الذكرى الــ564 لـ”فتح القسطنطينية”.. ضيق المحيط الآوروبي بسلطان العالمين

- ‎فيعربي ودولي

كتب أحمدي البنهاوي:

اتخذ الاحتفال الذي يقيمه الأتراك هذا العام للذكرى السنوية الـ564 لـ"فتح القسطنطينية" منحى عمليا، حيث تراصت 1453 شاحنة خلال أعمال بناء مطار إسطنبول الثالث الأكبر في العالم، ودخل استعراض الشاحنات، برقم قياسي في موسوعة جينيس للأرقام القياسية.

ويأتي احتفال الأتراك هذا العام، وقد حقق أردوغان في الاستفتاء الأخير على تعديل الدستور تفوقا أحزن المحيط الأوروبي المجاور، لا سيما في ألمانيا والشمال الأوروبي، كان شبيها بما حدث قبل 5 قرون و64 سنة، عندما فتح محمد الثاني عنوان الصليب ومنطلق هجماته على بلاد المسلمين.

المحتفلون الجدد
من جانبه اعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان، أن "فتح اسطنبول الذي يعد إحدى أهم نقاط التحول في تاريخ العالم، بالنظر إلى نتائجه السياسية والثقافية والاجتماعية، هو نصر مليئ بالعبر بالنسبة لنا وللإنسانية جمعاء".

وأضاف أردوغان -في رسالة نشرها- أن "اسطنبول، التي كانت منذ تأسيسها عاصمة لدول وثقافات مختلفة، تحولت إلى مركز للتسامح والتكافل والعيش بسلام جنبا إلى جنب، تحت الإدارة العادلة للسلطان محمد الفاتح".

واعتبر أن فتح اسطنبول، واحدًا من أروع الانتصارات في التاريخ.. وقال: "بهذه المناسبة أذكر بالرحمة والتعظيم السلطان محمد الفاتح الذي نال شرف الثناء من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تمكن وهو لا يزال في سن الـ21  من سنه، وأفراد جيشه الشجعان، من فتح اسطنبول".

وأضاف رئيس الوزراء بن علي يلدريم أن فتح اسطنبول "أعطى منحىً جديدًا للتاريخ العالمي بالنظر إلى نتائجه السياسية والثقافية والاجتماعية".

وقال: إن "القائد الكبير ورجل الدولة السلطان محمد الفاتح تمكن من فتح إسطنبول بعزيمته الصلبة وتحركاته العقلانية وحنكته العسكرية واستراتيجيته الناجحة".
وأشار في منشور صباح اليوم إلى أن "إسطنبول، أصبحت عاصمة الدولة العثمانية عقب الفتح، تحولت إلى مركز علمي وثقافي وفني لمختلف المعتقدات والثقافات في ظل الإدارة العادلة للسلطان محمد الفاتح".

سلطان العالمين
ولفت الناشط التركي حمزة تكين إلى أنه في صبيحة مثل هذا اليوم قبل 564 عامًا، كانت السفن تسير على اليابسة لا في البحر، وتم فتح القسطنطينية بقيادة السلطان العادل محمد الفاتح، عقب حصار دام 53 يوما.

فيما أشار المدون علي حسن إبراهيم الباحث في مؤسسة القدس الدولية إلى أن الفاتح أدرك الأهمية الاستراتيجية لاسطنبول وكان يعتقد بأنه يستطيع أن يحكم العالم بمجرد دخول أسطوله ميناء المدينة، وبالفعل فإن د.خليل اينالجيك يقول: "خلال ربع قرن من حياة الفاتح تجاوزت فتوحاتاه مجمل ما قام به أجداده العثمانيين".

ونبه إلى أن السلطان أو الفاتح استحق بعد مسيرته الحافلة أن يلقب بـ سلطان العالمين أي البلقان والأنضول وسلطان البحرين أي المتوسط والأسود".

الرجال الأربعة
وقال البحاث السعودي سعد الغامدي في سلسلة من الرسائل عن الذكرى أن "القسطنطينية كانت على موعد مع صاحب البشارة النبوية محمد الفاتح رضي الله عنه، الذي ادخر الله له الفتح بعد ثمانية قرون من البشارة النبوية، لافتا إلى أن آخرين غزوا القسطنطينية طلبا لشرف البشارة النبوية ومنهم "مسلمة بن عبدالملك" وبنى أول مسجد في الموضع المسمى "غلطة" أو"جلاطة".

