من البلهاء الذين لا يكترثون بحال المواطن».

ويتابع سلامة «أعتقد أن المسئول يجب أن يستمد وجوده من الشارع، وليس ممن أصدر قرار تعيينه، يجب أن يستمد قوته من المواطن، وليس من حماية بوليسية أو جهاز أمنى يدعمه، حين ذلك يجوز له التنظير، وحين ذلك أيضا لن يتطاول على الشارع أو على المواطنين».