كتب- رانيا قناوي:
في مواجهة المخطط الأمريكي لـ"اللعب بورقة الأكراد" ضد تركيا، هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالرد عسكريا في شمال العراق بحال تهددت مصالح بلاده جراء الاستفتاء الحاصل في إقليم كردستان، قائلا إنه قد يكرر تجربة تدخل القوات التركية في شمال سوريا التي قال إنه لن يسمح بقيام "دويلة" فيها تخضع لسيطرة قوى كردية.
ويخشى جيران العراق من انتقال عدوى الانفصال إلى سكانهم الأكراد، خاصة تركيا التي تتواجد بها أكبر أقلية كردية بالمنطقة، وهي تقاتل لإنهاء تمرد كردي في جنوبها الشرقي منذ عام 1984، في حين يعد الأكراد الإيرانيون قريبين ثقافيًا من أكراد العراق ويتحدثون اللغة الكردية ذاتها، كما أن طهران قريبة من الأحزاب السياسية الشيعية التي تحكم العراق أو تتولى مواقع أمنية أو حكومية مهمة منذ عام 2003، وتعصف بسوريا حرب أهلية يسعى فيها الأكراد لحكم ذاتي.
وقال أردوغان، في كلمة له الاثنين، نقلتها وسائل الإعلام التركية، إن منطقة شمال العراق تعيش فيها جماعات عربية وكلدانية وأيزيدية وتركمانية ولديها حقوق "ولا يجب أن تكون تحت سيطرة مجموعة واحدة تمارس مظالم جديدة".
وأكد أردوغان أن الاستفتاء غير قانوني وغير دستوري في العراق، وتعتبره تركيا غير شرعي ولم يتم أصلا، مضيفا: "أن وحدة العراق مهمة… قواتنا المسلحة على الحدود تقوم بما يجب، وقواتنا الجوية مستعدة والإيرانيون يقومون بما يجب.. خلال هذا الأسبوع سنتخذ تدابير سنكشف عنها وسنغلق المعابر فكيف ستتمكن إدارة شمال العراق من بيع ونقل النفط؟".
وأشار أردوغان إلى احتمال امتداد المشروع الكردي نحو شمال سوريا قائلا: "دولة في شمال سوريا تديرها وحدات حماية الشعب (الكردية) أو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي أضغاث أحلام لا يمكن أن تتحقق."
واعتبر أردوغان أن إسرائيل "هي الدولة الوحيدة التي تدعم ما يحدث في شمال العراق" مضيفا: "هذه الأمور بالنسبة إلينا مسألة حياة أو موت ولن نقبل بكيان آخر على حدودنا مع سوريا وقد نتدخل بأي لحظة وأي تهديد قد يأتينا من سوريا أو العراق فإننا سنرد عليه بكل الخيارات المطروحة.. إذا استدعى الأمر سنقوم في شمال العراق بما فعلناه في سوريا عندما طهرنا مارع وجرابلس".
توريط تركيا
ويطرح هذا التساؤل نفسه "هل يكون استفتاء كردستان هو الفخ الأمريكي لتوريط تركيا واستنزافها في حرب جديدة؟"، خاصة مع تصريحات الرئيس التركي بالرد على هذا الاستفتاء حال وجود أي تهديد، وهو ما يعني أن واشنطن أرادت إنهاك تركيا في الدخول مع الأكراد بحرب شرسة، في ظل تهديد الدولة التركية، بإقامة دولة كردية على حدودها.
ويعاني الجناح التركي جنوب البلاد من الفوضى، بالتزامن مع انشغالها في سوريا بالتعامل مع الأكراد السوريين ونظام «الأسد» وتنظيم الدولة الإسلامية والجهاديين الآخرين وإيران وروسيا.
وحذرت تركيا حكومة إقليم كردستان من استعدادها لإغلاق صادرات النفط إذا لم تلغ أربيل الاستفتاء.
ويشارك نحو 5 ملايين نسمة في مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد في شمال العراق في استفتاء غير ملزم على الاستقلال، الاثنين.
وسيجيب المشاركون في الاستفتاء بنعم أو لا على سؤال «هل تريد إقليم كردستان والمناطق الكردية خارج إدارة الإقليم أن تصبح دولة مستقلة؟"
من هم الأكراد
الأكراد هم أكبر مجموعة عرقية ظلت بلا دولة عندما قسمت بريطانيا وفرنسا، القوتان الاستعماريتان المنتصرتان في الحرب العالمية الأولى، الإمبراطورية العثمانية. وظل حوالي 30 مليون كردي بالمنطقة متناثرين في 4 دول هي العراق وإيران وتركيا وسوريا وعانوا جميعا الاضطهاد وكثيرا ما حرموا من الحق في التحدث بلغتهم.
وفي عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عانى الأكراد حملات لاقتلاعهم من مناطقهم ولهجوم بالأسلحة الكيماوية.
وينتج إقليم كردستان العراق نحو 650 ألف برميل نفط يوميا من حقوله بما في ذلك حوالي 150 ألف برميل من مناطق كركوك المتنازع عليها.
ويمثل إنتاج الإقليم 15 في المئة من إجمالي الإنتاج العراقي ونحو 0.7 في المئة من إنتاج النفط العالمي. وتطمح حكومة إقليم كردستان إلى إنتاج ما يربو على مليون برميل نفط يوميا بحلول عام 2020.
وتهيمن شركات نفط متوسطة الحجم مثل جينيل ودي.إن.أو وجلف كيستون ودانة غاز على إنتاج النفط في كردستان. ولدى شركات النفط الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل وروسنفت مشروعات أيضا في كردستان لكن أغلبها في المرحلة الاستكشافية. غير أن شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت أقرضت حكومة إقليم كردستان ما يزيد على مليار دولار بضمان مبيعات النفط وتلتزم بأربعة مليارات دولار إجمالاً لمشاريع مختلفة في كردستان. وأقرضت مؤسسات تجارية دولية، مثل فيتول وبيتراكو وترافيجورا وجلينكور، نحو ملياري دولار إجمالاً لكردستان بضمان مبيعات النفط. وقدمت تركيا أيضا 1.5 مليار دولار في المجمل دعما لأربيل في العامين الأخيرين.