وأشار إلى أن هناك 4 رجال كان لهم دور كبير في الفتح وهم: "محمد الفاتح"، و"آق شمس الدين"، و"ملا الكوراني"، و"حسن ألوباطلي".

وأضاف "محمد الفاتح ولد 833هـ، حفظ القرآن الكريم، وتكلم 8 لغات، وأتقن كتابة الشعر، وبرع في فنون القتال، وتربى وهو يسمع بمحاولة والده لفتح قسطنطينية، وتوقه لحيازة البشارة النبوية فكان أثر ذلك عليه عميقا، وكان العلماء الذين تعلم وتربى السلطان الفاتح على أيديهم يرسخون لديه أنه صاحب الفتح وأنه يجب أن يسعى إليه، ولما آل الحكم إلى محمد الفاتح كان همه الأكبر التجهيز لفتح قسطنطينية، وملك هذا الأمر عليه حواسه يقظة ومناما، وعرف الفاتح قوة وحصانة قسطنطينية لكنه لم يجعل للخوف مسلكا إلى نفسه وهو القائل: "التاريخ لا يصنعه الجبناء".

الفاتح المعنوي
ولفت الغامدي إلى وجود من أسماهم الفاتح المعنوي ومنهم: العالم الدمشقي محمد شمس الدين بن حمزة "اق شمس الدين" معلم محمد الفاتح، حيث تعلم محمد الفاتح من شيخه "آق شمس الدين" القران والسنة والفقه والفلك والرياضيات وبعض اللغات وأصول الحكم.

أما الفاتح المعنوي الثاني، فهو العالم الكردي أحمد بن إسماعيل الكوراني، وكان السلطان يهابه ولا يجلس بحضرته، رغم أن "الكوراني" كان يضرب الفاتح ضرب تأديب وتعليم في مقتبل عمره وحفظ القرآن الكريم على يده وتعلم تفسيره، وأن العالمان "شمس الدين" و"الكوراني" لازما محمد الفاتح إلى أن فتح قسطنطينية وكانا معه في جيشه يثبتانه ويوجهانه.

عاصمة الإسلام
وفي متاحف تركيا ما يزال السيف الذي كان يقاتل به السلطان محمد الفاتح خلال حصار القسطنطينية وفتحها في مثل هذا اليوم وهو يحمله موجودا، حيث شارك السلطان الفاتح في القتال ووضع الخطط وبناء القلاع والمتابعة المباشرة فجرى كل شيء تحت إشرافه، وأعد لذلك المدفع السلطاني وعبور السفن على اليابسة وبناء قلعة روملي والحصار الممتد وغيرها من أفكار السلطان الفاتح.

وفي مثل هذا اليوم صارت "أيا صوفيا" مسجدا بعد أن كانت من كبرى كنائس العالم، فرفع الأذان فيه 872350 مرة.

كما كانت القسطنطينية عاصمة إمبراطورية بيزنطه وقلعة الأرثوذكسية واليوم من كبرى عواصم الإسلام فيها 3113 مسجدا.

غير أن الفاتح لما وقف عند باب "أيا صوفيا" أخذ حفنة من تراب فذرها على رأسه؛ ليكسر زهوها بالنصر، ويتواضع لله جل وعلا، بعد أن استجاب الله دعاءه ليلة فتح القسطنطينية: "أمنيتي وأنا عبدك العاجز الذليل هي محاربة من لا يؤمن بك"

الكنائس آمنة
ومن أبرز مشاهد الفتح برأي "الغامدي" صورة المجاهد الشهيد أولوبطلي حسن -رحمه الله- رافع الراية اﻹسلامية فوق أسوار القسطنطينية، وابتهج المسلمون بالفتح العظيم وقرئت كتب الفتوح في الحرمين الشريفين والشام والعراق ومصر، وأرسلت الرسل لتهنئة الفاتح.

ورغم صور الانكسار التي أظهرت "الصليبي الأخير" إشارة إلى انهيار الروح الصليبية في الغرب نتيجة الفتح الإسلامي للقسطنطينية، عامل الفاتح النصارى بالرحمة، فأمّنهم وأعادهم لمنازلهم وأموالهم وأقرّهم على نصف كنائسهم وكفل لهم حرية الدين.